الراعي وعودة: الحرب هزيمة، والأسلحة لا تبني المستقبل

المدن - لبنان
الأحد   2024/10/13
عودة "مطلوب من القادة المسؤولين لعب دور وطني كبير وهو انتخاب رئيس بأسرع وقت" (الإنترنت)

دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال قداس الأحد الذي ترأسه في بكركي، إلى التمسك بأمل السلام ونبذ العنف، مشيرًا إلى أهمية الصلاة والصوم كأسلحة روحية لمواجهة "روح الشرّ الذي يغذّي الحروب". وفي عظته، استعرض الراعي معنى انتظار مجيء المسيح وشدّد على أهمية العيش في حالة التوبة والتصالح مع الله والذات. كما ألقى الضوء على معاناة شعوب الشرق الأوسط من ويلات الحرب والدمار، قائلاً: "الحرب هزيمة، والأسلحة لا تبني المستقبل بل تدمّره".

وتوجه الراعي بتحية خاصة إلى الوفد القادم من بلدة عين إبل الجنوبية، مذكّرًا بمعاناتهم نتيجة التهجير، ومعبرًا عن دعمه وتضامنه مع الصامدين منهم في قراهم. كما حيّا جمعية "كروس رود" التي تضمّ مصابي الحرب وذوي الاحتياجات الخاصة، مشيدًا بجهودهم في دعم بعضهم البعض لمواجهة التحديات الصحية والاجتماعية. وأضاف أن البابا فرنسيس وجّه مؤخرًا رسالة إلى مسيحيي الشرق الأوسط داعيًا فيها إلى السلام ونبذ الكراهية، وواصفًا الحروب التي تدور في المنطقة بأنها "دوامة من العنف وسط عجز الأسرة الدولية عن تحقيق السلام".
وأضاف نقلاً عن رسالة البابا: أفكِّر فيكم وأُصلِّي من أجلكم. قبل سنة اشتعلت شرارة الكراهية، ولم تنطفئ بل تفجَّرت في دوامة من العنف، وسط العجز المخزي في الأسرة الدّوليَّة والدّول الكبرى عن إسكات الأسلحة ووضع حدٍّ لمأساة الحرب. الدِّماء تسيل، والدُّموع أيضًا. الغضب يتزايد، ومعه الرَّغبة في الانتقام، ويبدو أنَّ لا أحد يهتمُّ بما يُفيدُ ويريده النَّاس: الحوار، والسَّلام. لن أتعب من التِّكرار والقول إنَّ الحرب هزيمة، وإنَّ الأسلحة لا تبني المستقبل بل تدمِّره، وإنَّ العنف لن يجلب أبدًا السَّلام. وأنتم، أيُّها الإخوة والأخوات في المسيح الَّذين تسكنون في الأماكن الَّتي تتكلَّم عليها الكتب المقدَّسة، أنتم قطيع صغير أعزَل، متعطِّش للسَّلام. شكرًا لكم على ما أنتم، شكرًا لأنَّكم تريدون البقاء في أراضيكم، شكرًا لأنَّكم تعرفون أن تصلُّوا وتحبُّوا رغم كلِّ شيء. أنتم بِذار أحبَّها الله، مغروسون في أراضيكم المقدَّسة.
وأكد الراعي على الحاجة الملحّة للتضامن العالمي، مخاطبًا المؤمنين بالقول: "الناس اليوم لا يجدون السلام، ونحن المسيحيين علينا ألّا نتعب من طلبه من الله". ودعا الجميع إلى تخصيص يوم للصلاة والصوم سعيًا إلى تحقيق المصالحة ووضع حدّ للعنف.

الحضور المسيحيّ في الشرق الأوسط
هذا وكانت قد أعلنت بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية، في بيان، أن البابا فرنسيس، استقبل أمس الجمعة في مكتبه في حاضرة الفاتيكان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان. خلال اللقاء، تناول البطريرك مع البابا بإسهاب الأوضاع الراهنة المقلقة في منطقة الشرق الأوسط بمختلف بلدانها، وأهمّية الحضور المسيحي فيها، وآفاق المستقبل، من الأراضي المقدسة وسوريا والعراق، وبشكل خاصّ لبنان والحرب الدائرة فيه، وأهمّية انتهائها بالوقف الفوري لإطلاق النار، وإحلال السلام، وكذلك ضرورة أن يعود المسؤولون إلى ضميرهم وحسّهم الوطني، وأن يبادر النواب إلى انتخاب رئيس للجمهورية بأقصى سرعة، فضلاً عمّا يعانيه هذا البلد - الرسالة من أزمة اقتصادية خانقة، ومن نزوح قسري نتيجة الحرب، ومن تفكُّك في مؤسّساته الدستورية.

عودة: انتخبوا الرئيس
من جهته، ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس، المطران إلياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس وسط بيروت. وبعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "إنّنا في زمن يجب علينا فيه التّرفّع عن التّحزّب الأعمى والتّعصّب والتزمّت، وكلّ ما من شأنه أن يُبعدنا عن أخينا الإنسان، والنّظر إلى الآخر على أنّه صورة لله الخالق. على أبناء الله الواحد أن يحبّوا بعضهم بعضًا، ويعتنوا ببعضهم، لأنّه سيُسألون عن ذلك أمام العرش الإلهي في يوم الدينونة الأخير".

وأشار إلى أنّ "العقيدة الوحيدة اللّازمة هي "المحبّة" الّتي تتولّد منها كلّ الخصال الحميدة. محبّة الله والقريب، ومحبّة الوطن الّذي شاءنا الله فيه، وعلينا المحافظة عليه كحدقة العين، وعدم التّفريط به"، مشدّدًا على أنّ "في هذه الظّروف المصيريّة، على اللّبنانيّين عامّةً والمسيحيّين منهم خاصّةً، والقادة المسؤولين بشكل أخص، الابتعاد عن المماحكات والتّرفّع عن الأنانيّة والمصلحة، والمبادرة الفوريّة إلى إنقاذ البلد، باتخاذ المبادرات النّافعة الّتي لا تخدم إلّا لبنان". وركّز المطران عودة على أنّ "عليهم مسؤوليّة وطنيّة كبيرة، ومطلوب منهم دور وطني كبير هو انتخاب رئيس بأسرع وقت، بالطّرق الدّيمقراطيّة وحسب ما يمليه الدّستور، ليحمل قضيّة لبنان وصوته إلى العالم، يفاوض باسمه ويدرأ عنه المخاطر"، موضحًا أنّ "انتخاب رئيس للبلاد ليس تفصيلًا في حياة الشعوب ومسيرة الأوطان، لأنّ الرّئيس هو قائد السّفينة وموجّهها".

ولفت إلى أنّ "لبنان بحاجة ماسّة إلى رئيس يعمل مع حكومة متجانسة على حماية لبنان ووقف القتال والتّدمير والتّهجير، واعتماد كلّ الوسائل الدّبلوماسيّة لبلوغ هذا الهدف"، متسائلًا: "أين حماة حقوق الإنسان؟ أين رافعو راية الإنسانيّة وأهميّة الحياة؟ أين الأمم كلّها لا يحرّكها موت البشر وتهجيرهم بالآلاف في لبنان وفلسطين وغيرهما من البلدان الّتي تفتك بها الحروب والمجازر؟" وختم: "في الأيّام العصيبة الّتي نعيشها اليوم، تزداد الحاجة إلى الشّهادة للحق، كما تزداد احتياجات النّاس إلى كلّ من الخيرات المادّيّة والدّعم الرّوحي. لذلك نحن مدعوّون إلى أن نشهد لمحبّة الرب يسوع المسيح الّذي هو الطّريق والحق والحياة، من خلال الأعمال الصّالحة الّتي تولد الأمان والطّمأنينة، وتعكس محبّة المسيح وسلامه للعالم أجمع، وتؤكّد أنّ الكلمة الّتي نبشّر بها هي صادقة".