رئيس حكومة سابق لـ"المدن": لـ"احتضان" الحزب لا الانقضاض عليه

منير الربيع
الجمعة   2024/10/11
اعتراضات لدى قوى المعارضة على مؤتمر "معراب" (الأرشيف)
ينقسم المشهد السياسي في لبنان بين نشاطين. نشاط تتقدّمه الحكومة التي تتمسك بالمطالبة بالقرار 1701، وهو ما تجهد في سبيل مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وفي الاتصالات الديبلوماسية المتعددة. ونشاط سياسي تتقدّمه قوى المعارضة وعلى رأسها القوات اللبنانية التي دعت إلى مؤتمر تحت عنوان إنقاذ لبنان، والذي سيتم خلاله البحث في تطبيق القرارات الدولية. هو المؤتمر الثاني الذي تنظمه القوات اللبنانية منذ الحرب على غزة ودخول لبنان في جبهة الإسناد.
كان المؤتمر الأول عنوانه تطبيق القرار 1701، وحينها شهد مقاطعة للعديد من القوى والشخصيات السياسية التي كانت تتحالف مع القوات. وفي حينها أيضاً تضاربت وجهات النظر والرؤى، وسجّلت اعتراضات على طريقة عمل القوات، التي لا تريد النقاش مع أحد، بل تريد فرض إملاءات سياسية عليهم.
حالياً، يتكرر المشهد نفسه وإن تغيّر العنوان، الذي يدور جدل حول إمكانية طرح تطبيق القرار 1559. 

بين مجموعتين
هناك اختلافات بين أفرقاء وقوى المعارضة، وكذلك هناك مقاطعات عديدة ستسجّل. كما أن القوات لم توجه دعوات لشخصيات قاطعوا المؤتمر السابق، ولا سيما من الشخصيات السنّية التي كانت تعتبر معراب أنهم حلفاؤها. ما أصبح معروفاً أن الحزب التقدمي الاشتراكي، التيار الوطني الحرّ، والكثير من الشخصيات السنية لن تشارك في هذا المؤتمر. خصوصاً أن هؤلاء يعتبرون أن القوات تحاول التماهي مع ضغوط وشروط خارجية لتغيير موازين القوى في لبنان، وأن ذلك يستعيد تجارب سيئة وسلبية من تاريخ لبنان. 
في هذا السياق يقول رئيس حكومة سابق لـ"المدن": "نحن نقع الآن بين مجموعتين، الأولى هي مجموعة لا تريد الاعتراف بأن هناك متغيرات كبيرة على المستوى الدولي والإقليمي والعسكري والميداني، وتعيش إنكاراً كبيراً لكل ما جرى. في مقابل مجموعة ثانية تسعى لأن تقتنص مكاسب سياسية جديدة، وتعتبر أن هناك فرصة للإطاحة بحزب الله أو إضعافه لتكريس وقائع جديدة أو لفرض رئيس جمهورية. ولكن كل هذا العمل لا يسهم بإيجاد حلّ. والحلّ يجب أن يكون مبنياً على فهم مدلولات المتغيرات، واحتضان بعضنا بعضاً، وليس الآن وقت التشفي وتصفية الحسابات". 

1701 لا 1559
يؤكد رئيس الحكومة السابق أنه "ينبغي التمسك بالقرار 1701، في مقابل تمسك إسرائيل بالقرار 1559، ويجب إقران الـ1701 باتفاق الطائف، الذي ينص على بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي الدولة اللبنانية، وبما أنه تم الاتفاق بين الأطراف اللبنانية على قيام الدولة القوية والقادرة والمبنية على أساس الوفاق الوطني، وتقوم حكومة الوفاق على وضع خطّة لبسط الدولة سلطتها وسيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية والسيطرة على كل الأسلحة. وهذا ما يصلح اليوم للوصول إلى تسوية شاملة تعيد بناء الدولة، بالاستناد إلى الشرعة الدستورية التي أقرها المجلس النيابي، والاتجاه نحو انتخاب رئيس للجمهورية". 
ويتساءل رئيس الحكومة السابق حول  الهدف من الحديث الداخلي عن القرار 1559؟ معتبراً أن ذلك سيؤدي إلى خلق المزيد من التشنجّ الداخلي.
في المقابل، تسجّل اعتراضات لدى قوى وشخصيات سياسية حول شكل المؤتمر، وهذا الاعتراض الثاني الذي يتم تسجيله من خلال توجيه دعوات للناس للذهاب إلى معراب. إذ بعض الاعتراضات تتركز على أن جعجع يريد تكريس نفسه كقائد للمعارضة وإلزام الناس بمواقفه، علماً أنه في عزّ أيام قوى الرابع عشر من آذار والتهديدات بالاغتيالات لم يكن أحد يمتلك أي قوة لدعوة الناس لتذهب إليه في مقّره أو منزله، وكانت الاجتماعات تعقد في أماكن عامة. ولماذا الاستعجال؟ يجب الهدوء، وهناك خطوة لعقد قمّة روحية مشابهة للقمة الروحية التي عقدت في العام 2006 خلال حرب تموز، ولا بد من عقد قمة مماثلة لتجاوز المخاطر الخارجية والداخلية والعمل على صياغة موقف وطني موحد. 

الإمام علي
ولدى سؤال هذا الرئيس السابق عن قراءته للتطورات ومجرياتها فيجيب مستعيناً بقول للإمام علي: "ما كل ما يعرف يقال، وما كل ما يقال جاء أوانه، وما كل ما جاء أوانه عرف رجاله". و"لذلك تجب العودة إلى القرار 1701 بكل مندرجاته". ويضيف: "لكل شيء إذا ما تمّ نقصان.. فلا يُغرّ بطيب العيش إنسان".
وما يقصده في القول هنا هو أن ما أصبح مقبولاً في لبنان اليوم هو ما كان يرفضه حزب الله سابقاً، فلا الحزب عرف اختيار التوقيت للدخول في التفاوض والوصول إلى اتفاق، ولا حتى حركة حماس عرفت ذلك، مشدداً على أنه من الخطأ التعاطي وكأن حزب الله قد انتهى ويجب الانقضاض عليه، لا بل يجب احتضانه وتلقيه على قاعدة العودة إلى الدولة بشروط الدولة".