باسيل يكسر "الصمت" المسيحي: لا لشروط الحزب وإيران

غادة حلاوي
الأربعاء   2024/10/09
سيتواصل باسيل مع سفراء الدول الغربية والعربية (مجلس النواب)
توقفت المبادرات الخارجية باتجاه لبنان. اتصالات الدعم والمؤازرة، التي تنهال على رئيسي مجلس النواب والحكومة، لم تترجم إلى وقائع. مصر التي وعدت السعي مع دول القرار، لتأمين وقف لإطلاق النار، لم تترجم نواياها إلى خطوات عملية. يلمس القريبون من موقع القرار أن لبنان ترك لقدره. لكأن المطلوب أن تستكمل إسرائيل عدوانها، تحت عنوان القضاء على حزب الله، لتتحرك بعدها الاتصالات الجدية. كان اللافت أن النداء الذي صدر عن الاجتماع الثلاثي في عين التينة (برّي، ميقاتي، جنبلاط)، لم يستكمل طريقه نحو البلورة العملية. قبل أن يصطدم بغض طرف دول القرار، وأولها الولايات المتحدة الأميركية. كانت الضربة القاضية من وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، الذي نسف في مؤتمره الصحافي في السراي الحكومي وعين التينة، كل الأجواء الإيجابية، التي أكد عليها خلال الاجتماع المغلق مع رئيسي المجلس والحكومة. كان عراقجي واضحا، قال بصراحة لميقاتي وكرر على مسامع بري، لا فصل لجبهة الجنوب عن غزة.

لاحقا أتت الضربة الثانية، قال حزب الله على لسان نائب أمينه العام، الشيخ نعيم قاسم، والذي جيّر دور المفاوض إلى بري، بأن لا مفاوضات إلا بعد وقف النار، وبعدها يستعد حزب الله لبحث كل الملفات، في إشارة إلى تأجيل البحث في أي ملف الى حين انتهاء الحرب.

بيان ولد ميتا

كانت العقبات الداخلية  للبيان الثلاثي أكثر تعقيداً. وضع في إطاره كلقاء إسلامي ولو التقت بنوده مع مطالب المسيحيين، لاسيما من بينها تنفيذ القرار 1701 وانتخاب رئيس للجمهورية. المفارقة، ان بكركي، التي قصدها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لم تعلن تبنيها لبنود البيان الثلاثي، ولا علقت عليه، لكأنها كانت على غير علم ومعرفة به. لا يُلاقي المسيحيون البيان الثلاثي. هالهم الاصطفاف الإسلامي أكثر من المضمون، وان كانت تلتقي مع توجهاتهم.

ومقابل الإصطفاف الإسلامي، كان من البديهي، أن يخرج اصفاف بالمقابل من قبل المسيحيين يزكيه غياب رئيس للجمهورية. وضمن هذا السياق يمكن فهم ما صدر عن بيان تكتل لبنان القوي، أمس الأول، والذي تضمن عملياً، ما ورد في بيان الثلاثي ولكن مع تفاصيل أوسع. وقد ورد في سياق مبادرة ينوي رئيس التيار جبران باسيل، بلورتها بعد التباحث مع الجهات المعنية.

في بيانه جدد التكتل "المطالبة بوقف فعلي لإطلاق النار، داعيًا الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والدول الفاعلة إلى تحمّل مسؤولياتها بهذا الشأن، لضمان حماية لبنان". أعدّ التكتل خطة تحرك دبلوماسي سيقوم بها رئيسه ونوابه. وعُلم أن باسيل سيتواصل مع سفراء الدول الغربية والعربية، طلباً لمساعدة لبنان في هذا الخصوص، خصوصا وان مضمون هذا المطلب ورد في بيان اللقاء الثلاثي، بما يعكس اجماعاً لبنانياً حوله.

جس نبض رئاسي

وفي ما يتصل برئاسة الجمهورية، فالتيار بصدد التحرك نيابياً للترويج لاقتراح عمل على بلورته، ومفاده اختيار عشرة أسماء لمرشحين للرئاسة، واستمزاج رأي الكتل النيابية بخصوصها. يلتقي باسيل مع النائب السابق وليد جنبلاط برفضه "ربط الرئاسة بوقف إطلاق النار أو غيره من الشروط المرفوضة."

ستظهر مبادرة التيار الجديدة، على أنها اصفافاً مسيحياً في مقابل الاصطفاف الإسلامي، الذي عكسه اللقاء الثلاثي في عين التينة. تظهر انتفاء التناغم بين التيار وحزب الله، في مسألتي رئاسة الجمهورية وفصل الجنوب عن غزة.

تقول مصادر التيار "إن التحرك الإسلامي أعلن موافقته على انتخاب رئيس للجمهورية وطالب بوقف النار، وما يرمي اليه باسيل، هو الترويج لهذين المطلبين في الأروقة الديبلوماسية، والبحث عن إمكانية الضغط على إسرائيل لوقف الحرب. وفي ما يتعلق برئاسة الجمهورية، سيعمل التيار على استمزاج آراء النواب حول مجموعة من الأسماء المرشحة للرئاسة، مما يوسع هامش الخيارات، وبالتالي لا بد ان يتوافر الإجماع على مرشح توافقي".

رفض لموقف إيران

ترفض مصادر التيار تفسير التحرك على أنه يتناقض وبيان الثلاثي. لكن المشكلة، بحسبها، "ان هذا البيان جاء من يجبر أحد أطرافه على التراجع عنه، فتراجع التداول به". والمقصود بالجملة الأخيرة، تصويب التيار الوطني نحو وزير خارجية إيران، الذي فرمل، بزيارته الأخيرة، أي مسعى رئاسي او مطالبة بوقف النار ما لم توقف إسرائيل حربها على غزة. قوبل كلام عراقجي بأصداء سلبية في الأروقة المسيحية، وقد أتى في وقت تفتح  فيه الكنائس والأديرة أبوابها لاحتضان النازحين من الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية.

بطرحه الجديد، أمس، أظهر التيار خلافه السياسي مع حزب الله. يستمر في رفضه التعاطي مع لبنان انطلاقا من مبدأ وحدة الساحات، ويعلن ولو بشكل غير مباشر، عدم التزامه بمضمون ما قاله نائب الأمين العام لحزب الله، لناحية ربط لبنان بحرب غزة، وترحيل انتخاب الرئيس الى ما بعد وقف الحرب. محاولة جديدة بنكهة مسيحية، تضاف الى جملة المبادرات التي سبقت ولكن مع فارق أنها أتت ردا على الرفض الإيراني لأي بحث خارج وقف النار في غزة.