حزب الله بعد الانتخابات: السيطرة التامة والسلطة كلها

منير الربيع
السبت   2022/03/19
للسيطرة على مجلسي الوزراء والنواب (مصطفى جمال الدين)
يتفرّج حزب الله على الصراع القضائي المصرفي ويستفيد منه. والحرب المفتوحة على المصارف، إن لم تؤد إلى نتيجة سريعة حاليًا، تظل أهدافها بعيدة المدى. وهي لا تقتصر على الإطاحة بالانتخابات النيابية، بل تتعداها إلى ما هو أكبر بكثير: وضع البلاد بعد الانتخابات إذا جرت، وضرب القطاع المصرفي وإعادة تركيبه من جديد، كما هي الحال في مؤسسات الدولة وإداراتها كلها.

وحاليًا يسعى الجميع إلى البحث عن تسوية، يتولى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بالتعاون مع وزير العدل والفرنسيين والأميركيين، مهمة الوصول إليها لتمرير المرحلة. والراهن أن القطاع المصرفي في حال تدهور كبير ومستمر، والقضاء هو الأكثر تضررًا وتشظيًا نتيجة ما يحدث.

حليف "الحزب" وطالب وده 
والحرب المفتوحة على أبواب الانتخابات النيابية، توضح أن رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه أصبحوا هم الثورة الهادفة لضرب المصارف وفق حسابات شعبوية وانتخابية من جهة، وحسابات محاسبية وسياسية من جهة أخرى. ويستند رئيس الجمهورية في هذه الحرب على قنواته المفتوحة مع الأميركيين، بناءً على ملف ترسيم الحدود لتسوية أوضاعه وأوضاع باسيل. وهو يعلم أن الأمر يحتاج إلى وقت طويل يمتد إلى ما بعد الانتخابات.

لذا أصبحت استراتيجية عون واضحة، في ملف المصارف والترسيم. واستراتيجية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واضحة أيضًا في المقابل: تسويات وترتيب ملفات مع الفرنسيين والأميركيين، والحفاظ على علاقته برئيس الجمهورية وفريقه، واضعًا في رأس حساباته العودة إلى رئاسة الحكومة، وعدم استفزاز حزب الله ولا تيار المستقبل. وهذا ما يقوم به في الحكومة وفي اللائحة التي سيشكلها في طرابلس، ممعنًا في المناورة على الجميع في عدم تبنيه أي مرشح.

حزب الغالبية والسيطرة 
وحده حزب الله يبدو صاحب استراتيجية واضحة. والنظرية القائلة إنه لا يسعي إلى السيطرة على الأكثرية وعلى الحياة السياسية في لبنان، غير صحيحة. فسلوك حزب الله السياسي يوحي بأنه يريد امتلاك الغالبية والسيطرة على البلد. وهو استفاد سابقًا من هوان خصومه وحاجتهم إليه في لعبة المواقع، فنجح بتحميلهم مسؤولية الموبقات كلها. وحاليًا يريد الفوز بالغالبية النيابية، بإنجاحه حلفائه وحصوله على كتل نيابية واسعة، لفرض ما يريد. وتفيد المؤشرات أن خطة حزب الله هدفها الفوز بأكبر عدد من النواب ليتمكن من اتخاذ القرارات التي يريدها.

بعد حرب تموز كان هناك كتلة وزارية معارضة للحزب إياه، وسعت إلى أن تفرض على وزرائه الموافقة على خيارات وقرارات لا يمكن لحزبهم الموافقة عليها: القرار 1559 و1701 وغيرها. ومنذ تلك اللحظة فكر حزب الله في الانقلاب وقلب الطاولة: سحب وزرائه أو استقالتهم من الحكومة.

وعقد الحزب حينها سلسلة اجتماعات تقييمية خلصت إلى أن يكون مقررًا أساسيًا في المجريات السياسية، وبدأت خطوته الأولى باعتصام جمهوره في وسط بيروت، والمطالبة بإسقاط الحكومة والحصول على الثلث المعطل.

ما بعد الانتخابات 
واليوم هناك نقاش داخلي في حزب الله يتعلق بمرحلة ما بعد الانتخابات، ويتركز على ضرورة تحصيل نصف زائد واحد من مقاعد البرلمان في الحد الأدنى، على أن تكون مهمة هذه الأكثرية النيابية أن تقرر ما تريد وتنجح في إقراره في المجلس النيابي، على أساس أكثرية نيابية متنوعة.

فإذا أراد حزب الله أن يذهب إلى التفاوض مع روسيا وإقرار قوانين تتعلق بالشراكة مع موسكو، مثلًا، يكون قادرًا على تحقيق ذلك في مجلسي الوزراء والنواب. وهو يراهن على أن نجاح طهران في إبرام الاتفاق مع واشنطن، يشكل عنصرًا مسهلًا لتحقيق ما يريد.