نصرالله يدشّن "العداء" اللبناني السعودي.. ويصادر حكومة الحريري
السعودية أولاً..
وهو اتهم ولي العهد محمد بن سلمان بالتحريض على اغتياله، ومطالبة ترامب بتنفيذ عملية الاغتيال، على أن تنفذها إسرائيل، تتكفل المملكة بتكاليف العملية. ثم أكد نصرالله حسن علاقة حزبه بسعد الحريري، وأن التعاون جيد وإيجابي بينهما.
وجاء هجومه العنيف على السعودية، علماً أنها لم تطبع علاقاتها مع إسرائيل. وفي السياق حاول التمييز بين الموقفين السعودي والإماراتي والفصل بينهما، وخصوصاً من بوابة الملف السوري، مع إشارته إلى أن الإمارات طبّعت علاقاتها مع إسرائيل.
كل ما أراده نصر الله، هو اتهام السعودية بضلوعها بأي تطور قد يحصل في المنطقة: سواء أتعلق باغتياله شخصياً، أو بتنفيذ عمليات أمنية ضد حزبه ومواقعه وصواريخه الدقيقة، أو ضد إيران.
حتى في اتهامه بن سلمان بأنه حرّض على اغتياله، وضع نصر الله شخصه هدفاً سعودياً لا أميركياً - إسرائيلياً في الأساس. وهذا يكاد يكون من أخطر ما يريد إشاعته في تصويبه على السعودية واتهامها بكل ما يجري في المنطقة. وكأن السعودية هي إسرائيل، بل تريد فوق ما تريده إسرائيل وأميركا، أو كأن هاتين الأخيرتين طوع بنانها.
إيران-أميركا
يصوّب هذا الكلام على أهداف مختلفة ومتعددة: شد العصب الطائفي والمذهبي. اللعب على وتر العرب المعارضين للسعودية وتقريبهم من إيران. الادعاء بأن مشكلة إيران مع العالم والغرب والخارج، هي مشكلة سعودية لا مشكلة بنيوية.
وعلى الرغم من أن الخطاب الإيراني المعلن مختلف جذرياً عن هذا المضمون، أيديولوجياً، فإن تكثيف استهداف السعودية يأتي على مشارف تسلم جو بايدن للرئاسة الأميركية، ورهان إيران على تخفيف الضغوط الأميركية عليها، وتحسين علاقاتها مع واشنطن. وهذا في مقابل اعتبار أن السعودية في مرحلة صعبة سياسياً وديبلوماسياً، وعلاقتها بالولايات المتحدة مرشحة لأن تسوء، وبإمكان حزب الله وإيران الاستثمار في ذلك لاستهدافها أكثر فأكثر.
ويمثل خطاب نصرالله مقدمة لتحميل السعودية مسؤولية أي ضربة قد يتعرض لها حزب الله أو إيران. وهذا تبرير استباقي للإيرانيين الذين يردون على الاستهدافات الأميركية والإسرائيلية لمنشآتهم ومسؤوليهم ومواقعهم، باستهداف السعودية ومصالحها. على غرار ما حصل أكثر من مرة في الخليج باستهداف منشآت النفط التابعة لشركة آرامكو وغيرها.
ذلك أن إيران تعتبر أن الرد على السعودية يمثل هدفاً استراتيجياً لها، وخصوصاً أنها تتجنب الرد على الأميركيين والإسرائيليين خوفاً من رد فعلهم.
حرق الحريري..
وينسحب هجوم نصر الله على السعودية على الداخل اللبناني، وملفاته المعقدة والشائكة. فهو الذي كرر مواقف سابقة حول التوجه شرقاً لتجنّب المصاعب الاقتصادية، لأنه يعلم أن لبنان لن يحصل على أية مساعدات خارجية. فالمساعدات ترتبط حكماً بالقرار الخليجي والسعودي تحديداً. وهذا قرار لن يوفر أي مساعدة جدية للبنان في ظل السياسة القائمة، خصوصاً أن بن سلمان لا يبدي اهتماماً بالملف اللبناني حالياً، وسط قناعة سعودية أن لبنان هو الخاسر وليست السعودية هي الخاسرة.
ولكن لا بد لهذا الكلام أن ينعكس مزيداً من الاستصعاء السياسي وليس الاقتصادي فحسب. وخصوصاً ان نصرالله تحدث عن العلاقة الجيدة مع سعد الحريري والتعاون المشترك بينهما. وهذا يصعب على الحريري مهمته في تشكيل الحكومة، أو الاعتراف بحكومته في حال شكّلها. فاتهامات نصر الله للسعودية، وإصرار حزب الله على المشاركة في حكومة الحريري، هي عوامل معرقلة لمهمة الحريري، ولتسويق حكومته أمام المجتمع الدولي ودول الخليج.
لذا سيكون الحريري أمام خيارين: إما اختيار الحكومة وخسارة السعودية، أو العكس. ولدى الدخول إلى التفاصيل الحكومية، كان واضحاً أن نصر الله يستبعد تشكيل الحكومة، معتبراً أن هناك عقبات أخرى غير ظاهرة أمام محاولة تشكيلها. وهي عقبات تتعلق بضرورة الاتفاق على حجمها وعدد وزرائها، وإرضاء بعض حلفاء حزب الله الذين ينتقدون الحكومة المصغرة.