بايدن لن ينقذ لبنان: أيصحح أخطاء أوباما سورياً وإيرانياً؟
بايدن وإيران
التصور العام القائم منذ ما قبل الانتخابات، يرتكز على أن حزب الله هو الفائز الأكبر في حال فوز بايدن، لأن الرئيس الديموقراطي الجديد، هو صانع الاتفاق النووي مع إيران، ويرغب في العودة إليه. وهو من أقرب المقربين إلى باراك أوباما، الذي كان مهووساً بالاتفاق النووي، وضحى بالكثير في سبيل إبرامه. وهذا ما أدى إلى تحقيق إيران سطوة هائلة في منطقة الشرق الأوسط، من سوريا إلى العراق واليمن.
حسابات حزب الله
في الملفات اللبنانية التفصيلية، كان حزب الله قد استبق الانتخابات الأميركية وحددّ شروطه، سواء المتعلقة بتشكيل الحكومة أو بالتعاطي مع صندوق النقد الدولي. وفي حال عاد ترامب سيبقى على شروطه، مع إمكان انفتاحه على خيارات التهدئة وترتيب العلاقات السياسية اللبنانية، بما يتلاءم مع العودة إلى ما قبل 17 تشرين. وهذا ينسحب على ملفات كثيرة، في مقابل تقديم تنازلات معينة، على غرار ما حصل في ملف ترسيم الحدود. وقد يضطر إلى تقديم تنازلات في مسائل أخرى، على وقع سلوك إدارة ترمب طريق التفاوض مع إيران، في حال عودته إلى البيت الأبيض.
وينظر حزب الله وإيران إلى فوز بايدن، بأنه مجال جديد ليتنفسا الصعداء، مقتنعين بأن الضغوط ستخف، وسينتهج الديموقراطيون سياسة واقعية مع طهران، تحيي الاتفاق النووي.
ولكن الأكيد أن بايدن يحتاج إلى 6 أشهر لتركيب فريق عمله، واختيار وزير خارجيته. والثابت الوحيد من المكلفين بالملف اللبناني البارزين هو ديفيد هيل. وبمغادرة ترامب، يغادر ديفيد شينكر، ويبقى هيل ابن المؤسسة، والواقعي الذي لديه انفتاح على القوى كلها في لبنان.
تصحيح أخطاء أوباما
لكن بايدن لا يمكنه العمل على تغيير السياسة التي أرساها ترامب تغييراً جذرياً. لذا، لن تتوقف سياسة العقوبات، لكنها قد تخفت نسبياً. وهذا ينطبق على احتمال ذهاب واشنطن وطهران إلى مفاوضات، وعلى عملية ترسيم الحدود وما يرتبط بها.
تبقى هناك فوارق أساسية: يهدف ترامب إلى وقف المساهمة الأميركية في تمويل قوات اليونيفيل، وتنفيذ ضربات عسكرية تستهدف مواقع، للحصول على تنازلات، أو استخدام سياسة الضغوط القصوى وسياسة حافة الهاوية لإجبار إيران على تقديم تنازلات. أما سلوك بايدن فمختلف على الصعيد الإقليمي، وستحاول إيران استثماره لبنانياً.
قانون قيصر هو قانون ديموقراطي في الأساس. لذا لا يمكن الرهان على وقفه. لا، بل سيستمر تطبيقه. وهذا إحدى أدوات الديموقراطيين في تفعيل الضغوط على إيران والنظام السوري وكل من يتعاون معه.
كذلك هناك مسألة أساسية لدى الديموقراطيين تجسدها كتب كثيرة صدرت عن معاوني أوباما وفريق عمله، تتحدث عن الأخطاء الأميركية التي ارتكبت في سوريا بسبب الاتفاق النووي. هذا النوع من الأخطاء يحتاج إلى تصحيح. وتصحيحه لا يمكن أن يكون إلا بانتهاج سياسة مغايرة للسياسة الأوبامية.
لذا، من المبكر الحديث عن تغيّر جوهري في السياسة الأميركية في المنطقة وتجاه لبنان تحديداً، بغض النظر عن الرجل الذي سيكون في البيت الأبيض. هناك مؤسسة حاول ترامب مراراً أن يتفلت من حدودها، لكنها تمكّنت نسبياً من لجمه وتكبيله. والمؤسسة هذه هي التي تكون مصنع السياسة الخارجية الأميركية.
فالاتفاق النووي لم يكن بمقدور ترامب أن يخرج منه لمجرّد أنه يريد ذلك، ولو لم تكن فيه شوائب كثيرة رأها الأميركيون. ولا يمكن أن يغيب عن بال الأميركيين مشهد جنودهم على إحدى البوارج العسكرية في الخليج، وهم يضعون أيديهم فوق رؤوسهم تحت بنادق الحرس الثوري الإيراني. هذه العوامل دفعت المؤسسة وترامب إلى الخروج من الاتفاق. والعودة إليه لا يمكن أن تكون على الشكل الذي كان عليه سابقاً.
قطار التطبيع
وقطار التطبيع العربي إسرائيل لن يتوقف. وهذا ما سيكون له التأثير الأكبر على كل الملفات التي ترتبط بلبنان وبسوريا، خصوصاً المساعدات والمفاوضات مع صندوق النقد، وتحسين العلاقات العربية والدولية مع لبنان، وتخفيف العقوبات عليه.
وهذه الأمور كلها ستكون مرتبطة لبنانياً بالاتفاق على استراتيجية دفاعية، وتطبيق شروط صندوق النقد الدولي، وتعزيز عمل قوات اليونيفيل، وربما بتغيير على المدى البعيد يطال بنية النظام اللبناني وتركيبته السياسية والدستورية.