أبناء الحدت وسكانها: الواقع يختلف عن مواقف رئيس البلدية
من الطبيعي أن لا يعبّر أحد من السكان عن رفض استثمار المسلمين في الحدت. فـ"معظمهم يبيعون ويؤجّرون منازل وممتلكات للمسلمين، رغم أن البلدية تفضّل غير ذلك"، كما يقول أحد الفاعلين في البلدة، الذي رفض التصريح عن إسمه. ويقول أحد أصحاب المحال، الذي يعرض محلّه للإستثمار، إن "هذا المحل للبيع وسأبيعه لأي كان، مسيحياً أو مسلماً، رغم أنني أعلم أن البلدية لا تريد أن تبيع للمسلمين، وهي أدرى بما تفعله".
يعلم أهالي الحدت أن قصة إغلاق محل القمار، الذي استثمره أحد الشيعة، لا تقف عند طائفة الأخير فحسب، بل هي قضية نفوذ أيضاً، خصوصاً أن المستثمر لم يحصل على موافقة البلدية. لكن "البلدية لا يمكنها أن تمنع، بل يمكنها أن تدفع في اتجاه عدم البيع، وتتمنى علينا ألا نبيع للمسلمين"، كما يقول أحد المستثمرين العقاريين في البلدة الذي رفض التصريح عن إسمه أيضاً. يضيف: "عقارياً نحو 60% من الحدت يملكها شيعة، وممتلكات وسط البلدة التي تشكل نحو 40% يملكها مسيحيون، رغم ذلك هناك نحو 400 إلى 500 شقة يقطنها مسلمون في الوسط، وكل يوم نجد مستأجرين وملاكاً شيعة جدداً". ما يعني أن "الشغل ماشي"، والأهالي يهتمون بمصلحتهم بعيداً من الطائفية، في حين أن البلدية تدفع باتجاه مصالحها السياسية، وهي لا تستطيع فعل كل ما تفعله لولا رضا الأحزاب الشيعية.
"الصراعات التي تحصل هي صراعات بين البلدية والذين يجيئون من المسلمين. ولم يحصل أبداً أن أحداً من السكان ذهب إلى البلدية واشتكى ضد مسلم جديد جاء ليشتري أو يستأجر. وحتى قصص قطع المياه عن المسلمين المستأجرين يتم تجاوزها عادة عبر شراء المياه من تاجر مياه مسيحي"، يقول أحد أصحاب المحال التجارية في وسط البلدة. هكذا، من تفاصيل كلامهم وتعاملهم مع المسلمين في البلدة، يبدو أن مسيحيي الحدت لا يوافقون على شروط البلدية، لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون التحدث علناً ضدّها. ومن يدعم الرئيس علناً في تصرفاته، على قاعدة "شو ما بدو سيادتو بنعمل"، هم معظمهم من العونيين المتشددين.
لكن كيف يعلّق مسلمو الحدت على ما يحصل؟
يبدو أن النقاش في المسألة بين الشيعة أسهل، خصوصاً أن الحديث عن "خطر طائفتك على الطوائف الأخرى أسهل من الحديث عن خطر الطوائف الأخرى على طائفتك". "منذ عشرات السنوات هناك شيعة في الحدت. والمسيحيون فيها معتادون على جيرتنا ولدينا علاقات عائلية وتجارية معهم لا يمكن للبلدية أن تقطعها"، يقول سائق سيّارة عمومية مسلم يقطن في المنطقة. لكن، لا يبدو أن الشيعة ممتعضون مما يحصل، فـ"لولا القرار السياسي لا يحصل شيء"، يقول أحد روّاد المقاهي القريبة من مستشفى السان تيريز.