الفاتيكان لم يعد يعوّل على دور بكركي

كبريال مراد
السبت   2015/10/24
يجد الفاتيكان نفسه في دور المبادر لا المنتظر

 يقول وزير سابق من زوار الفاتيكان أخيراً انه لم يلمس أملاً  بامكان حدوث خرق قريب. يشرح الوزير المعني القريب من دوائر الفاتيكان والصرح البطريركي في بكركي على حد سواء، إنه واذا كانت قدرة المرجعيات السياسية مرتبطة في مكان ما باللعبة الداخلية ومروحتها الخارجية الاوسع، فاللافت على حدّ قوله ما سمعه خلال لقاءاته بعدم تعويل الكرسي الرسولي على قدرة المرجعيات الروحية المسيحية على كسر الجمود الذي تعيشه الساحة اللبنانية في الامد المنظور.

جاء ذلك بعد التقرير الذي وضعه الموفد الفاتيكاني الكاردينال دومينيك مومبرتي الذي حلّ بادىء الامر ضيفاً على لبنان في حزيران الماضي، للمشاركة في اليوبيل الكهنوتي الخمسين لراعي ابرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر، لتتحوّل زيارة وزير خارجية حاضرة الفاتيكان السابق مناسبة لعقد لقاءات سياسية وروحية عديدة، شملت مروحة واسعة من المسؤولين والفاعلين على الساحة اللبنانية.

 
تقول اوساط كنسية ل"المدن" إن الموفد البابوي كان مصغياً اكثر منه متحدّثاً، يدوّن على دفتره الخاص الملاحظات عقب كل زيارة، وهو المعروف بطبعه الديبلوماسي وإلمامه بالعديد من الملفات، إن في منطقة الشرق الأوسط او العالم.

 
في الآونة الأخيرة، تصاعد الحديث في هذا السياق عن ان زوار الفاتيكان اللبنانيين الروحيين والديبلوماسيين وفي موازاة استماعهم الى المخاوف من تطورات المنطقة واوضاع المسيحيين فيها وفي لبنان تحديداً، لم يسمعوا ما يمكن البناء عليه لناحية دور الكنيسة اللبنانية على هذا الصعيد، ولاسيما بكركي لما تمثله من ثقل في التركيبة اللبنانية والمشرقية.

 
لذلك، تشير المعلومات الى أن الفاتيكان انتقل من ما يمكن وصفه "بفترة السماح" للمرجعية الروحية اللبنانية بمحاولة لعب دور ما يسهم في خدمة مسار انهاء الشغور الرئاسي، الى مرحلة الامساك بنفسه بهذا الملف، من خلال ما له من تأثير ونصح وتوجيه محلياً واقليمياً ودولياً.

 
الإشارة الابرز في التقرير على هذا الصعيد تمثّلت بالحديث عن "تغييب دور بكركي على مستوى القرار الوطني المسيحي أمام تقدّم واضح للقادة الموارنة الذين يتخطّونها بسبب غياب الموقف والرؤية والحزم ...ما أفقدَ المسيحيين دورهم الفاعل وحضورهم المميّز على المستوى الوطني العام". لذا وجد الفاتيكان نفسه في موقع المبادر لا المنتظر، حتى لا تزداد الهوّة، وتكبر المأساة.

 
في المقابل، تقول اوساط بكركي ل"المدن" أن الكنيسة المارونية "تلعب دورها على أكمل وجه من خلال التواصل مع مختلف الافرقاء المحليين وتحفيزهم، ولكنها في كل الاحوال ليست من يقرر عنهم بل من يوجههم اذا طلبوا النصح. اما في حال اصروا على آرائهم، فليس لها سوى الصلاة ليعودوا الى رشدهم".

 
بناء على ما تقدّم، فالسؤال الذي يطرح في ضوء ما سبق هو عن الانعكاسات المباشرة على الواقع اللبناني. وفي هذا السياق، يشير المطّلعون على اجواء الاتصالات على خط بكركي-الفاتيكان، والتي لم تنقطع في اي لحظة، الى أن لا فترة زمنية واضحة حتى الآن لانهاء الحالة اللبنانية بمؤسساتها العرجاء، لذا لا بديل عن مواصلة المساعي لتأمين التلاقي بين اللبنانيين على اساس الدستور ومقتضيات الشراكة".