هل ينسحب حزب الله من سورية؟
هناك اخبار كثيرة تقول إن حزب الله يدرس انسحابه من سورية ، بل ان هناك من يقول : إن الانسحاب تقرر وانتهى أمره ، وإن الحزب لديه خيارات اخرى غير ابقاء قواته في الحفرة التي اخذ ترابها ينهال عليه ، بينما تتكاثر اعداد قتلاه وتتابع مؤشرات تؤكد أنه دخل إلى ما سبق أن حذرناه مرارا وتكرارا منه: الفخ السوري القاتل ، الذي تتخطى مستلزمات الانخراط المسلح إلى جانب النظام فيه قدرات حزب الله، وتتجاوز مواهبه السياسية والقتالية ، لذلك اعتقدنا أنه لن يخرج منه كما دخل إليه ، هذا إن كان سيخرج منه حقا .
ثمة علامات يجب أن تكون مقلقة بالنسبة إلى الحزب ، الذي طبل وزمر لانتصاره في القلمون واحتفل به بتوزيع الحلوى في شارع الضاحية والبقاع، واعلمنا انه حققه بمفرده ، بقواته دون غيرها ، ونشر لنا أشرطة فيديو تظهر بعض عساكره وهم يصفون كيف كانوا يتقدمون إلى يبرود على جثث شهداء الجيش الحر ، الذين إما فروا أمامهم أو عجزوا عن مواجهتهم.
واليوم ، وأنا اتمنى ان يسحب الحزب قواته من سورية دون أن اكون على قناعة بأن ذلك سيحدث ، أود التذكير بحقيقة تفقأ العين هي أن جبهة النصرة وداعش ما كانتا لتصلا إلى عرسال ، وتقوما باحتلالها والسيطرة على معظم التلال المحيطة بها طيلة ايام ، لو كان حزب الله في وضع عسكري قوي في القلمون ، فعرسال هي بوابته اللبنانية ، ومن يسيطر عليها لا يسمح لاية قوة معادية بالوصول إليها، خاصة وانه دخل سورية بذريعة رد التكفيريين عن لبنان ، ومقاتلتهم خارجه كي لا يدخلوا إليه ويقاتلهم داخله ، فإذا بغزوه الاراضي السورية وقتله المدنيين والآمنين في القرى والبلدات والمدن التي شارك في اقتحامها يستفز القوى المقاتلة التي ادعى انه صفاها وانتهى منها ، ويغريها بتحديه في عقر داره عبر اقتحام بلدة تقع في منطقة محسوبة عليه . هذه الواقعة التي لا يمكن لاحد من مسوغي سياسات الحزب إنكارها ، لا علاقة لها بما إذا كان المرء يوافق على دخول الجبهة وداعش إلى لبنان أو يعارضه ، فقد كان اتحاد الديمقراطيين السوريين ، الذي انا عضو فيه ، ضد هذا الدخول وأصدر بيانا طالب فيه بانسحاب المسلحين الفوري من أراضي البلد الشقيق والكف عن مقاتلة جيشه، وبعدم إيذاء اي مواطن فيه ، لكنني لا استطيع مع ذلك قراءة ما حدث بمعزل عن حرب حزب الله ضد سورية وشعبها المظلوم .
هل لعبت عرسال دورا في قرار الحزب بالانسحاب من سورية ، ان كان هناك حقا مثل هذا القرار ؟. اعتقد أن ما وقع في جرود عرسال ربما يكون اجبر بعض قادة الحزب على مراجعة مواقفهم ، غير أنني لا اعتقد أن من سكت على دخولهم إلى الفخ السوري سيسمح بانسحابهم منه ، لمجرد أنهم قرروا ذلك ، فالحزب غزا بلادنا بإرادته ، لكنه لن يخرج منها بمجرد أن يتخذ قرارا بذلك ، لأن وجوده فيها وخروجه منها يخضعان لحسابات عربية وإقليمية ودولية لا سيطرة له عليها ، فإن حدث وخرج دون ممانعة من هذه الاطراف كان خروجه من أجل تسريع انهيار نظام الاسد وجعله مسألة وقت ، فهل لدى قيادته صلاحية اتخاذ قرار كهذا، وهل قررت إيران من جانبها التخلي عن الاسد أو زعزعة نظامه؟.
اتمنى ان يغادر مسلحو حزب الله سورية ، بما تحمله مغادرتهم من دلالات هائلة الاهمية بالنسبة لمختلف أطراف الصراع الدائر فيها، كاحتمال ان تكون إيران في الطريق إلى عقد صفقة على حسابه، او اقتنعت بقرب هزيمة النظام الذي استماتت كي تنقذه ، وتريد لقوتها الضاربة تركه وحيدا في المعركة كي تنجو بجلدها ، فهل وصلت الامور إلى هذا الحد ، أم ان الحزب يحاول تهدئة اهالي قتلاه المتكاثرين في سورية بواحدة من أكاذيبه ، التي اتسمت دوما بقدر من المبالغة يشبه القول بقرب انسحابه من بلادنا. مع ذلك ، اصلي كي يتركنا حزب الله بحالنا ، نحن السوريين ، وليكن على ثقة من أنه لن يفارق بشار الاسد لفترة طويلة ، لأنه سيلحق به بعد زمن غير طويل، هذا ان وجد له مكانا في صفوفه او اراد الافادة من خبراته العسكرية المتميزة، التي تضعه في الصف الأول من عتاة مجرمي التاريخ !.