وزير الإعلام لـ"المدن": الصحافيون اللبنانيون هدف للقوات الإسرائيلية
"أحب مهنتي، أريد أن أعيش من أجلها، لا أن أموت بسببها"، تختصر هذه العبارة لمراسلة قناة "أم تي في" يارا الهندي، مخاوف العديد من الصحافيين الذين يواصلون تغطية الحرب في الجنوب، وهي مخاوف تزايدت بعد 10 استهدافات لصحافيين بالجنوب، أدى اثنان منها الى استشهاد الصحافي عصام عبدالله والمراسلة فرح عمر والمصور ربيع معماري.
لكن تلك المخاوف، يجري تطويقها عبر اجراءين، أولهما تدريب الصحافيين الميدانيين على تغطية الحروب واتباع إرشادات السلامة، وثانيهما التدابير التي تتخذها السلطات الرسمية، الأمنية والدبلوماسية، لمحاولة حماية الصحافيين بما يتيح لهم إتمام واجباتهم المهنية بأمان.
ويشعر الصحافيون بخطر دائم من الاستهداف الإسرائيلي، خصوصاً غير المدربين، والمنخرطين حديثاً في تغطية الصراعات والحروب. منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر حتى الآن، حصل 216 صحافياً من وسائل الإعلام اللبنانية على ترخيص من مديرية التوجيه للتغطية على الحدود الجنوبية، إضافة إلى 510 صحافيين من وسائل الإعلام الأجنبية.
مكاري: إجراء لمنع الاستهداف
ويشير وزير الإعلام زياد مكاري في حديثه لـ"المدن" إلى أن "الوزارة تتابع مع الجيش وقوات اليونيفيل والصليب الأحمر اللبناني والدولي؛ لمواكبة تغطية الصحافيين في الجنوب". وبالنسبة للتدريبات على التغطية في الحرب، يقول إن "الوزارة نظمت ثلاث دورات حول التغطية الصحافية في الأزمات والحروب، وشارك فيها نحو 30 صحافياً". كما أوضح أن "الوزارة تلقت هبة من اليونيسكو تضم 15 درعاً صحافياً وخُوذ، وزّعت على المندوبين من الوكالة الوطنية للإعلام وتلفزيون لبنان، وقُدّمت خمسة منها إلى نقابة المصورين".
ويضيف مكاري: "كان بالإمكان تحديد مواقع جغرافية للتغطية، لكننا ارتأينا أن هذا قد يسهل استهداف الإسرائيليين للصحافيين عند مغادرتهم مواقعهم". ويؤكد أن "الصحافيين هدف لقوات الاحتلال، وأكبر دليل على ذلك هو مَن استُهدفوا واستُشهدوا سابقاً"، مشيراً الى أن الوزارة طلبت من المؤسسات الإعلامية التأمين على حياة المراسلين وضمان التزامهم بالمعايير الصحافية التي وضعتها وزارة الدفاع.
ماذا تشمل التدريبات؟
وتتعدد جوانب التدريب لحماية المراسلين والصحافيين والمصورين. وتقول مراسلة قناة "أم تي في" يارا الهندي لـ"المدن" إن التدريب ضمن المؤسسة الإعلامية "اشتمل على أدق التفاصيل، من الملابس، وتوقيت ارتداء الدرع الصحافي والخوذة للحماية، وطرق إخلاء المكان، وتقييم الموقع والبيئة، والتعاون مع الجهات المعنية، بالإضافة إلى التفرقة بين أنواع القذائف والصواريخ". وتشير الى انه "رغم كل التدريبات، تبقى التغطية على أرض الواقع مختلفة، إذ يتعين علينا كمراسلين ومصورين دعم بعضنا البعض نفسياً، لأن ما نقوم بتغطيته هو حرب، ولا وقت للسبق الصحافي على حساب سلامتنا الشخصية".
ويتفق محمد فرحات، مراسل قناة "الجديد"، مع زميلته، مشيراً إلى أن "التدريبات مفيدة، لكننا في مواجهة مع إسرائيل الغدارة والتي لا تحترم قوانين ومواثيق حماية الصحافيين. لذلك، يجب على الصحافي أن يكون حذراً ويتجنب المواقع المعرضة للتهديد". ويضيف فرحات أن التدريبات شملت الجوانب النفسية والميدانية والحماية السيبرانية.
قوانين ومواثيق دولية
ينص العديد من القوانين والمواثيق على حماية الصحافيين أثناء الحروب والنزاعات. من بينها، المادة 79 من القانون الدولي الإنساني الذي ينص على أن "الصحافيين المدنيين الذين يؤدون مهماتهم في مناطق النزاعات المسلحة يجب احترامهم ومعاملتهم كمدنيين، وحمايتهم من أي هجوم متعمد، شريطة ألا يقوموا بأعمال تتنافى مع وضعهم كمدنيين".
أما القواعد الدولية، بما في ذلك القاعدة 34 من قواعد القانون الدولي الإنساني للجنة الدولية للصليب الأحمر، فتؤكد وجوب "احترام وحماية الصحافيين المدنيين العاملين في مناطق النزاع ما داموا لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية".
دور المؤسسات الحقوقية
وتلقى الصحافيون في التدريبات، مؤازرة من مؤسسات حقوقية، بينها "سكايز" التي تحدث المسؤول الإعلامي فيها جاد شحرور لـ"المدن" عن التدريبات المتعلقة بأمن وسلامة الصحافيين، خصوصاً أثناء تغطية الحروب والأزمات.
وأوضح أن المؤسسة بدأت العمل على هذه التدريبات قبل سبع سنوات، وسعت لتضمينها ضمن برامجها السنوية. في العام 2022 نظمت المؤسسة تدريبَين، وفي العام 2023 نظمت سبع تدريبات. وتدرب منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر حتى الآن 80 صحافياً، وكان آخر تدريب في آذار/مارس 2024.
وتميزت تدريبات العام 2024 باشتمالها على المدققين والمدراء في المؤسسات الإعلامية، نظراً لأهمية أدوارهم الإدارية في اختيار المراسلين لتغطية الصراعات أو التظاهرات العنيفة. وركزت التدريبات على الأمن الذاتي، والحماية السيبرانية، واستخدام المعدات الإلكترونية، ودورات الإسعافات الأولية المتقدمة. واستشهد شحرور بتجربة الصحافيين خلال تغطية انفجار مرفأ بيروت في 4 آب بعد تلقيهم التدريب.
حقوق الصحافيين ودور نقابة المصورين
رغم تلك الجهود، تبقى تأمينات المؤسسات الاعلامية غير كافية. ويتحدث نقيب المصورين الصحافيين علي علوش، عن حقوق الصحافيين المهدورة، بما في ذلك بدل النقل والتأمين على الحياة، ويشير إلى أن قلة فرص العمل تلجم مطالبتهم بهذه الحقوق أو الاستقالة من مؤسساتهم إذا لم تؤمنها لهم. كما أن بعض المواقع الإعلامية الإلكترونية يرسل الصحافيين الجدد لتغطية الميدان على الحدود الجنوبية من دون التدريب والمعدات الوقائية اللازمة.
ويقول علوش إن "النقابة تعمل على توفير التأمين الصحي للمصورين من خلال صندوق تعاضد مشترك، لكن التأمين يجب أن يكون مسؤولية المؤسسات الإعلامية". ويضيف أن نقابة الصحافة "تنظّم العديد من التدريبات بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني وعدد من المؤسسات الحقوقية؛ لتأمين الحماية للصحافيين خلال التغطية في الجنوب"، في إشارة الى تنظيم حوالى خمس دورات تدريبة بمشاركة أكثر من 105 متدربين، معظمهم من المصورين والمصورات المتحدرين من منطقتي بيروت والجنوب. كما تم توزيع 100 حقيبة إسعافات أولية على المتدربين، لافتاً الى انه "سيتم تدريب المصورين في الشمال".