قبرص و"حزب الله"... تاريخ من التوتر الصامت
|
يتصرف نصر الله، على أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة. يقود الحرب، يحدد جغرافيتها، يرسم علاقاتها، وكأنه اللاعب الوحيد البديل عن الدولة المتقاعسة، وليس كفصيل عسكري ينشط على جغرافيا هو جزء منها. وإذا كانت الدولة ترتبط مع قبرص بعلاقات وتفاهمات، فإن حزب الله يربطه مع قبرص تاريخ من التوتر الصامت، وصل الى الذروة بتهديد نصر الله، الأربعاء، ليردّ عليه الرئيس القبرصي بالآلية نفسها لإرسال الرسالة الإعلامية، بقوله: "لسنا منخرطين في الصراع ولا ننحاز إلى طرف ونحن جزء من الحل لا المشكلة".
|
بقيت قبرص بمثابة "ساحة مريبة" بالنسبة للحزب، وهي التي ارتبطت بعلاقات متينة مع اسرائيل، دفعتها لتجاوز اتفاق مع لبنان في العام 2010 والذهاب الى ترسيم ثنائي مع اسرائيل لحدودهما البحرية، بمعزل عن لبنان، مما خلق إشكالية حدودية باعتماد النقطة رقم 1 كخط حدودي، بقيت تداعياتها قائمة حتى العام 2022، حين تم ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل بوساطة أميركية.
وخلال الحرب السورية، اتهم اعلاميون مقربون من الحزب، القاعدة البريطانية في الجزيرة، بالتجسس على مجريات الحرب في سوريا. وفي العامين الماضيين، استضافت قبرص تدريبات مشتركة مع سلاح الجو الاسرائيلي، تحاكي حرباً في المتوسط، وذلك بالتزامن مع مفاوضات ترسيم الحدود مع لبنان، حسبما أفاد ناشطون مقربون منه ليل الأربعاء..
|
وخلال الهجوم الإيراني على اسرائيل في 13 نيسان/أبريل الماضي، اتهمت القاعدة البريطانية بإطلاق صواريخ دفاع جوي لاعتراض مسيرات إيران فوق الأراضي اللبنانية قبل وصولها الى سماء الأراضي المحتلة...
ظهر هجوم نصر الله على قبرص، في الدعوة لتنظيم رحلات اللاجئين السوريين الى الجزيرة الجارة للضغط على أوروبا. كانت الإشارة لافتة، لأنها تعني استعمال الجزيرة كساحة ضغط على أوروبا، وذلك بعد زيارة الرئيس القبرصي الى بيروت وشكواه من قوارب الهجرة غير الشرعية.
|
هذا الإرث من التوتر غير المعلن، انفجر في تهديد نصر الله لقبرص، مساء الأربعاء، فانقسم اللبنانيون مرة أخرى، بما يشبه انقسامهم السابق حول هجوم نصر الله على دول عربية إبان الحرب السورية. اشتعل الفضاء اللبناني العام بالانتقادات لنصر الله، وارتفعت حدتها بالإشارة الى أن قبرص عضو في الاتحاد الاوروبي، وأعيد التذكير بالتوتر الفرنسي–التركي إثر محاولات تركيا التنقيب عن الغاز في مياه قبرص التركية..