ميقاتي يستعين بـ"لوبي" لبناني في واشنطن..لتطبيق وقف إطلاق النار

نور صفي الدين
الخميس   2024/10/03
لم تجر العادة أن يقوم رئيس مجلس الوزراء، أو أي حامل لصفة رسمية ذي شأن عالٍ، بالقيام بمقابلة "أونلاين"، قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، خصوصاً في هذا الوقت الحرج. 
كانت مقابلة لافتة، لم يوزع المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء خبراً عنها، لكنها، في توقيتها ودلالاتها، تكتنف أهمية قصوى، كونها تمثل اختراقاً لابتعاد الإعلام الدولي عن مقابلة مسؤولين محليين منذ بدء الحرب قبل عشرة أيام، كما تعد إطلالة دولية بالغة الأهمية في ظل حراك دبلوماسي لإخراج لبنان من أزمته. هي أشبه برفد لحراك حكومته الدبلوماسي بضغط عبر "لوبي لبناني" مؤثر في واشنطن، بهدف وقف اطلاق النار. 

مقابلة عبر "زووم"
وأجرى ميقاتي الخميس، مقابلة عبر تطبيق "زووم"، مع "منظمة العمل الأميركية من أجل لبنان"، وهي منظمة غير ربحية تجمع أميركيين في المهجر بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين. وهذا الظهور الإعلامي، وإن لم يكن مفتوحاً بالمقارنة مع البث المفتوح الذي يتيحه التلفزيون، يمثل اختراقاً على صعيد زيادة قنوات الضغط، من كل الاتجاهات، للتوصل الى حل للحرب القائمة. 

وهذا اللقاء، لم يكن الأول مع المنظمة. كان ميقاتي قد أجرى في مطلع الأسابيع الأولى للحرب (الثامن من أكتوبر 2023) حديثاً سريعاً مع المنظمة، مما يوحي بأن دور اللبنانيين الأميركيين في المهجر كان في الحسبان منذ بداية المفاوضات، وقد يأتي على شكل وساطة غير هرمية ضمن دائرة العلاقات التي تجمعهم بشبكة النافذين الأميركيين.



القرار 1701
على مدى خمس عشرة دقيقة، أسهب ميقاتي في شرح الموقف اللبناني. وقد سبق هذه المقابلة، المؤتمر الاعلامي الرسمي لرئيس الحكومة، والذي أتى على شكل بيان سريع لم يتجاوز الدقيقتين. وتمحورت إجابات ميقاتي حول مدى مصداقية الدولة اللبنانية ونيتها الجدية وعزمها في المضي قدماً نحو تطبيق القرار 1701. 

وإذا حاولنا أن نقف عند توقيت المقابلة والوسيلة والطرف المحاور، فيمكننا أن نستشف مدى حاجة الدولة اللبنانية لتكريس مبدأ الامتثال للقرار 1701 أمام الطرف الأميركي، والحاجة إلى لوبي لبناني ضاغط لإقناع الأميركيين بأن الدولة اللبنانية هذه المرة هي المرجعية السياسية في البلاد وصاحبة القرار.

تفاصيل المبادرة
في المقابلة ركز ميقاتي على نقاط ثلاث: وقف إطلاق النار وكيفية تطبيق القرار 1701، تأمين المساعدات للنازحين اللبنانيين الذي تخطى عددهم المليون لبناني، وأخيراً انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بعد 22 شهراً من الشغور الرئاسي. 

وتمحور الجزء الأكبر من المقابلة حول كيفية مساعدة الجانب الأميركي في دعم الحل الديبلوماسي في لبناني، مما يدل على فعالية الدور الأميركي في تطبيق القرار 1701 على اعتبار أن جهوزية لبنان لتطبيق القرار لا تكفي وحدها، وإنما تحتاج للوساطة الأميركية أولاً، والمجتمع الدولي ثانياً، وذلك في ظل مطالبة دولية للبنان بهدنة من دون إلزام إسرائيل بتغيير سياستها. 

تغييب إيران
غاب عن هذه المقابلة الدور الإيراني في المنطقة، ويمكن أن نرى أن هذا التغييب الإيراني هو بمثابة تأكيد على مدى استقلالية لبنان في القرار السياسي، وفصل الصراع على الحدود الجنوبية مع اسرائيل، على اعتبار أن هذا الصراع ليس بجديد وإنما قضية لبنانية بحتة. وتبرز أهمية هذا التركيز على القرار الرسمي، في ظل انتشار مواقف جديد مبنية على أساس ما يبدو أنه شرق أوسط جديد يتم فيه استبعاد إيران.  

1701 ليس "ديكوراً"
شدد ميقاتي على استعداد لبنان لتطبيق القرار 1701، قائلاً: "نحن مستعدون لتطبيق القرار، لكن يمكنكم أخذ دور المراقب لمعرفة من ينتهك هذا القرار عبر البر والبحر والسماء"، في إشارة الى إسرائيل. وأكد ميقاتي على أن القرار 1701 هو بداية الطريق نحو حل ديبلوماسي أبدي بين البلدين. واعتبر أن الدولة اللبنانية لم تغير موقفها، وإنما اليوم هي أكثر من أي وقت مضى، في موقع التمسك والمؤكد على تجديد الالتزام، "فالـ1701 ليس ديكوراً ونريد تطبيقه".
 
حل مستدام للبنان واسرائيل
وفي السؤال عن جدية وقف إطلاق النار، اعتبر ميقاتي أن هذا الموقف بمثابة رابح-رابح للطرفين حيث أن "لبنان يمكن أن ينعم بالاستقرار فيما اسرائيل تستطيع أن تعيد سكان الشمال". وتساءل: "لماذا لا تريد إسرائيل وقف إطلاق النار؟ أما نحن فنريد ذلك، وباشرنا العمل بالوقوف عند قدرات الجيش اللبناني، بما فيها تعزيز الوجود في الجبهة الجنوبية. أعلم أننا في حاجة الى عشرة آلاف جندي، اليوم يتواجد أربعة آلاف، ونحن في صدد إرسال 1500 في الوقت الحالي".