ملهى ليلي شهير في بيروت يتحول ملجأً للنازحين

المدن - ميديا
الجمعة   2024/10/04
نازحون لبنانيون في ملهى ليلي ببيروت (غيتي)
عند مدخل ملهى ليلي في وسط بيروت، تقول لوحة كبيرة بالانجليزية "قواعد اللباس: أنيقة وغير رسمية"، لكن نزلاء الملهى اليوم نازحون من مناطق تتعرض لقصف إسرائيلي وهربوا بما عليهم من ملابس خوفاً من الموت.

وعوضاً عن زبائنه السابقين المرفهين، يستضيف ملهى "ذا سكين"، أو "المكان الذي يجب عدم تفويت رؤيته في بيروت"، حسبما يقول أحد المرشدين السياحيين، عائلات نازحة شردها القصف المتواصل منذ حوالى عشرة أيام على الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان وشرقه التي تعتبر معاقل لـ"حزب الله"، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

وقالت مديرة الشركة التي تدير الملهى، غاييل عيراني: "قررنا فتح أبوابنا في يوم الانفجار الكبير في الضاحية الجنوبية"، مضيفة أن 400 شخص يقيمون راهناً في الملهى الليلي، إضافة إلى العائلات التي تعيش حوله في الخارج.

وعلى سطح الملهى المعروف بـ"سكاي بار" والمطل على البحر الأبيض المتوسط، والذي لطالما استقبل زبائن بملابس السهرة الأنيقة، هناك اليوم ملابس مغسولة معلقة لتجف في كل مكان على جدار يسور شرفة المبنى الأسود الكبير. وداخل الملهى الليلي الفخم بجدرانه وأرضياته السوداء، يكاد المشهد لا يصدق.

فعلى حلبة الرقص، يلعب أطفال بالكرة ويتزلجون على ألواح، بينما يستمع آخرون في زاوية أخرى إلى الموسيقى. وتوزع آخرون بالقرب من الطاولات، حيث اعتاد الزبائن الجلوس، بينما تواجد آخرون عند المشرب حيث مازالت كؤوس النبيذ وأكواب الكحول فارغة، والمنصة المخصصة لمنسقي الأغاني. وكان هنالك رجال ينامون على فرش أرضاً، بينما تجاذب آخرون أطراف الحديث حول طاولة، وفتاة صغيرة تقرأ كتاباً عن الأميرات.

وقالت رضا علاق (49 عاماً) التي نامت في الشارع لمدة أسبوع مع والدتها البالغة 79 عاما، قبل أن تجدا ملجأ في الملهى: "هنا، نحن بخير". وأخبرتها شقيقتها التي تعيش في دبي، عن الملهى بعدما سمعت عن فتح أبوابه للنازحين في مواقع التواصل الاجتماعي.

وتقدم منظمات غير حكومية مساعدات غذائية للنازحين داخل الملهى، ويعتبر النازحون أن قدرتهم على استخدام المراحيض والاستحمام رفاهية في المحنة التي يمرون بها. وانهمكت بتول كنعان، التي كان زوجها يعمل حارساً في مرآب البناية، بتغيير حفاض طفلها، وقالت: "نشعر بالأمان هنا. سنبقى حتى نهاية الحرب".

وذكرت الممرضة فاطمة صلاح (35 عاماً) أنها لا تريد العودة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، مضيفة بإحباط: "نريد الهجرة إلى أي بلد.. بريطانيا أو حتى العراق". وتابعت الأم لأربعة أطفال: "نحن خائفون على أطفالنا. يقولون أن الحرب ستطول".

وعلى بعد كيلومترين من النادي، في ساحة الشهداء، يجلس عشرات النازحين على فرش على الأرض، وحاولوا إقامة ما يشبه الخيم من البلاستيك للوقاية من البرد المتسلل. ولجأ آخرون إلى ساحة جامع الأمين، المسجد الكبير في وسط بيروت.

وفي كل مكان، يلعب أطفال، كثير منهم صغار بملابس داخلية فقط، فيما يجلس مراهقون على الأرض يلعبون الورق. وقال رجل عجوز يجلس على مرتبة أنه اضطر إلى ترك كرسيه المتحرك وراءه عندما فر من منزله على عجل، وغير قادر على التحرك الآن.

وأفاد موسى علي، أنه موجود هنا مع ابنتيه وستة أفراد آخرين من عائلته، منذ أكثر من أسبوع. وكان الرجل الذي يعمل في جمع القمامة، يعيش في الضاحية الجنوبية، حيث اغتالت إسرائيل زعيم "حزب الله" حسن نصر الله، الجمعة، في سلسلة غارات مدمرة هزت العاصمة.

لكن علي غادر بيته مع بداية حملة القصف في 23 أيلول/سبتمبر. وأوضح الرجل البالغ من العمر 30 عاماً والذي يرتدي قميصاً أسود كتب عليه "الحياة مستمرة": "كنا خائفين للغاية على الأطفال". وهو لم يغير قميصه منذ مغادرة منزله، كحال ابنته الصغيرة زمزم البالغة من العمر عامين، والتي يحملها بين ذراعيه، ففيما ييقوم متطوعون بتوزيع وجبات طعام، تبقى ظروف النظافة الشخصية معدومة، فلا مراحيض عامة ولا وسيلة للاغتسال.

ووصلت عائلة عبد الله الى المكان بعد سقوط قنبلة بالقرب من منزلها في الضاحية الجنوبية. وجميع أفرادها مازالوا في حالة صدمة. واسترجع الأب ديب كيف قذفه الانفجار صوب  الحائط. وقال بتأثر شديد: "كان الأمر فظيعاً! فظيعاً!". ولدى  انفجار القنبلة، سقطت النوافذ على الصبي علي البالغ تسعة أعوام أثناء نومه.

وكان علي ذو العينين الخضراوين مبتسماً وقد ارتدى سروالاً داخلياً أزرق فاتحاً وقميصاً، بينما قدماه المتسختان في خُفّ بلاستيكي. ووفقاً للسلطات اللبنانية، نزح 1.2 مليون شخص في لبنان منذ بدء القصف الإسرائيلي المكثف في 23 أيلول/سبتمبر الماضي.