الدعم الشعبي العربي للفلسطينيين...هل يُفرز جيلاً سياسياً جديداً؟

المدن - ميديا
الخميس   2024/10/03
متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين في القاهرة (غيتي)
بعد سنة على اندلاع الحرب في قطاع غزة، لم يخفت الدعم الشعبي الثابت للفلسطينيين في البلدان العربية، من دون أن يقترن بقرارات أو بخطوات موازية من جانب حكومات تلك الدول التي يطالبها المتضامنون بقطع علاقاتها مع إسرائيل.

وقبيل تظاهرة في المنامة منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، قال الشاب البحريني أحمد (27 عاماً)، مفضلاً عدم ذكر اسمه كاملاً: "تتجاهل حكومتنا مثل بقية الحكومات العربية مطالب شعوبها، بما فيها قطع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي الغاصب وطرد سفيره"، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

وعلى المستوى الرسمي، تجمع الدول العربية على إدانة الرد الإسرائيلي على الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة "حماس" على الأراضي الإسرائيلية في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. لكن الحرب المستمرة في غزة والمتمددة إلى لبنان لم تسفر عما هو أبعد من الانتقادات العلنية، باستثناء قرار السعودية رفض أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل من دون إقامة الدولة الفلسطينية.

كذلك، لا يشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة سوى الوسيطَين التقليديَين مصر وقطر. وجاء الرد الأقوى في المنطقة، الثلاثاء، من طرف إيران التي شنت هجوماً صاروخياً على إسرائيل.

وقبل فترة قصيرة، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: "السؤال المطروح هو هل إلغاء إتفاقية السلام يخدم فلسطين ويخدم الأردن، نحن لا نعتقد ذلك"، رغم إقراره أن الاتفاقية الموقعة العام 1994 "باتت وثيقة يملأها الغبار".

في المقابل، ترتفع الأصوات المؤيدة للقضية الفلسطينية في الشارع في البلدان التي يسمح فيها بالتظاهر. وتجمع التظاهرات على اعتبار "التطبيع خيانة" و"فلسطين أمانة"، كما يردد المتظاهرون في البحرين والمغرب اللذين قاما، على غرار الإمارات والسودان، بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل منذ أواخر العام 2020 برعاية أميركية.

وفي الرباط، أوضح عضو "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين" رشيد فلولي، أن المغرب شهد منذ بدء الحرب في غزة حوالى 5 آلاف تظاهرة، إضافة إلى مَسيرات وطنية للتضامن مع فلسطين والمطالبة بإسقاط اتفاق التطبيع.

واعتبر فلولي الذي يتظاهر مرتين في الأسبوع بالرباط، أن المكسب الأهم يتمثل في حشد "جيل جديد" مؤيد للقضية الفلسطينية. لكن ذلك لم يؤثر في الحكومة المغربية، علماً أن اتفاق التطبيع يتضمن أيضاً اعتراف واشنطن بسيادة المملكة المغربية على الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو والجزائر.

وقال الباحث في "معهد دول الخليج العربية" بواشنطن حسين إبيش، أن الدول التي أقامت علاقات مع إسرائيل "كانت لديها أسباب لذلك، وهذه الأسباب ما زالت قائمة"، فيما أكد مدير منطقة شمال إفريقيا في "مجموعة الأزمات الدولية" ريكاردو فابياني، وجود الكثير من المصالح التي تحول دون تغيير الوضع، مثل اتفاقيات التعاون الأمني والدعم الدبلوماسي ونقل التكنولوجيا العسكرية، والاستفادة من الدعم الأميركي.

وتابع فابياني: "هناك أيضاً مسألة عدم التراجع أمام الضغوط الشعبية، الذي قد يشكل سابقة خطرة بالنسبة لجزء غير يسير من تلك البلدان".

ورأى إبيش أن "كابوس" المنطقة يتمثل "بعودة ظهور كل المطالب التي رفعت خلال الربيع العربي والتي لم تتم الاستجابة لها". وأوضح: "المعادلة هي أن قمع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين سيعطي الكلمة لأولئك الذين يمكن أن يطرحوا قضايا سوء الإدارة والمعاملة القاسية وغياب دولة القانون والبطالة".

واعتبر إبيش أن هنالك انفصالاً إلى حد كبير بين الشعوب ومسارات صنع القرار التي تظل مغلقة من طرف القادة، بحيث لا يبقى أمامها سوى التعبير عن "عواطفها" إزاء الحرب، رافضاً في الوقت نفسه فكرة وجود "شارع عربي" موحد. وخلص إلى أن السلطات "قررت أن السماح بالتظاهرات يتيح تنفيس الضغط ويعد أكثر أماناً".

وفي البلدان حيث يُمنع التعبير في الشوارع، يتخذ التضامن مع الفلسطينيين أشكالاً أخرى. ففي مصر، وهي أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل العام 1979، يعبّر عن هذا التضامن من خلال حملة لمقاطعة الشركات التي تعتبر داعمة لإسرائيل، بينما تم تفريق تظاهرات في الشارع بسرعة العام الماضي.

في هذا الصدد، طرح مؤيدون للقضية الفلسطينية تطبيقاً لكشف ما إذا كانت السلع من إنتاج إحدى الشركات التي يجب مقاطعتها. وأوضح مصممو التطبيق المسمى "قضيتي" أن "فلسطين ليست قضية تخص الفلسطينيين وحدهم".

ورأى فابياني: "من الواضح برأيي أن هذا ليس له تأثير". واستطرد: "هناك أجيال نشأت بعد الربيع العربي ولم تعرف بالتالي إمكانية التعبير بحرية عن آرائها، واليوم يتشكل لديها وعي سياسي من خلال القضية الفلسطينية". وأضاف: "السؤال المطروح هو ما إذا كنا سنرى بروز أجيال جديدة من السياسيين في غضون خمسة أو عشرة أعوام في تلك البلدان".

في انتظار ذلك تتيح مواقع التواصل الاجتماعي حرية أكبر للتعبير، حيث يبقى هاشتاغ "لا ننسى" متداولاً منذ عام.