إسرائيل تدمر سيارات إسعاف جديدة جمَع ثمنها متطوعون لبنانيون

المدن - ميديا
الجمعة   2024/10/18
سيارة إسعاف تابعة لـ"الدفاع المدني اللبناني" (غيتي)
العام الماضي، بدأ بشير نخال جمع تبرعات لمراكز "الدفاع المدني" في جنوب لبنان خوفاً من أن تمتد الحرب بين اسرائيل وحركة "حماس" في غزة إلى بلاده. واليوم، تتعرض سيارات إسعاف ساعد في شرائها للقصف الإسرائيلي.

وأمضى نخال (29 عاماً) مهندس الكومبيوتر والمتطوع في "الدفاع المدني اللبناني" أيضاً، أشهر طويلة في التنسيق مع فرق الإنقاذ التي تفتقر للكثير من المعدات، لمعرفة احتياجاتها، فيما كان "حزب الله" واسرائيل يتبادلان إطلاق النار عبر الحدود، وأثمرت جهوده في توفير حقائب إسعافات أولية وسواها من المواد الأساسية للمسعفين، وصولاً إلى تسليم سيارتي إسعاف هذا الشهر لـ"الدفاع المدني اللبناني"، بعدما صعدت اسرائيل منذ 23 أيلول/سبتمبر حملة القصف على مناطق مختلفة في لبنان، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

وأوضح نخال: "رأيت ما يحدث في غزة، وشعرت أنه لا يمكن لنا ألا نكون مستعدين"، مضيفاً: "هذه طريقتي في التعامل مع الحرب وأداء دوري، إنها إحدى الطرق لرد الجميل لمجتمعي".

وبعد أربعة أيام فقط من تسليم سيارة الاسعاف الأولى، أدت غارة اسرائيلية على قرية دردغيا في جنوب لبنان في 9 تشرين الأول/أكتوبر، إلى تدميرها بالكامل. واستشهد خمسة عناصر من "الدفاع المدني" في الغارة، من بينهم مدير المركز وابنه.

وكانت سيارة إسعاف ثانية وضعت في الخدمة للتو في النبطية مطلع الأسبوع، عندما استهدفت سلسلة غارات اسرائيلية المدينة، طاولت إحداها مقر البلدية، ما أسفر عن استشهاد 16 شخصاً، بحسب وزارة الصحة، بما في ذلك رئيس البلدية وعدد من فريق عمله. ونعى "الدفاع المدني" كذلك أحد عناصره، لكن سيارة الإسعاف لم تتضرر.

وعلق نخال بأنه لم يكن يتوقع "أن تتعرض سيارات الإسعاف التي حصلنا عليها للاستهداف المباشر أو القصف"، موضحاً أن هدف مبادرته كان "سد الفجوة" في الاستجابة للأزمات في لبنان، بعدما تركت الأزمة الاقتصادية الخانقة المتمادية منذ خمس سنوات فرق الإنقاذ من دون معدات كافية. وأكمل: "كنا نحاول رفع عدد سيارات الإسعاف إلى الحد الأدنى المطلوب".

ومنذ كثفت اسرائيل حملتها الجوية في لبنان، مستهدفة معاقل "حزب الله" في جنوب البلاد وشرقها وعلى الضاحية الجنوبية لبيروت، بات المسعفون وعناصر الإنقاذ عرضة للقصف أكثر فأكثر. وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، بعد هجوم دردغيا: "يتواصل الإبلاغ عن تقارير حول مزيد من الهجمات التي تستهدف سيارات الإسعاف ومراكز الإغاثة في لبنان".

ومنذ بدء التصعيد بين إسرائيل و"حزب الله" عبر الحدود قبل أكثر من عام، تخطى عدد الشهداء في صفوف المسعفين ورجال الإنقاذ عتبة 150 عنصراً على الأقل، بحسب وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض. وفي مؤتمر صحافي، الثلاثاء، أحصى الأبيض تضرر أكثر من 130 سيارة إسعاف في تلك الفترة.

إلى ذلك، أعلن "الصليب الأحمر اللبناني" إصابة مسعفين تابعين له في غارة إسرائيلية، الأحد، وتضرر سيارات إسعاف، لدى وصولهم إلى موقع تعرض لهجوم قبل وقت قصير في جنوب لبنان. وحصلت الغارة بعد ساعات من اتهام الجيش الإسرائيلي لـ"حزب الله" باستخدام سيارات الإسعاف لنقل الأسلحة والمقاتلين، من دون تقديم أي أدلة.

وفي منشور عبر موقع "إكس"، قال المتحدث باللغة العربية باسم الجيش الاسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أنه "سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أي مركبة تنقل مسلحين، بغض النظر عن نوعها"، وأعلن "الصليب الأحمر" مجدداً الأربعاء، إصابة اثنين من مسعفيه في بلدة جويا، خلال مهمة عمل كانت منسقة مع قوة "يونيفيل".

ومع تصعيد إسرائيل لهجماتها، كثف نخال مساعيه لتأمين سيارة إسعاف ثالثة تمهيداً لإرسالها الى شرق لبنان الذي يتعرض لغارات إسرائيلية كثيفة في الأيام الأخيرة. وينسق نخال جهوده مع صديقه عمر عبود (30 عاماً) اللبناني المقيم في نيويورك، والذي تمكن من جمع 15 ألف دولار خلال يوم واحد لشراء سيارة الإسعاف الأولى، وعشرة آلاف دولار لشراء السيارة الثانية. وهو الآن بصدد جمع المال للسيارة الثالثة.

وقال عبود أن الهجمات على سيارات الإسعاف "هي مثال على الحقيقة التي لا يمكن إنكارها وهي أن إسرائيل تستهدف المستشفيات وسيارات الإسعاف من دون محاسبة". وأضاف: "سواء كانت سيارات الإسعاف في الخدمة لمدة خمسة أيام أو خمس سنوات فهذا غير مهم بالنسبة إلي. عندما تتعامل مع دمار ومعاناة بهذا الحجم، فإن إنقاذ حياة واحدة كافٍ".