نحن مَن اخترنا الوهم...أذكياء
قال لي إنه يحبني.. يعشقني بالأحرى. قال سيعوضني عن كل ما فات. عن كل ما لم أعشه من لحظات سعيدة. قال إني أستحق الكثير. وهو هذا الكثير. لن يبذل طاقته إلا لتحقيق أحلامي. أحلامي أنا.
"سنعيش في بيت كبير. تدخله الشمس من كل الجهات. ستختارين الأثاث ولون الجدران على هواك. كل زاوية يجب أن تكون حسبما تحبين. سأضع لك مكتباً من خشب السنديان السميك وكرسياً مريحاً كي تكتبي وتقرأي لساعات، كما تحبين أن تفعلي".
"سنعيش في بيت كبير. تدخله الشمس من كل الجهات. ستختارين الأثاث ولون الجدران على هواك. كل زاوية يجب أن تكون حسبما تحبين. سأضع لك مكتباً من خشب السنديان السميك وكرسياً مريحاً كي تكتبي وتقرأي لساعات، كما تحبين أن تفعلي".
سـ... سـ... سـ...السين حرف تنفيس تُستخدم للمستقبل القريب، غالباً.
نعم في المستقبل، سـ...نعيش هذا الحلم. سـ...ندخل هذا العالم البعيد جداً من كل الضغوط الحالية. سـ...نفرح. سـ...نرقص. سـ...نتمتع ببعضنا والحياة. سـ...ننفصل عن الواقع ونهنأ أخيراً بما نستحق. علينا أن نلتقي فقط. تفصلنا محيطات وبلدان. لا يهم. يقولون بالحب يتغير العالم، فكيف ببضعة كيلومترات فاصلة. علينا تأجيل اللقاء. تنفّس هذا الحلم هو كل ما نملك.
"تعيشين وهماً"، قالت صديقتي لي. "علاقات الحب عبر الهاتف، كلام في كلام فقط. استيقظي من وهمك".
الوهم: تشوّه يحدث للحواس ويكشف كيف ينظم الدماغ الإثارة الحسية ويفسرها. والوهم هو اضطراب عام في التفكير ويتسم باعتقاد خاطىء ثابت لا يتزعزع. وفي الفلسفة الهندوسية، يُعدّ الوهم شيئاً غير واقعي، وغير زائف في الوقت نفسه. والعالم، كما يراه البشر، هو عبارة عن وهم.
جميل ومهم هو الوهم. أجبتُ صديقتي بثقة. اخترت الاتكاء عليه ككثيرين. ليست حماقة منا، على العكس. نحن أذكياء.. مَن اخترنا الوهم.
العلاج الوهمي هو مادة تُعطى للمريض بهدف علاجه، ولا يكون لها تأثير حقيقي في علاج المرض بعينه. يتم إيهام المريض بأن هذا العلاج فعال، عبر الوهم، وبالتخلص من الوهم في الوقت عينه. نضيف وهماً إلى الوهم. وقد اخترت هذا العلاج بكامل وعيي.
فلأعُد إليكَ. أحبكَ أنا أيضاً وأكره صديقتي.
ماذا كنتَ تقول لي؟ أريد أن أسمع وعودك مراراً، لا أملّ.
نعم تحبني. تعشقني بالأحرى. سـ...تعوضني عن كل ما فات. عن كل ما لم أعشه. سـ...نعيش في بيت جميل وقريب. سـ...نلغي السين من خططنا. نعيش اللحظة الآن. نعيش الوهم بكل ما أوتينا من حلم. لا تتركني أستيقظ. لم يبق لي إلا هاتف، وأنتَ، والكثير من الخطط المؤجلة.