"إم.تي.في" تغطي حرب الجنوب: سلامة المراسلين أولاً...والصورة ثانياً
حرب حقيقية يعيشها جنوب لبنان، وتحديداً بلدات الشريط الحدودي الجنوبيّ، لم توفر فيها اسرائيل الصحافة والمدنيين. وآخر محاولات استهدافها للصحافة، بعد مقتل مصور "رويترز" عصام عبدلله منذ شهر، تمثل في قذيفتين أطلقتا، الإثنين الماضي، على موكب للصحافيين، ما يضع جميع الطواقم الاعلامية في حالة حذر شديد ويحمل مؤسساتهم الاعلامية مسؤولية كبيرة لناحية سلامتهم أثناء تغطيتهم لحرب الجنوب، وهو ما فعلته قناة MTV منذ بدء تغطيتها للأحداث في 7 تشرين الاول/أكتوبر الماضي.
عملياً، بدأت المعارك جنوباً بين "حزب الله" وقوات الاحتلال في 8 أكتوبر، لكن قناة MTV بدأت تغطيتها في الجنوب منذ السابع من أكتوبر، أي يوم "طوفان الأقصى"، إذ كانت الأنظار شاخصة إلى الساحة اللبنانية وإمكانية اشتعالها تحت شعار "وحدة الساحات".
جويس عقيقي، نخلة عضيمي، ماريان زوين، صبحي قبلاوي، نوال بري، غدي بو موسى، زينة باسيل شمعون، عباس عبد الكريم، نبيلة عواد، ويارا الهندي.... مراسلون شاركوا في التغطية جنوباً إضافة إلى ثلة من المصورين المرافقين.
وانتدبت MTV، مع بدء الاشتباكات، طاقمَين اثنَين، كل طاقم مؤلف من مراسل ومصور. فريق تمركز في نقطة رميش لتغطية القطاعين الغربي والأوسط من الجنوب، وفريق في مرجعيون لتغطية القطاع الشرقي، سواء بالنقل المباشر أو التقارير الإخبارية أو تغطية الأحداث عموماً. أما روجيه نهرا، مندوب القناة الدائم في الجنوب، فيزودها بصور وفيديوهات عن الاشتباكات الدائرة.
تقول بارادي يونس، مديرة العمليات في المحطة، إن "الحرص على سلامة طواقمنا تجسّد في القرار الأول بإرسال فريقين بدلاً من فريق واحد"، وذلك "لضمان عدم اضطرار المراسل للتنقل لمسافات بعيدة لتغطية قطاعات الجنوب كافة، لا سيما أنّ الطرق ليست دائماً محمية، وعدم المخاطرة بمراسلينا أولوية لدينا".
أما النقطتان حيث يتمركز مراسلو المحطة، فهما النقطتان الأساسيتان لتجمع وسائل الاعلام في رميش ومرجعيون، و"هذا بحد ذاته حماية لطواقمنا"، ذلك أن "تواجدهم مع بقية الطواقم للمحطات المحلية والوكالات العالمية، يعني تمييزهم بوضوح كصحافة، عن المقاتلين من الجهة اللبنانية، أو حتى عن المدنيين العزّل، عدا عن مشاركة الطواقم الإعلامية للمعلومات في حال وجود خطر على سلامتهم والتنسيق في ما بينهم".
"سلامتكم قبل الصورة"
بعد أكثر من شهر على حرب غزة، وتصاعد حدة الاشتبكات بين حزب الله وإسرائيل جنوباً، وخرق "قواعد الاشتباك" باستهداف اسرائيل للصحافة، كان هاجس سلامة الصحافيين أولوية للقناة.
"الصورة ستصلنا عاجلاً أم آجلاً، لكننا لن نفرط لأجلها بسلامة مراسلينا"، تقول يونس، فهناك وكالات أنباء وفيديوهات ينشرها السكان المحليون والصورة ستصل في نهاية المطاف، وبما أن سلامة طواقمنا أولوية، فتوصيتنا الأساسية لهم هي "سلامتكم قبل الصورة"، وهذه سياستنا بدءاً من رئيس مجلس الادارة ميشال المر، وصولاً الى مدير التحرير ومديرة العمليات، "لأننا نرفض المخاطرة ولو 1% بتنقلات فريقنا، وفي ساعات الليل نوصيهم باختصار تنقلاتهم لحدودها الدنيا، كما نوصيهم عموماً بالتركيز على المصادر كبنك للمعلومات بأقل تنقلات ممكنة".
تدابير وقائية
"نعرف أن كل هذه التدابير لا تلغي نسبة الخطر نهائياً"، تقول يونس، "ففريقنا كان الى جانب زملائه يوم استهداف عصام عبدلله، وكان يوم الإثنين في يارون، قريباً من الاستهداف الثاني للصحافة من قبل اسرائيل، وهو بالتالي معرّض لخطر هذا الاستهداف بشكل دائم، لكن المحطة قامت بسلسلة إجراءات وقائية لحماية فريقها قدر الإمكان.
تضيف يونس إن "الدروع والطاسات التي يرتديها أفراد الطواقم، ذات جودة عالية، وسيارات طواقمنا كتبت عليها كلمة Press بطريقة لا لبس فيها، كما أننا ننبه المراسل والمصور الى ضرورة عدم انفصالهما عن بعضهما البعض، كي يساعدا واحدهما الآخر في حال تعرضا لأي مكروه".
أما التأمين على حياة المراسلين في الجنوب، "فهو أقلّ واجباتنا"، تقول، "مراسلو الأرض لدينا لديهم تأمين ضد إصابات العمل التي يتعرضون لها، فكيف بمراسل يغطي ظروف حرب كتلك الدائرة جنوباً".
تقييم المخاطر: جهد جماعيّ
أما تقييم المخاطر لناحية تنقلات الطواقم بين البلدات بهدف التغطية، فهي مسؤولية تبدأ في غرفة الأخبار، وصولاً للمراسل على الأرض.
تشرح يونس: "عبر مجموعة عبر الواتساب، نتبادل المعلومات، وأي شخص، سواء كان في إدارة التحرير أو مراسلاً خارج الجنوب، يمتلك مصادر خاصة، يوصل المعلومات للمراسلين في الجنوب لتوخي الحذر في حالة ضرورة إخلاء منطقة أو عدم الذهاب لمنطقة".
أما الصحافي المتواجد في الجنوب "فلديه مصادره بطبيعة الحال، وهو يدرس أرضية البلدة التي يذهب إليها جيداً، كما يبقى على اطلاع بآخر الأخبار، سواء عبر الوكالات او السوشال ميديا، ما يضمن معرفته بأي خطر أو تطور عسكري على الأرض، ونحن بدورنا نتابع معهم أولاً بأول ونطمئن على سلامة فرقنا بعد كل حادث يتعرض له الصحافيون جنوباً".
على قدر المسؤولية
توصية أخيرة تتبعها المحطة، وهي تنبيه مراسليها ألا يأخذهم حسهم الصحافي بعيداً، فيخاطروا بأنفسهم بالاقتراب من الحدود بشكل كبير، حيث الاشتباكات في ذروتها، وأن يكونوا على قدر المسؤولية.
ورغم أن هذه الاحتياطات كلها لم تردع اسرائيل من الاستهداف المباشر للطواقم الاعلامية، ومن بينها فريق MTV، الإثنين، لكن يبقى واجب المؤسسات الإعلامية بتأمين أكبر حماية لطواقمها واجباً مهنياً وإنسانياً وأخلاقياً تفرضه التغطية الحربية.