شكوك حول مقتل الصحافيين التونسيين: "داعش" يضلل الإعلام
لا يزال الغموض يحيط بمصير الصحافيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري المختطفين حاليا في ليبيا، في وقت نفى فيه مصدر ليبي ما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام حول إعدام تنظيم "داعش" للشورابي والقنطاري، فيما حملت السلطات التونسية الجانب الليبي مسؤولية حماية التونسيين الموجودين في ليبيا.
وقال عضو تجمع ثوار ليبيا عماد السويري لـ"المدن": "قمنا بالاتصال بغرف الثوار في مدن برقة وأجدابيا وبنغازي وجميع المعلومات المتوفرة لدينا حتى الآن تنفي ما تم تداوله عبر وسائل الإعلام حول إعدام الصحافيين المختطفين". وأشار السويري إلى أن الشورابي والقطاري تم إيقافهما من قبل "كتيبة شهداء أجدابيا المتخصصة بحراسة المنشآت النفطية في مدينة أجدابيا إثر دخولهما بطريقة غير شرعية للبلاد"، مشيرا إلى أن مصيرهم بات مجهولا بعد مغادرتهم للمدينة في السابع من أيلول/سبتمبر الماضي ودخولهم إلى المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا إبراهيم الجضران في البريقة ورأس لانوف.
وكان الفرع الليبي لتنظيم "داعش" الإرهابي في مدينة "برقة" (شرق ليبيا) أعلن الخميس في بيان نشرته بعض المواقع المتطرفة إعدام الصحافي سفيان الشورابي ومرافقه المصوّر نذير القطاري، وتضمن البيان الذي حمل عنوان "تنفيذ حكم الله على إعلامييَن في فضائية محاربة للدين مفسدة في الأرض" صورا للشورابي والقطاري بصحبة أحد عناصر التنظيم الذي يخفي هويته ويرتدي زيا عسكريا، فيما تبدو الصورة الأخيرة التي تشير إلى عملية "الإعدام" المفترضة مبهمة، وهو ما دعا عدداً من المحللين إلى التشكيك بصحتها.
تنظيم "فجر ليبيا" نفى أي علاقة له بالحادث المفترض، واتهم بالمقابل قوات خليفة حفتر وإبراهيم الجضران باختطاب الشورابي والقطاري، مشيرا إلى أنها تسيطر بالكامل على مدينة البريقة وجميع مرافئها النفطية.
رئيس مركز تونس لحرية الصحافة محمود الذوادي أكد، في السياق، أن الصور التي نشرتها المواقع المتشددة حول عملية "مقتل" الشورابي والقطاري قديمة وتعود أساسا إلى شخصين قتلا في مدينة حلب السورية عام 2013. وأشار إلى أن الهدف من نشر الصور في هذا التوقيت بالذات "قد يكون بهدف تبادل مساجين ليبيين متشددين متواجدين في السجون التونسية"، كما رجح فرضية نشر هذه الصور "في إطار الحرب الإعلامية والنفسية خصوصا أن الموضوع يتزامن مع الهجوم الإرهابي على صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية".
والتقى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عائلتي الشورابي والقطاري، وأكد أن قضيتهما أصبحت "قضية وطنية، والدولة تبذل مساعي جبارة للتثبت من المعلومات حول وضعيتهما وعودتهما إلى أرض الوطن".
والتأمت خليّة الأزمة المكلفة بمتابعة الأوضاع في ليبيا في اجتماع في مقر وزارة الخارجية التونسية للتحري حول صحة المعلومات الواردة حول الصحافيين المختطفين، حيث أكد مدير المكتب الإعلام في الوزارة نوفل العبيدي عدم توفر أية معلومات جديدة حول الشورابي والقطاري، مشيرا إلى أن الجهود متواصلة مع الأطراف الرسمية والفاعلة في ليبيا لمعرفة مصيرهما.
الوزارة أصدرت لاحقا بيانا حمّلت فيه الجانب الليبي "مسؤولية ضمان سلامة المواطنين التونسيين المتواجدين في ليبيا"، ودعته إلى التحرك الفوري للتحري حول مصير الصحافيين ولتفعيل الاتفاقيات القضائية الثنائية والإقليمية ذات الصلة، محذرة مجددا التونسيين من السفر إلى ليبيا.
بدورهم، نفذ الصحافيون التونسيون وبعض ناشطي المجتمع المدني وقفة مساندة للصحافيين المختطفين في ليبيا، تلبية للدعوة التي أطلقها نقابة الصحافيين، حيث قال رئيس النقابة ناجي البغوري إن هذه الخطوة تهدف الى "توجيه رسالة تضامن مع الصحافيين المختطفين والدفاع عن حرية التعبير والصحافة، وأيضا من أجل تحميل الدولة التونسية مسؤولياتها لانقاذ حياة الصحافيين الشورابى والقطاري والخروج من سياسة الانتظار الى العمل الفعلي والجاد".
هيئة دعم وتشجيع الصحافة الليبية الحكومية اتهمت من جهتها "تنظيم أنصار الشريعة" بارتكاب "الحادث"، الذي قالت إنه "استمرار لحوادث القتل بحق الصحافيين الليبيين الذي تقوم به التنظيمات المتطرفة منذ زمن طويل"، داعية المجتمع الدولي الى "توحيد المعركة ضد الإرهاب في جميع جبهاتها واعتبارها جبهة واحدة دون الكيل بمكيالين".
من جهته، انتقد رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل مختار بن نصر التعاطي الإعلامي مع المعلومات المتعلقة بملف الصحافيين المختطفين، واعتبر أن الإعلام التونسي "انزلق في حرب نفسية"، مشيرا إلى أنه لم يتعامل بوعي وحذر مع المعلومات الواردة حول مقتل الشورابي والقطاري، والتي يفترض أنها تدخل حتى الآن في إطار "الشائعات".