إسرائيل تروّج لـ"حرب استنزاف": التسوية مع لبنان بعيدة
قرأت معظم معالجات الإعلام العبري، تطورات الحرب الإسرائيلية على لبنان، كمؤشر على استبعاد التسوية القريبة لإنهاء الحرب.
وعكست هذه القراءات، استنتاجاً قدمه مراسل التلفزيون الإسرائيلي الرسمي، الموجود في الجبهة الشمالية، وذلك بإشارته إلى أنّ سيرورة أحداث الحرب في الساعات الماضية، سواء بمواصلة إسرائيل عمليتها البرية في الجنوب اللبناني، بموازاة القصف الجوي، واستمرار هجمات حزب الله الصاروخية وإطلاقه المسيّرات.. كلها بمثابة "دليل" على أن المنطقة ما زالت بعيدة عن التهدئة التي تم الحديث عنها في الأيام الأخيرة.
عمليات مكثفة لـ"حزب الله"
عمليات مكثفة لـ"حزب الله"
وحسب الإفادة الصباحية للمراسل الإسرائيلي، فإنّ العدد الكبير لعمليات حزب الله، ونوعيتها، خلال الساعات الفائتة، تدل على أنّ إبرام اتفاق سياسي لوقف الحرب، "ليس قريباً"، وأن "التفاؤل الذي شهدناه قبل أيام لوقف إطلاق النار في لبنان، قد تبخّر نسبياً، بعد الأحداث الأمنية والعسكرية التي سُجّلت أخيراً".
في حين، اعتبرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في عددها الصادر الأحد، أن المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار في لبنان، وصلت إلى "طريق مسدود".
"حرب الاستنزاف.. قد تطول"
واستضافت النشرة الصباحية لراديو "مكان"، الباحث الإسرائيلي في مركز "موشيه ديان" بجامعة تل أبيب، ميخائيل ميلتشين، علّها تجد إجابة بشأن سبب عودة المبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى الولايات المتحدة "صفر اليدين"، وفرص حدوث انفراجة بخصوص لبنان.
وقال ميلتشين إن الوضع في لبنان معقّد، وأن المفاوضات مستمرة ومتوازية مع الحرب، موضحاً أن هناك "تقدماً معيناً" بالمفاوضات، لكن ليس "فعلياً"؛ لأن الفجوات ما زالت كبيرة بين حزب وإسرائيل.
وزعم ميلتشين أن "حزب الله لا يوافق على تطبيق القرار 1701، خلافاً لإعلان حكومة بيروت، كما أنه لا يوافق على انتشار الجيش اللبناني على حدود لبنان مع سوريا، ولا موافقة على فصل لبنان عن غزة".
وعلى ضوء ذلك، قدّر ميخائيل ميلتشين أن ما وصفها "حرب الاستنزاف"، من الممكن أن تستمر في لبنان لمدة غير قصيرة، ربما لأسابيع أو شهور طويلة، وفق قوله.
مفاوضات تحت النار
كما طرح مذيع راديو "مكان" سؤالاً رئيسياً في النشرة الإخبارية صباح الأحد، ومفاده "ماذا ينتظرنا؟!"، باعتباره سؤالاً "يطرحه الآن الإسرائيليون واللبنانيون وسكان الشرق جميعهم"، على تعبيره.
ثم طرح سؤالاً تتابعياً آخر: "هل ذهبت زيارة هوكشتاين مهبّ الريح؟".. وبحثاً عن مجيب لهذين السؤالين، استضاف مذيع "مكان" الضابط السابق في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، وأصوله لبنانية، جاك نيريا، حيث اختصر إجابته بالقول إن "الفائز في الانتخابات الأميركية هو من سيحدد مصير الحرب في لبنان".
وقاطعه المذيع، قائلاً: "لكن الإثنان، هاريس، وترامب، أعلنا أنهما يريدان إنهاء الحرب".. ليجيبه نيريا: "لكن ماذا يعني إنهاء الحرب؟، يُقصد به بالمفهوم الأميركي إخراج حزب الله من المعادلة، وأن لا يكون له دور في أي اتفاق بين إسرائيل والحكومة اللبنانية".
"معادلة إضعاف حزب الله"
"معادلة إضعاف حزب الله"
وأشار جاك نيريا إلى أن المفاوضات "ستستمر تحت النار، وأن ضرب الضاحية ومناطق أخرى في لبنان سيتواصل، بالتزامن مع مساع إسرائيلية لاستكمال الحزام الأمني على الحدود".
ووفق نيريا، فإن المعادلة هي: "كلما ضعف حزب الله، كانت الإمكانية أسهل للاتفاق مع الحكومة اللبنانية، ومن دون ذلك لا حل في لبنان".
ورداً على مداخلة المذيع بأن إضعاف "حماس" في غزة لم يؤدِ إلى صفقة تبادل، زعم نيريا أن حالة غزة مختلفة، وأن "إسرائيل لم تأتِ ببديل لحماس في القطاع، لكن في حالة لبنان هناك بدلاء".
ويبدو أن إسرائيل تعوّل أيضاً على عامل النزوح الكبير للبنانيين عن أراضيهم ومنازلهم، حيث قال نيريا إنه مع قدوم فصل الشتاء والأمطار، سيشكل النزوح ضغطاً أكبر على الحكومة اللبنانية يوماً بعد آخر.
"تغيير تكتيكي"
ميدانياً، ركزت وسائل الإعلام العبرية، على مواصلة حزب الله إطلاق قذائفه الصاروخية والمسيّرات، ووصف مراسلون عسكريون الأيام الأخيرة بـ"العنيفة جداً"، بالنظر إلى كمّ ونوع العمليات التي نفذها الحزب ضد إسرائيل.
مع ذلك، ذهبت قراءات عسكرية إسرائيلية إلى أن هجمات الحزب الأخيرة تدلّ على "تغيير تكتيكي" من قبله، مما دفع بعض التحليلات الإسرائيلية إلى الاستنتاج بأن الحزب "كأنه يقاتل بروح جديدة بعد تعيين نعيم قاسم أميناً عاماً له"، بينما اعتبرت تحليلات عبرية أخرى أن الحزب "يظهر وكأنه يلعب في الدقائق والساعات الأخيرة".
مع ذلك، ذهبت قراءات عسكرية إسرائيلية إلى أن هجمات الحزب الأخيرة تدلّ على "تغيير تكتيكي" من قبله، مما دفع بعض التحليلات الإسرائيلية إلى الاستنتاج بأن الحزب "كأنه يقاتل بروح جديدة بعد تعيين نعيم قاسم أميناً عاماً له"، بينما اعتبرت تحليلات عبرية أخرى أن الحزب "يظهر وكأنه يلعب في الدقائق والساعات الأخيرة".
وفي تركيزها على مسيّرات "حزب الله"، ذكرت الصحف العبرية إلى أن إسقاط إسرائيل مسيّرتين فقط للحزب، من أصل خمسة، أُطلقت السبت من لبنان، يعني أن التعامل الإسرائيلي مع المسيّرات يبدو صعباً. وكشف المراسل العسكري لهيئة البث العبرية أن الجيش الإسرائيلي اتبع تكتيكاً مغايراً منذ مطلع الأسبوع، عبر إدخاله وحدة جديدة قرب حدود لبنان، مهمتها مراقبة وتتبع مسيّرات حزب الله قبل وصولها إلى العمق الإسرائيلي، لكن المراسل أقرّ بأن هذا التغيير التكتيكي لا نجاعة له في هذه المرحلة.
في حين، أكد المراسل العسكري لموقع "واللا" العبري في منشور له، أنّ الطائرات المسيّرة تضع "شمال إسرائيل في حالة استنفار"، مبيّناً أن تقديرات الجيش تشير إلى امتلاك حزب الله مئات المسيّرات.