خبايا رداءة الإنترنت: جهِّزوا أنفسكم لدولرة فواتيركم
رفع الأسعار وتراجع الخدمات
ارتفعت الأسعار وأُجبِرَ المشتركون على قبولها، نظراً لحاجتهم للإنترنت، والتي زادها واقع العمل والتعليم من بُعد تحت وطأة انتشار فيروس كورونا. فارتفع الضغط على الشبكات ومعها شكاوى المشتركين، التي تبدأ عند المزوّع المباشر للمشتركين، مروراً بشركات التوزيع، وانتهاءً بالشركات المزوّدة.
تبرير الشركات المزوّدة لتراجع الخدمة، هو عدم إفراج أوجيرو عن المزيد من حزمات الإنترنت. ويصل التبرير إلى المشتركين الذين يضعون اللوم على أوجيرو، انطلاقاً من سخطهم على الدولة التي نجحت في اكتساب سمعة سيئة. وعليه، استمر المشتركون بدفع كلفة مرتفعة لقاء خدمة تتراجع باستمرار.
أوجيرو تُبرِّر
ترفض هيئة أوجيرو إلقاء اللوم عليها، لأن المشكلة لدى الشركات وليس الهيئة. "نوعية الإنترنت التي تأخذها الشركات ما زالت هي نفسها"، يقول المدير العام لهيئة أوجيرو، عماد كريدية. ويشرح لـ"المدن"، بأن الشركات الموزّعة للإنترنت "تطالب أوجيرو بزيادة حزمة الإنترنت، لكن أوجيرو ترفض لأن الشركات لم تقدّم للهيئة تبريراً للزيادة، كارتفاع عدد مشتركيها مثلاً".
ويوضح كريدية أن المشكلة التي يعاني منها المشتركون تبدأ من التوزيع غير المتكافىء للحزمات. فالشركات تعطي الحزمات لعدد أكبر مما ينبغي، فيزيد الضغط وتتراجع الخدمة. كما تحاول أوجيرو من خلال الرفض أن تتفادى "التوزيع غير الشرعي".
"أوجيرو غير مسؤولة عن طريقة توزيع حزم الانترنت التي تشتريها الشركات"، يقول كريدية. فالشركات "هي التي تقرر كيفية توزيع الانترنت على الموزعين لتضمن ربحها". وحول الربح، يكشف كريدية أن الشركات "لم تخسر في مسألة الأسعار، بل خسرت من معدل أرباحها. ولذلك، تحاول رفع الأسعار باستمرار، وهو أمر مبرر لأن الأكلاف ترتفع بالدولار بشكل جنوني".
إذاً، للزبون خيار واضح وهو أوجيرو. إذ يدعو كريدية الزبائن للاستفادة من خدمات أوجيرو التي تقدم إنترنت بجودة جيدة.
الشركات توفّر في أكلافها
خلف الشكاوى المتواصلة للمشتركين في كل المناطق، يكمن الهدف الأساس لشركات الإنترنت، وهو توفير الأكلاف وتحقيق المزيد من الربح. وتشرح مصادر من بين مزوّدي الإنترنت لـ"المدن"، بأن الشركات "تملك صحوناً وبطاريات ومحطات إرسال كثيرة. وتقسّم مشتركيها إلى مجموعات وتوزّعها على محطات الإرسال التابعة لها، وكل محطة لديها قدرة معينة على استيعاب عدد محدد من المشتركين، وإن زاد العدد عن الحد الطبيعي، تضطر الشركة لزيادة محطة إضافية. وما يحصل اليوم هو أن الشركات تُخرِج عدداً من المحطات عن العمل، أي تُطفئها، وهو أمر يحتاج إلى بضع ثوانٍ، وتُحمِّل المحطات الأخرى، عدد مشتركين أكبر، فتتراجع خدمة الإنترنت".
الشركات غير مهتمة حالياً باعتراضات زبائنها، بل تقع أولويتها في حدود "توفير المازوت وتفادي الأعطال وإجراء عمليات الصيانة وشراء المعدات بالدولار". وهذا الهَم، ينفي مسؤولية أوجيرو عن تراجع جودة الإنترنت، بل يؤكد من ناحية أخرى أن "الشركات المزوّدة تقوم بلعبتها بالتكافل والتضامن، وهو ما يبيّنه ضعف الإنترنت لدى كل اللبنانيين في الوقت نفسه. فهل يُعقل أن الشركات المزوّدة تعرّضت لأزمة واحدة في اللحظة عينها؟ كما أن أي شركة لن تسمح في الوضع الطبيعي، أن تتراجع الخدمة لديها، لأن المزوّدين سينتقلون إلى شركة أخرى، وهو ما لم يحصل اليوم، ما يشي بوجود قرار مخفي مشترك لدى الشركات".
على المقلب الآخر، توضح المصادر أن "حجّة أوجيرو ضعيفة أيضاً. إذ لا يمكنها التذرّع بعدد المشتركين لزيادة حزمة الإنترنت، فالشركات المزودة تدفع ثمن الحزمة، بعيداً من عدد المشتركين. فالحقيقة في مكان آخر".
الحقيقة برأي المصادر مرتبطة بسعر الدولار. فكما تبحث الشركات عن زيادة أرباحها، كذلك تفعل الدولة، عبر هيئة أوجيرو، وهو أمر منطقي. فالشركات "تسارع إلى حجز حزم إضافية من الإنترنت لدى أوجيرو، استباقاً لإمكانية رفع أوجيرو الكلفة عن طريق رفع سعر صرف الدولار. وأوجيرو أيضاً، لا تريد بيع حزم إضافية بالسعر الرسمي الحالي، فربما تتوافق القوى السياسية على رفع سعر الصرف الرسمي، فتحقق الدولة أرباحاً إضافية".
أرباح الكارتيلات
تشكّل الشركات المزوّدة للإنترنت كارتيلاً واحداً، يبحث عن زيادة أرباحه بأي وسيلة. ولأن زيادة أسعاره غير ممكنة بشكل رسمي، لأن عقوده مع الدولة بأسعار ثابتة، "تلجأ الشركات لطرق ملتوية، إذ تدخل بتسوية مع موزّعي الإنترنت الذين يأخذون الخدمة من المزوّدين. فالموزّعون يمكنهم زيادة فواتيرهم على المشتركين، وبالتالي، يأخذ المزوّدون نسبة من أرباح الموزّعين".
يلاحظ المشتركون أن الإنترنت يتراجع في ساعات مختلفة، حسب سرعة سحب الإنترنت. لكن بشكل عام، تزيد سرعة الإنترنت بعد منتصف الليل وصولاً إلى منتصف النهار، وتبدأ بالتراجع الواضح من الساعة 2 بعد الظهر إلى منتصف الليل. وهكذا تتكرر العملية "إلى أن تحين اللحظة المناسبة لزيادة الأسعار مرة أخرى، وهو أمر حاصل في المستقبل القريب، لا محالة".