أين هم أصدقاء سوريا؟
في المؤتمر الصحافي الذي عقده الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أثناء قمة المانحين للاجئين السوريين في قصر "بيان" في الكويت الأسبوع الماضي، رد بان على أحد الأسئلة بالقول إن منظمته لم تنجح حتى الآن إلا في إيصال شاحنتي مساعدات إلى الأماكن التي تحاصر فيها قوات الرئيس السوري بشار الأسد مدنيين سوريين.
إجابة بان المختصرة قالت الكثير. مؤتمر الكويت، وهو الثالث من نوعه، جمع 3.8 مليارات دولار، تضاف إلى 3.8 مليارات دولار أخرى تم جمعها في المؤتمرين الأول والثاني في العامين الماضيين، ما يعني أنه من أصل أكثر من 7 مليارات دولار تم جمعها منذ العام 2012، لم يحصل المدنيون السوريون المحاصرون على أكثر من شاحنتي مساعدات.
الأموال الدولية هذه، التي يتم جمعها في الغالب باستخدام ملصقات أطفال سوريين جرحى ولاجئين بسبب عنف الأسد العشوائي ضد المناطق السورية، تنفق معظمها الأمم المتحدة على مخيمات اللجوء في دول الجوار: لبنان وتركيا والعراق والأردن. كذلك، يصل جزء كبير من الاموال الدولية الى أيدي المنظمات السورية العاملة بإشراف نظام الأسد وفي المناطق التي تسيطر عليها قواته. أما ضحايا الأسد داخل سوريا، فيبدو أنهم الأكثر تضرراً والاقل حظاً في تسلم مساعدات انسانية هم الأكثر حاجة إليها. وربما لهذا السبب لم تتبرع قطر في المؤتمر، وأعطت فرنسا 20 مليون دولار فحسب، فيما اقتصرت مساهمة المملكة العربية السعودية على 60 مليون دولار، وهو رقم زهيد مقارنة بما قدمته الدولة المضيفة الكويت، والتي ساهمت بنصف مليار دولار، لتأتي في المركز الثاني بعد أميركا التي سددت 507 ملايين دولار. أيضاً، ربما تعرف قطر وفرنسا والسعودية أنّ جزءاً لا بأس به من أموال المانحين سيصل الى منظمات نظام الأسد، وهو ما دفعها الى التقنين في مساهمتها مقارنة بالمانحين الآخرين. وإذا كانت الأموال تذهب للأسد، فالسؤال يصبح: من يساعد ضحاياه داخل سوريا؟ واين هم أصدقاء سوريا؟ وماذا حصل لمجموعة "لندن 11" التي عقدت اجتماعات متكررة على مدى سنتين بعد اندلاع الثورة في العام 2011؟
في السياق، ومنذ أن اعتبرت واشنطن أنّ كل ما يحصل في سوريا لا يؤثر في موقفها المتمسك بتسوية سياسية، تحولت الأزمة السورية الى حفلة قتل لا تعني المجتمع الدولي في شيء. فليقتل الأسد ما شاء من السوريين، لكن ذلك لن يعيد الشرعية له، أو هكذا قالت أميركا. ومع تراجع الاهتمام الاميركي بالأزمة السورية، انفرط عقد "أصدقاء سوريا"، وصارت الحكومات الصديقة للسوريين تعمل منفردة، وصارت إيران تمارس ضغطاً على الحكومات ذات الموارد المحدودة، كأن تقفل حدود سوريا والعراق في وجه الشاحنات الأردنية بالتزامن مع تصريحات قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني، أن لبلاده نفوذاً في عدد من الدول بما فيها الأردن. وهذا الضغط الذي مارسته إيران على دول مثل الاردن، وغيرها، نجح في تحييد المزيد من الدول الصديقة للسوريين، وترك السوريين المحاصرين يموتون بصمت على رغم ضجيج براميل الأسد المتفجرة.
يقول علي بن أبي طالب في خطبة الجهاد الشهيرة المنسوبة إليه، مقذعاً مؤيديه، إنهم انهزموا لتفرقهم عن حقهم ولتوحد أعدائهم على باطلهم. وهكذا هي حال السوريين. يعرفون أنّهم على حق، لكن العالم لا يعنيه أن تكون شاحنتا مساعدات فحسب قد وصلت إلى السوريين المحاصرين من 7 مليارات دولار تم صرفها لمساعدات المنكوبين منهم.
وخلاصة القول، أنه لم يعد للسوريين أصدقاء. صار أصدقاؤهم مبعثرين، متفرقين، خائفين، ينتظرون ما سيقرره مسؤول "إيران والعراق وسوريا والخليج" في "مجلس الأمن القومي" الأميركي، روب مالي، في لقاءاته مع المسؤولين الايرانيين. أما مالي، فينقل عنه من اجتمعوا به مؤخراً وقدموا له عروضاً حول الحلول الممكنة في سوريا قوله: "لا تأتوني بحلول لا توجد فيها كلمتا إيران وروسيا".
"يا الله ما لنا غيرك يا الله" هو من الشعارات الأولى في الثورة السورية، وهو شعار يبدو أنه الوحيد الذي يعد السوريين بفرج لا يبدو أنه يقترب.