تحرير الشام تجهّز لهجوم ضد النظام.. الحرب الإسرائيلية شجعتها
تُجري هيئة "تحرير الشام" والفصائل المتحالفة معها في غرفة عمليات "الفتح المبين"، تحضيرات تحركات عسكرية على محاور الجبهات مع قوات النظام، شمال عرب سوريا. وتشير المعلومات إلى نيّتها تنفيذ عمل عسكري على محوري ريف حلب الغربي وإدلب الشرقي.
ويتزامن التحضير المزمع، مع زيارة مسؤولين عسكريين أتراك بارزين إلى إدلب، وريف حلب، ووسط حركة نزوح للمدنيين. لكن يبقى التساؤل، هل تسمح أنقرة للفصائل بالهجوم وتغيير خرائط السيطرة في المنطقة في ظل التفاهمات مع روسيا؟ وماذا عن الموقف الأميركي؟
تحضيرات عسكرية
وقالت مصادر ميدانية لـ"المدن"، إن تحرير الشام ومن معها من فصائل متحالفة، تجري تحركات وتحضيرات عسكرية غير عادية، على محاور الجبهات مع النظام وحزب الله والميلشيات الإيرانية في أرياف اللاذقية، وإدلب، وحلب الغربي.
ونقلت المصادر عن قادة ميدانيين في تحرير الشام تأكيدهم أن هناك نية لفتح عمل عسكري على محوري ريف حلب الغربي، وسراقب، في إدلب الشرقي، بشكل يغيّر من خرائط السيطرة، تمهيداً لفتح جبهة أكبر وصولاً إلى مدينة حلب، في وقت لاحق.
وأضافت المصادر أن فصائل "الفتح المبين" جهّزت أكثر من 8 دبابات ومجنزرات ووضعتها في الخدمة، كما حصّنت عدداً من مرابط المدفعية، وجرّبت راجمات صواريخ للتأكد من جاهزيتها، كما قطعت الدعم عن عدد كبير من العناصر وحولته إلى المجهود الحربي. وأكدت أن التجهيزات كبيرة، وتهدف لعملية كبيرة توسّع مناطق نفوذها، وقد تنطلق في أي لحظة.
ولم تُصدر تحرير الشام وحلفاؤها أي بيانات أو مواقف رسمية تُشير لأي شيء، باستثناء دعوة قائد "تجمع الشهباء" حسين عساف، الحليف لها في "الجبهة الشامية" المنضوية في الجيش الوطني، لتوجيه الأنظار نحو "فتح" قريب، كما دعا "الثوار والأحرار" لانتظار ذلك. يُضاف إلى ذلك ترويج كبير من قبل الإعلام الرديف في تحرير الشام.
وما يؤكد حقيقة وجود تحركات وتجهيزات، حركة النزوح الكثيفة للسكان نحو مناطق آمنة وبعيدة عن محور القتال القريبة، والتي قد تنطلق منها المعركة.
وقال فريق "منسقو استجابة سوريا" إن عدد النازحين من القرى الواقعة على خطوط التماس، بلغ 4 آلاف و280 شخصاً، مشيراً إلى أن النزوح هو بسبب زيادة المؤشرات بحدوث عملية عسكرية.
واقع المعركة
والحديث عن نيّة فتح معركة ضد النظام وحلفائه، ليس بجديد، وسبق أن صدر من زعيم تحرير الشام أبو محمد الجولاني، عندما قال إن عينه على تحرير دمشق، بعد تحرير حلب وحماة. لكن الواقع الحالي، في ظل التصعيد الإسرائيلي ضد حزب الله، وما تلقاه من ضربات قوية مؤخراً، أعطى زخماً غير مسبوق للهجوم المزمع، خصوصاً أن حزب الله يُشكّل "محور" السيطرة على تلك الجبهات، مع النظام والميلشيات الإيرانية، لا سيما ريفي حلب الغربي، وإدلب الجنوبي، وصولاً لريفي حماة، واللاذقية.
وترى مصادر متابعة تحدثت لـ"المدن"، أن التجهيز لمثل هذه المعركة، يحتاج وقتاً طويلاً لكي تستطيع فرض السيطرة وتغيير خرائطها بشكل فعلي على الأرض، معتبرةً أن الترويج للعمل ينفي حدوثه بالأصل، لأن الفصائل يجب أن تنفّذ تلك العمليات بشكل مباغت، لا أن تتحضر علنياً على غرار الدول.
وأوضحت المصادر أن تحرير الشام كانت تخطط لأسابيع للسيطرة على موقع أو أكثر للنظام في ريف إدلب الجنوبي، أو حلب الغربي، ضمن ما يسمى "العمليات الانغماسية"، فكيف بحال التجهيز لعمل كبير يغير خرائط السيطرة فعلياً، وهدفه الأكبر هو مدينة حلب؟
واقع سياسي رافض
وتزامناً مع التحضيرات المزمعة للمعركة، وصل قادة عسكريون أتراك، بينهم قائد القوات البرية الجنرال سلجوق بيرقدار أوغلو، إلى قواعد للجيش التركي في ريفي إدلب، وعفرين. وقال البعض إن الزيارة جاءت لمنع تحرير الشام من فتح عمل عسكري، فيما أكدت أخرى أنها لإعطاء الضوء الأخضر، ومنع النزوح على إثرها عبر الحدود.
ويستند أصحاب "الضوء الأخضر" في تأكيدهم إلى أن تركيا تريد فعلاً توسيع مناطق سيطرة الفصائل، لاستيعاب أعداد جديدة من المرحلين قسراً من الولايات التركية، وكذلك إلى الأعداد الكبيرة للهاربين من لبنان، إلى الشمال السوري.
إلا أن المصادر قالت إن الزيارة هي لأجل إثبات قدرة الجيش التركي على ضبط الحدود، وواقع السيطرة على الأرض، في ظل التوتر الحاصل في المنطقة، ومنع أي تصعيد من شأنه التسبّب بموجة نزوح جديدة.
وبالتسليم ضمناً أن روسيا ترفض أي عمليات تصعيدية ضد النظام ومناطق سيطرته، يبقى موقف الولايات المتحدة هو "بيضة القبان" في الموافقة على عمل عسكري، أو رفضه. ويمكن قراءة الرفض الأميركي صراحةً، من تصريحات للمتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية سامويل وربيرغ، قال فيها إن واشنطن تراقب عن كثب التطورات الميدانية في سوريا، داعيا إلى التهدئة والعمل على تجنب أي تصعيد يمكن أن يؤثر على الاستقرار الإقليمي.