عقود مؤقتة بلا أمان وظيفي..بديلاً عن الوظيفة العامة بسوريا

منصور حسين
الإثنين   2024/10/28
السياسة التي ينتهجها النظام ستخلق جشياً من العاطلين عن العمل (Getty)
تتجه حكومة النظام السوري نحو تعديل قانون الوظيفة العامة، والانتقال من نظام التوظيف المغلق نحو نظام التعاقد المفتوح، في خطوة تحمل العديد من الأهداف التي يأمل النظام تحقيقها، لتغطية العجز الاقتصادي الذي يعانيه منذ سنوات.
وقدمت وزارة التنمية الإدارية في حكومة دمشق، مشروع تحديث قانون الوظيفة العامة، وإبداله بأربعة قوانين جديدة، تهدف إلى الاستعاضة عن قانون العاملين الأساسي، والانتقال نحو الوظيفة التعاقدية المؤقتة، وإنهاء مرحلة التثبيت الحكومي.
ويتضمن التعديل، نظام المراتب الوظيفية والقواعد العامة للعمل الإداري، ومبادئ وأسس أنظمة العمل والعاملين في القطاع الاقتصادي، وقانون إدارة الموارد البشرية من التعيين إلى التقاعد، إضافة إلى قانون التنظيم المؤسساتي.
وبحسب عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال طلال عليوي، فإن المشروع ينصّ على تطبيق النظام المختلط كمرحلة أولية إلى حين انتهاء خدمة الموظفين الدائميين ضمن دوائر الدولة، ما يعني إيقاف عملية التثبيت الحكومي ورفد الشواغر بموظفي عقود مؤقتة تتراوح مدتها من سنة إلى سنتين.
وكانت وزارة التنمية قد توصلت إلى اتفاق مع الاتحاد العام لنقابات العمال، على تغيير قانون الخدمة العامة إلى قانون الوظيفة العامة، ووضع حد أدنى للأجور وتحديد الفئات الوظيفية بثلاث فئات، تبدأ من حملة الشهادات العليا وصولاً لموظفي شهادات المرحلة الابتدائية.

الوظيفة والخدمة العامة
ويعتبر مدير منصة اقتصادي يونس الكريم أن الاتفاق على مسمى الوظيفة العامة، يتناسب مع اتجاه الحكومي نحو إحلال نظام اقتصادي جديد، يتجاوز قيم اقتصاد السوق الذي ينتهجه النظام والانتقال إلى النظام الرأسمالي.
وهذا القانون، بحسب الكريم، يمهد لخطوات كثيرة يريد النظام السوري الوصول إليها، خلال السنوات الخمس القادمة، من خلال خفض مستوى الخدمات الحكومية المقدمة للمواطن لصالح القطاع الخاص، وتحويل مؤسسات الدولة إلى العمل التشاركي مع القطاع الخاص استعداداً لمرحلة إعادة الاعمار.
ويوضح أن القانون ينتقل من الخدمة العامة، الذي يُعتبر أحد صور التطوع الذي يقدمه العامل في القطاع العام مقابل أجور كنوع من الدعم، نحو الوظيفة التي تفرض على الدولة تقديم أجر يتناسب مع خدمات الموظف كحال القطاع الخاص.
ويقول: "إنهاء التثبيت الحكومي يعني انتهاء الخدمة مع إنجاز العمل، والذي يمثل أحد خطوات التقشف للتخفيف من الأعباء على الموازنة العامة، إضافة إلى تفعيل مبدأ التشاركية وجذب الاستثمارات التي يعول عليها النظام، من خلال تقليل أعداد الموظفين داخل مؤسسات الدولة".

جيش من العاطلين عن العمل
ويرى الكريم أن "هذه الخطوة تأتي بناءً على توصيات صندوق النقد الدولي في تقليل أعداد الموظفين، وإزالة الوظائف الغير ضرورية، وجعل الأجر يتناسب مع العطاء، ما يعني عدم دفع رواتب للموظفين الغير منتجين، وهو يقلل من مصاريف الدولة بشكل كبير".
ويؤكد الكريم أن هذه الخطوة، تخلق أزمة كبيرة، على رأسها جيش من العاطلين عن العمل، وخريجين غير قادرين على كسب قوت يومهم، الأمر الذي يدفعهم للتوجه نحو العسكرة، أو تحولهم إلى قوة وأزمة ضاغطة على الحكومة يتوجب التعامل معها.
ويشدد على أن "القرار الجديد يلغي حصانات الموظف وحالة الأمان التي يوفرها التثبيت الحكومي"، إضافة إلى "خلق فجوة الكبيرة في رواتب موظفي العقود، حيث يتسلم موظفي الإدارة العليا رواتب ضخمة على عكس الفئات المتوسطة، ما ينعكس بطبيعة الحال على مستوى صرف الفرد، الذي سيواجه مستويات متقدمة من الغلاء على صعيد الخدمات والسلع وغيرها".

خطوة تحتاج إلى حلول
بدوره، يرى الباحث الاقتصادي عبد الرحمن أنيس أن إنهاء نظام الوظيفة المغلقة أو التثبيت الحكومي، يمثل خطوة إيجابية في حال تزامن الانتقال نحو النظام المفتوح، المتوقع حصوله، بقوانين تضمن حقوق العمال والموظفين على المدى البعيد.
ويوضح أن الوظيفة في سوريا، ومنذ عقود، تندرج ضمن توصيف البطالة المقنعة، وبؤرة للفساد والمحسوبيات التي تنخر مؤسسات الدولة، نظراً لسلم الرواتب المتدني وارتفاع أعداد الموظفين الغير منتجين.
ومن أهم الحلول بحسب أنيس، تفعيل هيئات الرقابة والمحاسبة وتعزيز المكافأت والتعويضات، وضخّ الأموال وتفعيل صندوق الضمان الاجتماعي وجعله صندوقاً سيادياً يشمل جميع السوريين، إضافة إلى صندوق خاص يهتم بتقديم التعويضات لمن أنهى عقده، إلى حين الحصول على عقد عمل جديد، ويجبر القطاع الخاص على الالتزام بالدفع لصندوق التأمين الاجتماعي وربطه بصندوق الضمان الحكومي.