"MTN" تغادر سوريا..الأسد يبسط سيطرته على سوق الاتصالات الخلوية
في خطوة متوقعة، أعلنت مجموعة "MTN" الجنوب أفريقية للاتصالات الخلوية، عن قراراها بالخروج النهائي من سوريا، وذلك بعد مضي شهور من فرض النظام السوري الحراسة القضائية على الشركة، بتهم انتهاكات تتعلق بعقد الترخيص، وهو الأمر الذي نفته الشركة.
وجاء الإعلان عن الخطوة، على لسان الرئيس التنفيذي لمجموعة "MTN" رالف موبيتا، الذي أرجع القرار إلى الصعوبات التي تعترض عمل الشركة قائلاً: "العمل هناك (في سوريا) أصبح غير محتمل".
وبتأكيد موبيتا اعتزام شركته الانسحاب من السوق السورية، يتجه النظام السوري إلى إحكام السيطرة على سوق الاتصالات الخلوية، وذلك بعد سيطرته على الشركة الأولى "سيريتل" المملوكة سابقاً لقريب بشار الأسد، رامي مخلوف.
وقبل يومين، أعلنت شركة "MTN" عن استقالة رئيس وعضوين في مجلس الإدارة، موضحة أن رئيس مجلس الإدارة محمد بشير المنجد ود.نصير سبح وجورج فاكياني استقالوا من مجلس الإدارة.
وعن الأسباب التي استدعت قرار الشركة، يشير الباحث بالشأن الاقتصادي السوري رضوان الدبس إلى وجود صلة لخلاف مخلوف-الأسد، بقرار "MTN" الأخير. ويوضح ل"المدن"، أنه تم ترتيب دخول الشركة إلى سوق الاتصالات السورية، في العام 2007، مع رامي مخلوف الذي كان وكيل آل الأسد، ومع تفاقم الخلاف مؤخراً، فقدت الشركة داعمها وسندها، وبذلك صار قرار الانسحاب أمراً واقعاً..
وبحسب الدبس، فإن الشركة الأم (MTN) غير معتادة على التجاذبات والصراعات بين تيارات "الدولة" الداخلية، وهو ما كبد الشركة خسائر كبيرة، إلى جانب الخوف لدى الشركة من الإشكاليات القانونية الناجمة عن خطورة العمل تحت وقع العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على النظام السوري.
ويتوج كل ذلك، عدم استقرار سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، وضعف القدرة الشرائية للسوريين، وفق الدبس، الذي أضاف أن "أي شركة خارجية تعمل في السوق السورية هي خاسرة حكماً، بسبب عدم ثبات سعر الصرف".
ويقول الدبس إنه لم يبقَ في السوق السورية ما يجذب الشركات الكبيرة، وخصوصاً مع انقطاع التيار الكهربائي، وارتفاع أسعار المحروقات اللازمة لعمل الشركات، وكل ذلك مجتمعاً أدى في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار الانسحاب النهائي.
وكان النظام قد عين وفي شباط/فبراير، شركة "تيلي انفست" الشريكة في "MTN"، حارساً قضائياً على الأخيرة، معطياً بذلك ل"تيلي انفست" المحلية التي يديرها يسار إبراهيم وشقيقته نسرين (أذرع أسماء الأسد)، أهمية أكبر من الشركة الأم التي تمتلك 75 في المئة من أسهم الشركة، وهو ما جعل قرار "MTN" محكوماً للشركة المحلية.
من جانبه، وصف الباحث أحمد السعيد قرار "MTN" ب"الطبيعي والمتوقع". وقال ل"المدن"، إن "تراكم نتائج عقد من الصراع، بدأت بالظهور مؤخراً بشكل واضح، بحيث لم تعد تتوفر في سوريا أي مقوم للاستثمار، فضلاً عن زيادة تسلط النظام، وشخصيات مقربة منه على الشركات".
ولفت السعيد إلى اعتراف النظام قبل أيام بهجرة ما تبقي من صناعيين إلى خارج سوريا، وقال: "غالباً تم الاتفاق بين الشركة (MTN) وشركات تابعة لآل الأسد على قيمة الصفقة، وإعلان موبيتا تحصيل حاصل، والأرجح أن النظام فرض شروطه والمبلغ الزهيد على الشركة مقابل حصتها".
وفي العام 2020، كانت "MTN" قد كشفت عن التوصل إلى مرحلة متقدمة من المناقشات لبيع حصتها في سوريا إلى "تيلي انفست"، وبعد ذلك عين النظام الشركة الأخيرة حارساً قضائياً على الشركة، في رد كما يبدو على تعنت الشركة الأم (MTN)، وعدم رضوخها للضغوط الهادفة إلى الموافقة على البيع بالسعر الذي حدده النظام.
يذكر أن "MTN" تعد ثاني الشركات المسيطرة على سوق الاتصالات الخلوية في سوريا، بعد شركة "سيريتل" التي سيطر عليها آل الأسد بعد تحييد رامي مخلوف عن قرارها.