إدلب:تسريب ورقة إعلان المبادىء..يربك الروس
كان من المفترض، بحسب جدول الاعمال الذي وضعه المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أن تناقش المجموعة الدولية المصغرة: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسعودية والاردن ومصر، ما آلت اليه امور تشكيل اللجنة الدستورية، على ضوء ما ناقشه المبعوث الدولي مع مجموعة الدول الضامنة يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، لكن دي ميستورا فوجئ بطرح المجموعة الدولية ورقة حملت عنوان "اعلان مبادئ"، علماً ان هذه الورقة كانت قد سربت للاعلام عن طريق المجموعة ذاتها قبل اربع وعشرين ساعة من موعد الاجتماع.
وأطاحت هذه الورقة بكل الملفات التي كان المبعوث الدولي قد جهز نفسه لمناقشتها مع الدبلوماسيين السبعة: الاوضاع في إدلب، تشكيل اللجنة الدستورية وصلاحياتها وآليات عملها، وانحصر النقاش بـ"المبادئ" التي تعبر عن رؤية هذه المجموعة الدولية لسوريا حالياً ومستقبلاً. وكان الابرز في هذه الوثيقة ربط الاستقرار في سوريا بقطع علاقات دمشق مع "النظام الايراني ووكلائه العسكريين"، كواحد من "مبادئ لحل النزاع" كما جاء في الورقة، ما اعتبر في جنيف ترجمة مباشرة لاستراتيجية أميركية جديدة، تخطط لتحجيم الدور الايراني في سوريا والمنطقة إلى الحدود الدنيا عبر إخراجها نهائياً من سوريا.
وتربط الورقة، من جهة ثانية، دعم اعادة الاعمار في المناطق التي يسيطر عليها النظام بإجراء "اصلاح سياسي شامل تنتج عنه انتخابات"، في حين يعكس تعهد مجموعة السبعة تقديم الدعم لما اسمته الورقة "مناطق محررة"، من دون أن تحدد هذه المناطق وجغرافيتها وما إذا كانت إدلب من ضمنها، أو أن المقصود المناطق التي يسيطر عليها الاكراد في الشمال.
في هذا الوقت، بدا الجانب الروسي بعيداً كلياً عن هذه المبادئ الغربية-العربية، فالتحضير جار لمعركة ادلب على المستوى السياسي والدبلوماسي، والاتصالات مع الجانب التركي لا تتوقف؛ وبانتظار بلورة هذه الاتصالات يوم الاثنين المقبل في اللقاء المتوقع في موسكو، بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والروسي فلاديمير بوتين، فإن ما ينقل عن الجانب الروسي في جنيف أن موسكو أعطت مهلة زمنية غير محددة ولكن ليست مفتوحة لتركيا، من أجل إيجاد الحل، طبقاً لاتفاقات أستانة وفصل المجوعات "المصنفة إرهابياً"، وتتبع لـ"هيئة تحرير الشام" في إدلب عن "المجموعات المعتدلة"، المدعومة بمعظمها من أنقرة.
وفيما لم يعلق الجانب الروسي على المعلومات التي تتحدث عن نقل الاتراك آلافاً من مقاتلي فصائل "درع الفرات" إلى إدلب، علمت "المدن" من مصادر في جنيف أن ضباطاً روس وصلوا قبل اسابيع إلى إدلب، وهم يجرون لقاءات مكثفة مع بعض قادة الفصائل لإقناعهم بالدخول في "معادلة المصالحات". ويعول الجانب الروسي على إقناع هؤلاء، بالتنسيق مع تركيا، بالمشاركة في مواجهة محتملة مع "فتح الشام"، لكن هذه الاوساط تؤكد أن نسبة نجاح هذه المساعي الروسية تبقى حتى الان ضئيلة.
وعلى هامش اجتماعات دي ميستورا التي جرت في الامم المتحدة، عقد وفد مصغر من "هيئة التفاوض" المعارضة، ضم رئيس الهيئة نصر الحريري والمتحدث باسمها يحيى العريضي وآخرين، اجتماعاً مع المجموعة المصغرة في مقر البعثة الاميركية في جنيف، ناقش "كافة المواضيع المتعلقة في سوريا"، وعلى رأسها الوضع في إدلب.
وقالت مصادر معارضة لـ"المدن"، إن ورقة "اعلان المبادئ" احتلت الجزء الاكبر من النقاش، خصوصاً انها فتحت بعض نقاطها تتعارض مع ما تطرحه "الهيئة"، لاسيما ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية في سوريا.
وفي تغريدة على "تويتر"، قال الحريري إن الاجتماع تضمن "نقاشات مفيدة حول الوضع في إدلب، وضرورة حمايتها وتجنيبها العمل العسكري وتطورات العملية السياسية واللجنة الدستورية وضرورة الدفع قدما باتجاه الحل السياسي الشامل في سوريا".