النظام يخترع مصالحات في درعا
شهدت بلدات الصنمين، وموثبين، وازرع، ودرعا المحطة، اجتماعات لوفود "المصالحة الوطنية" التي كان لها الثقل الأكبر في درعا المحطة، عندما حضر مفتي الجمهورية أحمد بدرالدين حسون حفلاً لتوقيع المصالحة، الأحد، إلا أن هذه الاجتماعات سرعان ما انتهت بعد استهداف المعارضة لها، كما جرى في مدينة الصنمين، وتحدثت وسائل إعلام النظام عن قرابة 2000 شخص عمدوا الى تسوية أوضاعهم الأمنية، مستفيدين من قرار العفو الرئاسي عن المسلحين.
وكانت بلدة جاسم، المجاورة للصنمين، قد أصدرت بياناً أعلنت فيه رفضها لأي عملية مصالحة مع النظام، وحذّرت السكان من أن هذه المصالحات ليست إلا خطة ماكرة من قبل النظام للاستفراد بمناطق درعا الخارجة عن سيطرته واحدة تلو الأخرى. وعلى وقع ذلك، قام النظام بقصف البلدة بغارات جوية، خلفت خمسة قتلى وعدداً من الجرحى، بينهم أطفال. وطال القصف المستشفى الميداني في البلدة.
الناشط الإعلامي، ومدير مؤسسة "يقين" الإعلامية سابقاً معاوية الزعبي، قال لـ"المدن"، إن "غالبية الحضور في اجتماعات المصالحة هم اتباع النظام، ومن المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة النظام، إضافة لبعض أهالي المعتقلين على امل الإفراج عن أبنائهم".
ووصف الزعبي المصالحات "بالتمثيلية التي يعمد اليها النظام بين الفينة والأخرى، لإيهام الناس بأن درعا تصالح وتهادن النظام". وأوضح "أن درعا في مرحلة التجهيز لأعمال عسكرية جديدة، لكن الأهداف التي بقيت بيد النظام كبيرة وتحتاج تخطيطاً جيداً وعالي المستوى".
ونفى الزعبي أن تكون عمليات المصالحة قد شملت قرى أو مدناً بأكملها، مؤكداً أن الأمر "يقتصر على بعض الافراد"، الذين يوالون النظام ويقطنون في المناطق الخارجة عن سيطرته.
ويدفع النظام عبر عمليات المصالحات هذه، بالعديد من الشخصيات التي ما تزال تواليه في درعا، ولها ثقل اجتماعي نتيجة مساعدتها الدائمة لأهالي المعتقلين بالتوسط لهم عند فروع الأمن، وحتى بالضغط على الجهات المعنية في مسألة السماح بدخول شحنات من الغاز او المحروقات، والسلل الغذائية بشكل عام الى القرى والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة.
في هذا السياق، اعتبر الصحافي إياس العمر، أن وفود المصالحات لا تمثل إلا نفسها، فلا يوجد وفد مصالحة مشكل من زعامات اجتماعية أو ثورية، بل هم اشخاص موالون للنظام ولم يتخلوا عنه، والنظام يقوم بتوظيفهم في أدوار مختلفة "حيث نراهم بالمصالحات والانتخابات".
ولفت العمر "إلى ان الحاضنة الشعبية للثورة، الى هذه اللحظة، لم تتقبل فكرة المصالحة الوطنية، ومن المستحيل ان تذهب بهذا الاتجاه، لمعرفتهم بغدر النظام وعدم إعطاء المصالحين أي ميزات حقيقة قد تدفعهم للقبول بهكذا فكرة". ونفى وجود أي مقاتلين أو فصائل، اشتركت في هذه العملية، بعدما زعمت وسائل الإعلام السوري الرسمي بذلك. وقال إنه في حال وجد أشخاص بالفعل من الفصائل المعارضة، وقاموا بالمصالحة فهؤلاء "حالات فردية زرعها النظام في بعض التشكيلات، وقام بسحبها لإضعاف الروح المعنوية".
وتشهد الآونة الأخيرة سعياً حثيثاً من قبل النظام لفرض "المصالحة الوطنية" في مدن درعا وبلداتها جنوب البلاد، مستغلاً بذلك جمود الجبهات ضده في الجنوب جراء الضغوط الدولية على فصائل "الجبهة الجنوبية" التابعة للجيش الحر، التي باتت بعيدة عن المواجهة مع النظام منذ أكثر من ستة أشهر، وأقرب إلى حالة القبول بالأمر الواقع.
يشار إلى أن "دار العدل في حوران" أصدرت، أواخر الشهر الماضي، تعميماً على جميع الفصائل المسلحة بمنع عبور المدنيين من المناطق الخاضعة لسيطرتهم إلى المراكز التي تجري فيها المصالحات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. وبررت ذلك بأنه "حرص على المصلحة العامة".