أوباما يستخدم سوريا للمناورة السياسية
إعلان الرئيس باراك أوباما المفاجئ نيته تخصيص مبلغ 500 مليون دولار للمعارضة السورية، المدنية والمسلحة، للعام 2015، قد يبدو غريبا، فالإدارة الأميركية تقول انها تنفق، منذ زمن، أموالا أميركية على دعم هذه المعارضة بما في ذلك تدريب ثوار، ولكن لم يسبق لها ان خصت ذلك الانفاق بإعلان.
اما السبب خلف اعلان أوباما عن المساعدة المرصودة فيبدو انه محاولة من الرئيس الأميركي لاستخدام الملف السوري للضغط على الكونغرس، الذي يعرقل منذ فترة المصادقة على المبالغ الإضافية التي يطلبها أوباما لتمويل اعمال بلاده العسكرية حول العالم. ولأن غالبية أعضاء الكونغرس يطالبون أوباما بدعم ثوار سوريا، فيبدو ان ادارته ارتأت ربط سوريا بالأموال الإضافية المطلوبة والبالغة 58,6 مليار دولار.
وفي رسالة الى رئيس الكونغرس جون باينر، قال أوباما ان الأموال الإضافية سيتم انفاقها من اجل تمويل "العمليات العسكرية في أفغانستان، وجزء كبير من وجود الولايات المتحدة العسكري في الشرق الأوسط، وصندوق الشراكة لمكافحة الإرهاب الذي اقترحته الإدارة، ومبادرة التطمينات للأوروبيين، وتكاليف قوات حفظ السلام في جمهورية افريقيا الوسطى".
وكان أوباما أشار في مؤتمر صحافي خصصه للحديث عن العراق ان بلاده ستستخدم الأموال المخصصة لأفغانستان، بعد الانسحاب منه، لاماكن أخرى مثل العراق.
ومعلوم ان مصير أموال حرب أفغانستان، بعد الانسحاب الأميركي منها، يثير جدلا منذ فترة في العاصمة الأميركية. فبينما يصر المطالبون بخفض الانفاق الحكومي على إعادة هذه الأموال الى الخزينة، تحاول إدارة أوباما اقناع الكونغرس ان الأموال مازالت مطلوبة لعملياتها العسكرية في الخارج، وهو ما يرد عليه المعارضون بالقول ان الانفاق على هذه العمليات يجب ان يأتي من صلب موازنة وزارة الدفاع، البالغة أكثر من نصف ترليون دولار سنوياً.
وفي بيان ارفقته إدارة أوباما بمرسوم طلب الأموال الإضافية، قالت الناطقة باسم "مجلس الامن القومي" كايتلين هايدن عن سوريا: "بينما مازلنا نؤمن ان لا حل عسكري للأزمة، وانه لا يجب على الولايات المتحدة ان تزج بجنود اميركيين في القتال في سوريا، يمثل طلبنا للكونغرس خطوة في اتجاه مساعدة الشعب السوري في الدفاع عن نفسه ضد هجمات النظام، وان يواجه العدد المتزايد من المتطرفين مثل (الدولة الإسلامية في العراق والشام) داعش الذين يجدون ملاذا آمنا في الفوضى، وان يأخذ السوريون مصيرهم بأيديهم عن طريق تعزيز امنهم واستقرارهم على النطاق المحلي".
وتابعت هايدن انه "كجزء من صندوقنا للشراكة لمكافحة الإرهاب، نحن نطلب 1,5 مليار دولار من اجل مبادرة تثبيت إقليمية تشمل جيران سورية – الأردن، لبنان، تركيا، والعراق – وكذلك المعارضة السورية المعتدلة". وأضافت: "بالخصوص، نحن نطلب 500 مليون دولار من اجل تخويلنا تدريب وتجهيز عناصر تم التدقيق بهويتها من المعارضة المسلحة المعتدلة".
واعتبرت هايدن ان طلب التمويل "يبني على مجهود الإدارة السابق من اجل تقوية المعارضة السورية المعتدلة، المدنية والمسلحة، وسيسمح لوزارة الدفاع بزيادة دعمنا للعناصر التي تم التدقيق بهويتها من المعارضة المسلحة".
وتظهر ارقام الموازنة العسكرية الإضافية التي طلبتها الإدارة من الكونغرس للعام 2015 ان المليارات الخمس التي وعد بها أوباما من اجل تمويل صندوق "الشراكة لمكافحة الإرهاب" سيتم تخصيص مليار منها لأعمال وزارة الخارجية في سوريا والعراق، وأربعة مليارات لوزارة الدفاع، التي سيتم تخصيص 1,5 مليار منها لعمليات القوات الأميركية في سورية وجوارها، و500 مليون للمعارضة السورية المسلحة، و500 مليون احتياط للتعامل مع أي أزمات طارئة.
وفي وقت ترفض الإدارة الأميركية تقديم أي تفاصيل حول النشاط الذي تقوم به لدعم الثوار السوريين، تشي تصريحات المسؤولين الاميركيين بأن مبلغ الـ 500 مليون المرصود للعام 2015 قد لا يكفي، اذ حسب اقوال هايدن، سيتم استخدام المبلغ المذكور لمساعدة "الشعب السوري على تثبيت المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وتسهيل تقديمها الخدمات الأساسية للمواطنين، ومكافحة مخاطر الإرهاب، وتأمين شروط التوصل الى تسوية عبر المفاوضات". كل هذه اللائحة بنصف مليار دولار فقط.