قتل الضباط المصريين: متهم وحيد!
بعد أيام من اغتيال أحد ضباط الشرطة المصرية، خرج وزير الداخلية، اللواء محمد ابراهيم، في مؤتمر صحافي السبت، ليعلن القاء أجهزة الشرطة المصرية القبض على خلية مكونة من 39 شخصاً متورطين في أعمال إرهابية في مناطق مختلفة من البلاد. وبحسب ما صرح وزير الداخلية، فإنه ضبط مع المقبوض عليهم "لائحة تضم عدداً من أسماء وبيانات شخصيات عامة وضباط وإعلاميين ومنشآت كان من المقرر استهدافهم".
الوزير الذي بدأ حديثه بالتأكيد على أن جهود وزارته تمت بالتنسيق مع القوات المسلحة في البلاد، لم يرد على سؤال وجهه له أحد الصحافيين عن زيادة استهداف رجال الأمن والشرطة واغتيال العديد منهم.
وبحسب وزارة الداخلية، فقد قتل 207 شرطيين منذ كانون الأول/ يناير 2011 وحتى الأسبوع الاخير من عهد الرئيس محمد مرسي، فيما بلغ عدد رجال الشرطة الذين قتلوا منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة، قبل ١٠٠ يوم وحتى منتصف ايلول/سبتمبر 121 واصيب 1082. لكن العدد ارتفع خلال الشهرين الماضيين بحسب ما ينشر في الاعلام، فيما تبدو جماعة الإخوان المسلمين المتهم الرئيسي من وجهة نظر العديد من الشخصيات المصرية.
نائب رئيس أمن الدولة الأسبق، اللواء فؤاد علام، رأى في حديثه لـ"المدن"، أن هذه الزيادة في استهداف رجال الأمن "يقوم بها متطرفون من جماعات أصولية وبتنسيق وتمويل من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانوناً".
واتهم جماعة الإخوان المسلمين "بأن لديها ثأراً مع جهاز الأمن، وهي تشترك في هذا مع الجماعات الجهادية التي عاود بعضها الظهور منذ 2008 في سيناء بالأخص".
واعتبر أن تشديد حراسة الشخصيات العامة والكوادر المتقدمة في الوزارة لا يكفل وحده منع استهدافهم "فهناك الضربات الاستباقية وجمع المعلومات". وهو ما رأى أن أداء الوزارة فيه تراجع مؤخراً بسبب ما وجه لها من ضربات، وبالأخص عملية جمع المعلومات في جهاز الأمن الوطني في الأعوام الثلاثة الماضية، فضلاً عما تعرضت له المخابرات الحربية التي استهدفت مقارها في سيناء والإسماعيلية هذا العام.
وبسؤاله عما ورد في صحيفة "الأهرام" المملوكة للدولة عن الحاجة لتحقيق في وزارة الداخلية بعدما أثير عن تورط بعض رجالها في تسريب معلومات مهدت لاغتيال المقدم "محمد مبروك" قبل أسبوع، الذي تم التداول في أنه أحد المكلفين بالبحث في القضايا المتهم بها الرئيس المعزول محمد مرسي، استبعد علام ذلك، واعتبر أن ما نشرته الجريدة قول مرسل بلا أدلة.
وفي ما يتعلق بمسألة القتل الممنهج لرجال الداخلية، تحدى علام أن يعلن قيادي من الإخوان إدانة ذلك، قائلاً "مافيش فيهم رجل يطلع على التلفزيون يقول كده".
بدوره، ينسب عضو ائتلاف ضباط الشرطة، الرائد فهمي بهجت، العمليات الأخيرة التي تستهدف الشرطة لأصوليين بتمويل وتنسيق من جماعة الإخوان. واعتبر أن الإخوان ينتقمون من الشرطة لأنها لم تستخدم العنف ضد المتظاهرين المناهضين لمرسي.
ولوقف سيل الدماء بين رجال الشرطة طالب بهجت في حديث لـ"المدن"، وزير الداخلية باستئصال الإرهاب من جذوره في سيناء، موضحاً أنه "إذا لم يتواجد الوزير بنفسه هناك فليرحل".
ويرى بهجت أن اختراقاً كبيراً حدث في جهاز الأمن الوطني وتحديداً في فترة الوزير الأسبق منصور العيسوي وتوسع في عهد مرسي، ولا سيّما مع الإفراج عن العديد من المحكومين بقضايا قتل.
وبالرغم من أن أصابع الاتهام توجه للجماعة بالوقوف وراء استهداف رجال الشرطة، إلا أن الجماعة كثيراً ما نفت أي استهداف لرجال الشرطة أو الجيش في مصر، قائلة في بيانات إن هذا يبتعد عن منهجها. ويشكك موالون لها في هذه الحوداث أو يتهمون قيادات بتدبيرها لكسب تعاطف شعبي، دون تقديم دليل على هذا.
وفي بيان نشر على صفحة حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسي لها)، أدانت الجماعة اغتيال مبروك واعتبرته جريمة، مستنكرة في الوقت نفسه "من يحاول إلصاق هذه الجريمة النكراء بالإخوان المسلمين"، وخصوصاً من وصفتهم "بالإعلام الكاذب اعتماداً على أن أفواه الإخوان مكممة وقيادتهم مسجونة، وليس هناك من يدافع عنهم خشية الاتهامات الكاذبة الجاهزة بمناصرة الإرهاب”.
وحدد البيان مجموعة مما سماها "افتراءات ومزاعم الإعلام" بحق الجماعة قبل أن يذكر بأنه "بلغ بهم (الإعلام) الفجور إلى حد الزعم أن معتصمي رابعة لديهم أسلحة كيماوية من أسلحة الدمار الشامل...". وأضاف "لقد كذّب الواقع كل هذه الافتراءات التي تستخف بعقول الناس، لذلك ينبغي ألا نصدق افتراءات الإعلام بوق السلطة لترسيخ الفساد والاستبداد وتمزيق نسيج المجتمع توطئة لنظام عسكري دموي".
وبين الاتهامات الموجهة للجماعة واصرار الأخيرة على نفي تورطها، يرى عضو الأمانة العامة للمجلس القومي لحقوق الإنسان، عمرو شومان، في حديث لـ"المدن" أن "استهداف العناصر الأمنية ولا سيما العناصر الأمنية التي تحتفظ بمعلومات أو لديها أدلة مادية تدين التنظيمات الإرهابية، أفعال ليست مستحدثة بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، لكن يجب أن يشمل التحقيق في تلك الواقعة إذا ما كان جهاز الأمن الوطني مخترقاً أم لا خاصة بعد اختراق جهاز الأمن العام من قبل".
واعتبر أن الهدف من تلك الأفعال الإجرامية "الانتقام ومحاولة شل قدرات الدولة معاً بل محاولة الحصول على أي مكاسب لتصبح قاعدة جديدة يبدأ من خلالها الإخوان للعودة مستقبلًا حتى وإن بعد عشرات السنين.