التحريض على النازحين: مناشير تهدد بطردهم!

نغم ربيع
الأربعاء   2024/10/23
وزعت المناشير في الليل وبلدية المنصورية لم تكن على علم بها (علي علّوش)
استفاق سكان وأهالي حي بدران في المنصورية (المتن) صباح اليوم على مناشير مرمية في شوارع الحي، تدعو العناصر الحزبية من حزب الله وحركة أمل إلى ترك المنطقة. رسالة موجهة إلى النازحين تحت ذريعة الحفاظ على سلامة الأهالي والنازحين معاً. وتضمنت تهديداً بأن تواجد هؤلاء العناصر سيدفع إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة والصارمة.

الأهالي بين مؤيد ومعارض
عاجلاً، انتشرت هذه المناشير على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للمنطقة، مما أثار انقسامًا حادًا بين سكانها. البعض أيد مضمونها، على أساس أنه يعكس مخاوفه تجاه الوضع الراهن. في المقابل، كان هناك من عارض نشر مثل هذه المناشير باسم جميع الأهالي، مشددين على أنها تزرع الفتنة وتزيد من التوتر في المجتمع.

وفي الوقت نفسه، برزت فئة أخرى من الناس، واعية لخطورة الفتنة، حاولت توضيح الموقف للآخرين، مُؤكدةً على أهمية عدم الانجرار خلف هذه التحريضات. بذل هؤلاء جهدواً لإقناع المحيطين بأن الوحدة والتفاهم بين الأهالي والنازحين هما السبيل لحل المشكلات، بدلاً من تفكيك النسيج الاجتماعي من خلال الخطابات المتشددة.

البلدية لا تتهم أحداً
واستنكرت بلدية المنصورية المكلس الديشونية، مضمون المناشير ونفت نفياً قاطعاً أن تكون صدرت عنها أو عن سكان المنطقة. وأكدت أنها بصدد متابعة الموضوع مع الجهات الأمنية المختصة. ولفت الناطق باسم البلدية كميل الحاج لـ"المدن" إلى أن "المناشير وُزعت في الليل،  ولم تكن البلدية على علم بها. تلقت اتصالات من سكان المنطقة للاستفسار عما اذا كانت هي الجهة التي نشرت هذه المناشير" متابعاً "لا يمكن للبلدية أن تحدد مصدرها أو هوية الجهة التي عملت على توزعيها".

وعما إذا كانت كاميرات المراقبة وثقت ما يفيد لتحديد الجهة الفاعلة، أكد الحاج "أن المهمة  أوكلت إلى القوى الأمنية لمتابعة الأمر، وكبلدية ليس باسطاعتنا فعل أكثر من النفي لطمأنة الأهالي".

وجزم الحاج"أن المنطقة لا تشهد وجود عناصر من حزب الله، سواء قبل الحرب أو الآن"، لافتاً إلى أن البلدية تعرفت بموجب إحصاءات أجرتها على ما يقارب 95 بالمئة من الأشخاص الذين لجأوا إلى المنطقة، بما يصب في سياق الجهود المستمرة  لضمان الأمن والسلام في المنطقة، ومواجهة التحديات التي تواجه المجتمعات في فترات التوتر.

وليست هذه الحادثة الأولى من نوعها. فقد شهدت العديد من المناطق التي لجأ إليها نازحون من الطائفة الشيعية، أو التي نزح إليها هاربون من الموت، أشكالاً عدة من النبذ. وهي تتزامن مع مظاهر تكثيف القيود على النازحين، حيث يشعر البعض بالرغبة بالمساعدة والقلق في الوقت عينه. وهناك مظاهر منع الزيارات بين النازحين في مراكز إيواء، بحجة منع الاكتظاظ، أو من يعلق رسائل تهديد، أو أوراق تطالب بالإخلاء على الأبواب. إضافة إلى أساليب أخرى تحريضية، يستعملها البعض كوسيلة ضغط، على النازحين من الطائفة الشيعية، وصلت في بعض المناطق إلى حد التحقيق معهم لاتخاذ القرار المناسب بشأن إبقائهم أم ترحيلهم عن المنطقة.
صحيح أن البلاد تشهد نوعا من حملة تضامن غير مسبوقة بين جميع الطوائف لاحتضان النازحين، إلا أن هذه المظاهر والحالات التي تظهر بين الفينة والأخرى، تعبّر عن وجود خوف من النازحين الشيعة من ناحية، ومحاولة التخويف من وجودهم من ناحية ثانية. وكل ذلك مؤداه واحد: زرع الفتنة بين اللبنانيين.