موقف درزي موحد منعا للتحريض على النازحين..وبيع الأراضي
وانطلاقًا من هذه الأولويّة، وفي خطوةٍ وصفها الحاضرون بالنوعيّة، وغايتها "تكريس وحدة الموقف الدرزيّ على المستويين السّياسيّ والروحيّ" وتطويقًا لأي محاولة لخلق شقاقٍ أهليّ في المناطق الّتي نزح إليها اللّبنانيّون بأعداد ضخمة في القرى والبلدات، تمت الدعوة للقاءٍ درزيّ جمع القيادات السّياسيّة والروحيّة، يوم أمس السبت، في خلوات القطالب في بلدة بعذران – الشوف، بحضورٍ واسع للمرجعيات الدينيّة والفاعليّات السّياسيّة والحزبيّة. حيث أكدّ المجتمعون أن الغاية من هذا اللقاء، هو للتأكيد على "استمرار احتضان النازحين بكرامة وتأمين مستلزمات صمودهم" خلال الحرب الّتي وصفها رئيس الحزب التقدميّ الإشتراكيّ السّابق، وليد جنبلاط بـ "الطويلة".
وحضر الاجتماع، عددٌ كبير من النواب الحاليين والسابقين من مختلف الأطياف السّياسيّة منهم، رئيس الحزب الديمقراطيّ اللّبنانيّ طلال إرسلان وممثّل عن النائب السّابق وئام وهاب والنائب مارك ضو، وحضرت المرجعيات الدينيّة بغالبيتها، ومنهم شيخ العقل سامي أبو المنى.
لقاءٌ جامع
ويصف مُصدرٌ تابع مجريات اللقاء، بأنّه اجتماعٌ نوعيّ، ولا يُخفي أنّ اللقاء كان فريدًا من نوعه حيث "لم نشهد له مثيلًا لدى سائر الطوائف". وفي سؤاله عن الغاية من وراء هذا اللقاء الذي دعا له جنبلاط، وفي هذا التوقيت وخصوصًا بعد توسع رقعة الاستهدافات الّتي طالت بعض القرى الدرزيّة، بعذران أوّلها، وآخرها كان استهداف سيارة على طريق الكحالة فضلًا عن عاليه، ذكّر المصدر بأن جنبلاط كان السّبّاق في إتخاذ موقفٍ إزاء عملية "طوفان الأقصى"، حيث قال حينها إنّه يؤيد حقّ الشعب الفلسطينيّ، لكنّه تمنى أن لا يتمّ استدراج لبنان إلى الحرب، لمعرفته المُسبقة بتداعياتها، ومنها نزوح اللّبنانيين وفقدانهم الأمان في مناطقهم. إلّا أن جنبلاط قام بـ "ورشة" داخل الحزب مستشرفًا توسع الحرب منذ بداية جبهة "المشاغلة" وتمّ تنشيط خلايا للأزمة، لتلقفها وضبطها وتنظيمها. وبرّر المصدر، تذكيره بهذا الحراك، للقول أن الخلايا هذه كانت على أهبّ الاستعداد والجهوزيّة منذ بداية توافد النازحين إلى قرى الجبل والشوف. وأشار أن جميع الأطراف الدرزيّة قد ساهمت في حالة الاحتضان هذه.
أما على المستوى السّياسيّ، فأكدّ المصدر أن جميع الحاضرين في اللقاء كانوا في حالة انسجام، ولا نقاط خلافيّة بما يتعلق بالموقف الدرزيّ الموّحد إزاء القضية الفلسطينيّة والحرب الحاليّة، وكان هناك تلاقٍ بين المكونات باختلافها. وقال المصدر أن المناقشات والأحاديث كان على ثلاث مستويات:
أوّلًا: التأكيد على حالة الاحتضان الشعبيّ للنازحين وحُسن استضافتهم، والبحث في سُبل تأمين جميع المستلزمات لهم. وقد تمّ التعريج على دور المشافي والمدارس ودور البلديات واللجان المحليّة.
ثانيًّا: التطرق لموضوع أمن النازحين وأمن المقيمين، والتأكيد على التكامل ومساعدة الطرفين وحفظ كرامتهم، والاحتكام للدولة ومرجعيتها ودرء أي محاولة لخلق ما يُسمى بـ "الأمن الذاتيّ"، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنيّة والجيش اللّبنانيّ.
ثالثًا: تطويق بعض المحاولات التحريضيّة لخلق أجواء سلبيّة تجاه النازحين، وعدم الانجرار وراء الفتنة الّتي يحاول البعض تعبئتها. والالتزام بموقفٍ سياسيّ واحد تجاه النازحين، والاحتكام مجدّدًا للدولة بكل مرجعياتها. وهنا أكدّ المصدر أن بعض الحوادث وتحديدًا تلك الّتي أُثيرت إعلاميًّا بما يختصّ بوجود مسلحين، هي حوادثٌ فرديّة ولم يكن الاستفزاز مقصودًا فيها.
السجال مع ضوّ
وعن حقيقة ما تمّ تداوله بخصوص السّجال بين النائب مارك ضوّ وشيخ العقل ناصر الدين غريب أثناء اللقاء، تحديدًا بما يرتبط بمواقف ضوّ المُعلنة وتلك الّتي صرّح عنها في اللقاء بتمسكه بالعروبة والمقاومة، أكدّ المصدر أن حضور ضوّ لمثل هذه اللقاءات المُعلن منها والضمنيّ، ليس لأوّل مرّة، وقال أن ضوّ كان في كلامه وحضوره منسجمًا مع الموقف العامّ المبثوث خلال اللقاء. من جهته، علّق ضو على ما تم تداوله بالقول "محاولة تشويش على لقاء يهدف للوحدة والاستقرار الداخلي. مواقفنا السياسية ثابتة في كل مكان، المشكلة في من لا يريد إن يسمع بدقة. اتركوا المشايخ خارج السياسية فليسوا منها ولا هي لهم".
المواقف المنسجمة
وكان جنبلاط، دعا في كلمته الّتي ألقاها إلى "التكاتف ووحدة الصف الداخليّ في ظلّ المرحلة الدقيقة، ورفع درجات التنسيق لمعالجة أزمة النزوح واحتضان النازحين وتفعيل الخدمات الصحيّة واللجان الإغاثيّة في القرى، خصوصًا أنّ الحرب طويلة". وطالب وزير التربية بتفعيل الخطط لتعليم النازحين. من جهته، قال إرسلان إنّه: "نحن اليوم في الجبل نستضيف أهلًا وإخوانًا نزحوا نتيجة هجومٍ بربري ووحشي على لبنان.. لا يمكننا أن نستقيل من دورنا التاريخيّ". بينما أكد شيخ العقل سامي أبي المنى على "مبدأ الاستضافة"، محذّراً من "المتاجرة بالأراضي والبيوت فالنازحون سيعودون إلى أرضهم بإذن الله"، مطالباً بـ"العمل على وقف إطلاق النار ونشر الجيش في الجنوب".