العثور على تذكرة سفر من لبنان: مهمة مستحيلة

المدن - ميديا
السبت   2024/09/28
مطار بيروت (علي علوش)
على وقع الغارات الإسرائيلية الكثيفة على لبنان، أصبح العثور على مقعد في طائرة مغادرة من بيروت مهمة شبه مستحيلة، مع إلغاء غالبية شركات الطيران الأجنبية رحلاتها واقتصار حركة النقل الجوي على الشركة اللبنانية.

وبعدما ألغت الخطوط الجوية التركية رحلاتها من بيروت وإليها، حاول المهندس الزراعي، جيلبير مدور، مراراً، حجز تذكرة سفر الى لشبونة حيث تعقد شركة أسمدة عالمية، يعمل لحسابها، اجتماعاً الأسبوع المقبل لجميع موظفيها مقرراً منذ مطلع العام.

وقال مدور (32 عاماً): "الثلاثاء ألغيت رحلتي من بيروت إلى اسطنبول، التي كانت مقررة الاثنين المقبل، فحاولت إيجاد رحلات أخرى عبر اسطنبول ومنها الى لشبونة، من دون أن أوفق". وعلى غرار مسافرين كثر، لم يبق أمام مدور الذي يسافر بمعدل ثلاث مرات شهرياً، خيار سوى شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية، فحاول إيجاد مقعد على إحدى طائراتها، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس". وأكد مدور أن "أول رحلة متوافرة إلى إسطنبول كانت الخميس، لكن ذلك لا يناسبنا، أنا وزميلي، لأن الندوة تنتهي في ذلك اليوم".

وأظهر الموقع الرسمي لمطار "رفيق الحريري الدولي" في بيروت، وهو المطار الوحيد العامل في لبنان، إلغاء عشرات الرحلات القادمة والمغادرة، مع تسيير معظم الرحلات من جانب شركة الطيران اللبنانية وبعض الشركات الأخرى على غرار الخطوط الإثيوبية والعراقية وشركة "بيغاسوس" التركية منخفضة التكلفة.

وحاول مدور التوجه إلى أي دولة يمكنه أن يستقل منها طائرة إلى لشبونة، لكنه وجد أن "كل الرحلات المغادرة من بيروت هذا الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل إما محجوزة بالكامل أو كلفة التذكرة باهظة الثمن".

ومنذ مطلع الأسبوع، كثفت إسرائيل وتيرة ضرباتها على "حزب الله" في مناطق مختلفة في لبنان، في تصعيد غير مسبوق منذ 8 أكتوبر. وأثار ذلك المخاوف من توسيع رقعة الصراع ودفع شركات طيران كثيرة إلى وقف رحلاتها أو تمديد إجراء تعليق رحلاتها الذي كان سارياً أساساً. وطلبت دول عديدة من رعاياها المغادرة أو تجنب السفر الى لبنان.

وعلى غرار مدور، واجه المخرج هيثم شمص صعوبة في إيجاد تذكرة سفر في رحلة مباشرة الى بوخارست، بعدما أوقفت شركة "تاروم" الرومانية رحلاتها. وقال: "منذ الاثنين، بدأت البحث عن تذكرة عن طريق مكتب سفر". وروى بانزعاج أن لديه عملاً في رومانيا بدءاً من مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، لكنه قرر السفر مبكراً. وأضاف: "لا يعقل أن أعلق في لبنان وأخسر عقد عمل" خصوصاً أنه المعيل الوحيد لعائلته.

وبعد انتظار دام يومين، عرض مكتب السفر على شمص تذكرة عبر "طيران الشرق الأوسط" إلى اسطنبول، ومنها إلى بوخارست، مانحاً إياه نصف ساعة ليقرر. وقال: "شعرت بضغط شديد لني قررت ألا أفوت الفرصة" وبالتالي فرصة العمل التي ينتظرها. والتذكرة الوحيدة التي توافرت لشمص كانت على درجة الأعمال إلى اسطنبول "بكلفة لامست 1300 دولار ذهاباً وإياباً".

وتلبية لارتفاع الطلب، أكد مدير المبيعات في "طيران الشرق الأوسط" أنطوان طبال أن الشركة "تشغل يومياً بين ثلاث وخمس رحلات إضافية إلى وجهات متعددة" بينها باريس واسطنبول ودبي. وأوضح: "الطلب أكبر من عدد المقاعد المتاحة. وهذا ما يخلق أزمة".

وقال رئيس نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود أن "الطلب ازداد أضعاف الأضعاف بينما العرض ضئيل جداً". وشرح أن "مئات وكلاء السياحة والسفر يرصدون الإعلان عن رحلات جديدة، وما أن تتاح لهم طائرة إضافية حتى يحجزوا كافة مقاعدها لزبائنهم في غضون عشر دقائق".  وشكى لبنانيون من ارتفاع أسعار البطاقات المتوافرة، الأمر الذي رده عبود إلى "احتساب الكلفة التشغيلية لرحلتي ذهاب وإياب" لأن "رحلة الذهاب تكون محجوزة بالكامل أما العودة فتكون فارغة".

ومع عقبات السفر جواً، يلجأ كثر إلى السفر براً إلى الأردن، أو بحراً إلى جزيرة قبرص التي تبعد أقل من 200 كيلومتر عن السواحل اللبنانية. ويعرض أحد مكاتب السفر رحلات على متن حافلات من بيروت إلى عمان مروراً بسوريا، تستغرق حوالى 12 ساعة، بكلفة تراوح بين 65 و125 دولاراً.

وتسير شركات نقل بحري رحلات على متن يخوت تستغرق خمس ساعات من ميناء ضبية شمالي بيروت إلى مدينة آيا نابا في شرق قبرص. وقال رئيس شركة "بوتينغ ليبانون" الكابتن بيار أبي سعد: "سيرنا هذا الأسبوع 12 يختاً يقل كل منها بين 9 و14 راكباً".

وبلغ متوسط سعر البطاقة للشخص الواحد 1200 دولار، حسبما أوضح أبي سعد الذي اعتبر الكلفة "مدروسة" نظراً إلى أن "الكلفة التشغيلية لليخت أكبر من كلفة تشغيل طائرة" بسبب عوامل متعددة بينها عدد الركاب وأسعار الفيول.

وانتشرت مقاطع فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لهذا البديل. وكتب أحد المؤثرين في "تيك توك" وهو يقف أمام يخت: "إن كانت الطائرة غير متوافرة، فاليخت ينتظرك!".