النظام السوري بمواجهة مأزق جديد: انخفاض عدد العمال الحكوميين

مصطفى محمد
الجمعة   2024/09/06
تأثيرات الحرب وتدني الرواتب دفعت بالعاملين إلى الاستقالة والهجرة (غيتي)
تسببت محدودية الأجور في مؤسسات النظام مقارنة بالقطاع الخاص بالإضافة إلى الهجرة، بانخفاض عدد العاملين في هذه المؤسسات إلى النصف مقارنة بالعام 2010، بحسب أرقام رسمية صادرة عن النظام.

انخفاض العمال
وعلى حد تأكيد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري، انخفض عدد العمال في البلاد، من 1.1 مليون عامل عام 2010 إلى 650 ألف عامل عام 2024 (باستثناء العسكريين وقوات الشرطة ورئاسة الجمهورية)، معتبراً أن "تأثيرات الحرب وتدني الرواتب" دفعت بالعاملين إلى الاستقالة والهجرة.
وتابع بأن الاتحاد يعمل على تحسين الوضع المعيشي للعمال، من خلال تقديم مطالبات مستمرة لزيادة الرواتب والتعويضات، وقال إن "الاتحاد يدعم التشاركية بينه القطاع العام والخاص شريطة أن تكون على أسس مدروسة وتحقق العدالة".
وربما تُظهر الأرقام السابقة أن البلاد تعاني من نقص في اليد العاملة، وهو ما تدعمه المعطيات التي تقود كذلك إلى حقيقة أن "الوظيفة الحكومية" لم تعد مرغوبة، بسبب زهد الرواتب التي لا تساعد بالحد الأدنى على ضبط ميزانية الإنفاق.
وقبل اندلاع الثورة كانت البلاد تعاني من نسبة بطالة مرتفعة (التقديرات غير الرسمية في العام 2010 عند 25 في المئة)، ومن تضخم وظيفي (بطالة مقنعة) في القطاع الحكومي، نتيجة الفساد وعدم استيعاب القطاع الخاص لكل القوة العاملة، لكن مع تدهور الليرة فقدت الوظائف الحكومية جاذبيتها، وزادت الهجرة من نسبة التسرب الوظيفي، الأمر الذي دفع بالنظام إلى عدم قبول استقالة الموظفين والتهديد بملاحقة المتسربين منهم.

اقتصاد غير شرعي
وتُجبر الظروف الاقتصادية العاملين على البحث عن فرص بديلة في القطاع الخاص، أو في الاقتصاد غير الشرعي مثل التهريب والميليشيات والعصابات والمخدرات وغيرها.
وتعاني مناطق سيطرة النظام من نقص في اليد العاملة، تؤكدها معاناة أصحاب المعامل لتوفير اليد العاملة، وخصوصاً أصحاب المهارات والخبرات، كما يقول الخبير الاقتصادي خيرو العبود، ويضيف لـ"المدن" أن "ضعف الرواتب الحكومية أجبر غالبية الموظفين باستثناء الشريحة التي تسمح لها الوظيفة بالفساد، على ترك العمل في القطاع الحكومي".
وبحسب العبود، فإن زيادة الرواتب الحكومية لا تتناسب مع نسبة التضخم، ومقابل قيام النظام بزيادة الرواتب منذ العام 2011، إلى حدود 1200 في المئة، فإن نسبة التضخم زادت عن 30 ألف في المئة.
ونجم عن ذلك زيادة في التسرب الوظيفي، حتى بات النظام يواجه معضلة نقص اليد العاملة في قطاعات كثيرة منها التعليم، والصحة، والوظائف الخدمية.
ولم يسهم تراجع وتيرة المعارك في التقليل من هجرة السوريين، ما يعني زيادة حدة أزمة نقص اليد العاملة في سوريا.
مع ذلك، لا يزال النظام يبدي عدم اكتراث تجاه القوى العاملة في سوريا، فهو يعرقل عودة اللاجئين الذين يعيشون تحت وطأة ظروف معيشية صعبة في دول الجوار مثل لبنان وتركيا، رغم أن عودتهم قد تحل جزئياً مشكلة نقص العمالة.
ويواصل النظام الضغط على المدنيين في المناطق التي استعاد السيطرة عليها لدفعهم إلى الهجرة، وفق تأكيد وزير الاقتصاد في الحكومة المؤقتة السورية، عبد الحكيم المصري لـ"المدن"، مشيراً إلى "إمهال النظام للشباب في مناطق التسويات مثل درعا وريف حمص وريف دمشق مدة عام قبل تسوية أوضاعهم، أي دفعهم للهجرة".
ويعول النظام كما تشي التصريحات الصادرة عنه بعودة الاستثمارات الأجنبية، على أمل أن تسهم في توفير فرص العمل، وبانتظار ذلك يحاول النظام تسيير عمل المؤسسات بالحد الأدنى، ما يضمن له ضبط الإنفاق.