وكان أدرعي قد دعا الإعلاميين مباشرة إلى تفقد المبنى من دون "تضييع وقتهم في الأقسام الطبية" في محاولة الى حرف النظر عن "براءة" المستشفى، وإن ثبت ذلك. وأتت الرسالة بعد يوم من "مناشدة" أدرعي الحكومة اللبنانية لتحرير أموال اللبنانيين، على أساس أن الحرب الإسرائيلية اليوم ليست لتتخلص إسرائيل من "حزب الله" وإنما لتخليص اللبنانيين منه.
مقابل هذه المزاعم، دعا مدير المستشفى النائب فادي علامة، الجيش اللبناني، للكشف على المستشفى بهدف دحض فرضية النفق المليء بالدولارات التي روج لها أدرعي. وفي الجولة الاعلامية التي نظمتها إدارة المستشفى، الثلاثاء، زارت أورلا غويرن، مراسلة "بي بي سي"، المستشفى، وتنقلت بين مختلف أقسامه، وصولاً الى مواقف السيارات والطوابق السفلية، مؤكدة أن لا وجود سوى لمعدات طبية، ومشيرة الى أن "كل الأبواب فتحت وأنه كان بامكانهم التنقل بمفردهم في المستشفى لرؤية ما يجب أن يروه وبالأدلة".
والمفارقة، أن مراسل قناة "إل بي سي" قال، الثلاثاء، إن فريق عمل القناة حاول الدخول الى سنتر الساحل الذي ذكره أدرعي، لكنه مُنع من ذلك من قبل شبان متواجدين، وأن فريق القناة لاحظ "أبواباً حديدية كبيرة مقفولة". وسواء تعمّد المراسل ذلك أم لا، فإن هذه الإضافة في نهاية تقريره توحي بأن الخبر الاسرائيلي صحيح، وأنه السبب في رفض طلب القناة الدخول.
وبصرف النظر عما إذا كانت الرواية الاسرائيلية صحيحة أم لا، يجب على الإعلام اللبناني أن يكون متنبهاً للتغطية الإعلامية، خصوصاً في ما يتعلق بمبانٍ "معرضة للهجوم" أو التدمير، على اعتبار أن أي زلة لسان ستخدم الرواية الإسرائيلية التي تبحث عن فجوة داخل المجتمع اللبناني لمصلحة سرديتها، ولكي تقدم إسرائيل مبرراً أمام المجتمع الدولي بأن هذه المباني المدنية، هي جزء من المنشآت العكسرية، وإذا ثبت ذلك، يباح قصفها بحسب القانون الدولي.
وهذا ما حصل بالفعل، إذ نشر أدرعي فوراً رسالة شكر الى "إل بي سي" قائلاً: "وشهد شاهد من أهله". والخطير في ذلك أن أداء المراسل، الذي يمكن احتسابه "عفوياً" نظراً لخبرته الواضحة محدوديتها في مجال التغطية المباشرة، لا سيما في خضم حرب، أُخذ على أنه تعبير عن هوية القناة وإعلان اصطفافها.
وكان الأجدر، إما أن يتعاون الاعلام مع الجيش اللبناني، بهدف المؤازرة لتصوير موجودات المبنى، خصوصاً أن هذا السنتر هو ملك خاص، أو أن يبحث المراسل عن المعنيين للتواصل معهم. وعلى مستوى متقدم، كان من الأفضل أن تقوم الوزراة بتقديم الإرشادات للإعلاميين الذين يزورون مكاناً واحدا في الوقت نفسه.
وقدم الإعلام بهذه الهفوة، المبررات التي يبحث عنها الجيش الاسرائيلي، إذ عرّض الإعلام اللبناني نفسه، في هذه الحالة، لزلّة التماهي مع رواية العدو على أنها حقيقة تستدعي جمع الأدلة لإثباتها، لا كادّعاء يجب التحقق منه. وعلى الرغم من مساعي التغطية المباشرة التي تقوم بها "إل بي سي"، فإن هفوة كهذه قادرة على تطيير كل المحاولات لتقديم الوحدة الوطنية على أي فتنة، ولعل للمشاهد الاعتقاد بأن السياسة التحريرية في القناة غير موحدة، أو أنها تتفاوت بين مراسل وآخر.
وتبين لاحقاً بأن مراسل "ال بي سي" صاحب التقرير الأول، لم يتواصل مع المعنيين. ففي فقرة البرنامج المسائي لرياض قبيسي عبر قناة "الجديد"، تواصلت إحدى مالكي مبنى الساحل وتدعى عبير دبوق، مؤكدة عدم تواصل أحد مع الجهة المالكة لدخول المبنى، مضيفة أن الكل مرحب فيه لدخوله، كونه مبنىً تجارياً يحوي عيادات ومتاجر، ودعت كل الوسائل الإعلامية اللبنانية للتصوير في المبنى. وتبين لاحقاً، بأن العديد من وسائل الاعلام دخل وعاين المكان من دون أي عقبات تُذكر.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها