لم يعد "شيعة السفارة" مجرد صحافيين وكتّاب ومفكرين، يعبرون عن رأيهم المخالف لحزب الله، في واقع مشتت. فقد جمعهم التهديد في فضاء الكتروني، والتأموا في صفحة "الساكت عن التهديد" في "فايسبوك"، يتناقلون عبرها تطورات التهديد والوعيد الذي يتضاعف يومياً في صفحات الصحف والمواقع الالكترونية.
تبدو الصفحة، إجراء حماية، معنوية بالحد الأدني، بما يتخطى دورها كمكان افتراضي للإجتماع اليومي. التجمع يحولهم الى "رزمة"، يصعب كسرها، بدلاً من أن يكونوا أغصاناً متفرقة. وفي ظل الهجمة عليهم، وتصاعد وتيرة التحريض والتخوين، تكسبهم الصفحة مناعة رمزية. يتشاركون الآراء، ويطلعون على تطورات "التهديد" لحظة بلحظة، ويستقطبون التضامن ودروع الحماية الشعبية دفاعاً عن حرية التعبير، في مكان واحد، بدلاً من أن تكون مطالعات الدفاع مشتتة.
يتساءل الصحافي والكاتب، يوسف بزي، عبر تعليق في الصفحة، عن اللائحة التي وزعتها مواقع وصفحات "حزب الله" التي تضم "شيعة السفارة". فيأتيه الجواب بلائحة تضم أكثر من عشرين اسماً، وثلاث مواقع الكترونية على الأقل، يظللها العلم الأميركي. يطّلع أعضاء الصفحة على الأسماء التي تتضمن ناشطين مدنيين وصحافيين، من اللبنانيين الشيعة المعروف معظمهم أساساً بعلمانيته. ويزيد الناشط نضال حمادة، في تعليق لاحق، "سبب العمالة" وظروفها وأدواتها، شارحاً ان اسبابها تتلخص في "الانتماء الى لبنان المدني ودولة المؤسسات"، بينما ظروفها تتمثل في "الدفاع عن الثورة السورية واعتبارها حقاً، ورفض الارتهان لولي الفقيه".
الوظيفة الأساس للصفحة هي رفع الصوت في وجه السلاح والتهديد، كما يشير مضمون صورة غلافها التي تصور مذياعاً يتصدى لمسدس. وتبدو موجهة، بحسب الزميلة الصحافية ديانا مقلد التي أنشأت الصفحة قبل يومين، "لمن يرفض الصمت والرضوخ للتهديد"، موضحة: "لمن يرفض الصمت والرضوخ للتهديد .. نحن مجموعة أفراد من صحافيين وصحافيات وكتّاب وكاتبات وناشطين وناشطات نرفض لهجة التخوين والتهديد التي اطلقها في تصريحاته الاخيرة الامين العام لحزب الله حسن نصرالله كما نرفض لغة التخوين من أي جهة كانت ..".
أما في مناقشاتها، فيتبادل الأعضاء بوستات "المحرضين" للإطلاع عليها والتعليق، إضافة إلى الدعوات لإخراس "الخونة" وإزالتهم من الوجود، وشتمهم، ومقاطعتهم. ويبرز اسما جهاد أيوب، وخضر عواركة، وغيرهما من الإعلاميين في الصحف والمنابر اللصيقة بحزب الله، كرأس حربة في التحريض على شخصيات اعلامية وناشطين لبنانيين ونشر الشائعات.
حداثة الصفحة، لم تسمح بعد باستقطاب العدد الكبير من المدافعين عن حرية التعبير، والمعارضين للتخوين والتهديد، إذ بلغت حتى لحظة كتابة هذه السطور نحو 800 عضو. لكنها تكبر، يوماً بعد يوم، وتستقطب الكثير من معارضي الفكر الإلغائي في لبنان، والتهديد والتحريض، وكشف الظهور، بذريعة العمالة لأميركا... التي، وللمفارقة، يتفاوض معها نظام الولي الفقيه نفسه في إيران، لإتمام الاتفاق النووي، ما يفترض، بحسب منطق نصرالله نفسه، أن يجعل الفريق الإيراني المفاوض على رأس لائحة "العملاء" و"الخونة" من "شيعة السفارة" الأميركية. وهذه ما يحيل إلى تعليق الصحافي فداء عيتاني في الصفحة "الساكت عن التهديد.." مستشهداً بعبارة لنصرالله نفسه من خطاب سابق:
"حان موعد فقرة فصل الخطاب:
سجلوا لديكم بالصوت والصورة: إذا حصل تفاهم نووي إيراني-دولي، فريقنا سيكون أقوى وأفضل حالاً محلياً وإقليمياً" (الأمين العام لحزب الله 13-11-2013).
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها