الجمعة 2024/09/27

آخر تحديث: 16:29 (بيروت)

المقداد يلحق بخدام والشرع.. نائب للرئيس تمهيداً لإقصائه

الجمعة 2024/09/27
المقداد يلحق بخدام والشرع.. نائب للرئيس تمهيداً لإقصائه
الخارجية عاشت حالة فوضى واضطراب داخلي منذ وفاة المعلم (Getty)
increase حجم الخط decrease
بدا مفاجئاً قرار رئيس النظام السوري بشار الأسد، إعفاء فيصل مقداد من منصبه وزيراً للخارجية السورية والمغتربين، وتسميته نائباً لرئيس الجمهورية، خلال مرسوم تسمية التشكيلة الوزارية الجديدة، الأمر الذي أثار نقاشات متناقضة بين من اعتبر الخطوة إيعازاً بتجميد المقداد وتقويض صلاحياته، ومن يراها بداية تغيير في سياسات النظام الخارجية.
والاثنين الماضي، صدّق الأسد على التشكيلة الحكومية الجديدة برئاسة محمد غازي الجلالي، والتي شهدت تغيراً في حقيبتي الخارجية والإعلام، مع الإبقاء على محمد رحمون وزيراً للداخلية وعلي حمود عباس وزيراً للدفاع.
وبموجب المرسوم، تم تعيين بسام صباغ خلفاً لفيصل مقداد على رأس وزارة الخارجية. وكان الصباغ يشغل منصب نائب وزير الخارجية، وقبلها مندوب النظام في الأمم المتحدة، بينما جرت تسمية المقداد نائباً لرئيس الجمهورية، مع تفويضه متابعة السياسة الخارجية والإعلامية، في إطار "توجيهات رئيس الجمهورية".

تغيير مرتقب
ويعتبر سياسيون معارضون قرار عزل المقداد حدثاً مفاجئاً، يحمل دلالات تغير في سياسات النظام الخارجية، إذ تزامن مع فترة توترات تعيشها المنطقة على المستوى العسكري، وشبح توسّع الحرب الإسرائيلية التي يظهر فيها الأسد مساعي تجنب تداعياتها، والتحركات الدبلوماسية لبعض الدول الأوربية للانفتاح على دمشق.
ويستدلّ أصحاب هذا الرأي بخلفية المقداد المحسوب على القطب الموالي لإيران داخل بنية النظام، وعزله يحمل تأكيداً على رفض النظام جرّه للحرب مع إسرائيل إلى جانب حلفائها في محور المقاومة الذي يدور في فلك طهران.
ويرى الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي أن تغيير وزير الخارجية يرتبط بالمناخ الدولي، مع اعتقاد النظام بتقدمه إلى مرحلة جديدة تتطلب شخصية أكثر مرونة من المقداد، من خريجي مدرسة وليد المعلم، وزير الخارجية السابق الذي توفي عام 2020.
ويقول لـ"المدن": "دأب النظام على ورقة تبديل الشخصيات بما يتناسب وكل مرحلة، سواء لتهيئة مناخ التقارب مع العرب أو مع الغرب، ومن هنا يمكن قراءة سعيه للدخول في مرحلة جديدة عبر شخصية ليس لها حضور قوي ومواقف حدية، كما تكون قادرة على التكيف مع المتطلبات القادمة، لاعتقاده بوجود انفراجة سياسية تتطلب شخص قادر على التكيف، وهو ما يمكن أن يتوفر مع بسام الصباغ".
ويشير بربندي إلى أن المقداد "كان قد وصل إلى منصبه، بعد زيارة أجراها إلى طهران قبل أيام من تسميته وزيراً للخارجية، التقى خلالها مع وزير الخارجية الإيراني الأسبق حسين أمير عبد اللهيان، في حدث أثار الكثير من التساؤلات التي أجيب عنها بتسمية المقداد وزيراً للخارجية".

الأسد غير راضٍ
لكن مصادر في الخارجية السورية، أكدت لـ"المدن"، أن المقداد لا يمتلك علاقة مباشرة بإيران، رغم محاولاته الحثيثة التقرب منها والتودد لها، إنما وصل لمنصبه بدفع وتوصية من ماهر الأسد، وموافقة من عبد اللهيان.
وبحسب المصادر، فإن وزارة الخارجية تعيش حالة من الفوضى والاضطراب الداخلي منذ وفاة وليد المعلم، وهي فوضى فاقمها وصول المقداد وسوء إدارته وتمثيله، ما دفع بالأسد لسحب ما تبقى من صلاحيات لدى الوزير وجعله مجرد واجهة. 
وتقول: :قرار عزل المقداد صدر مع انتهاء فترة حسين عرنوس كرئيس للوزراء، نتيجة لعدم رضا الأسد عن أدائه، وفشله في ملء الشاغر الذي تركه موت المعلم، إن كان على مستوى التمثيل الخارجي، أو في تحقيق تقدم كبير في مشروع التطبيع العربي، وداخلياً مع ظهور عجزه عن تقديم الاستشارة للرئيس في القرارات السياسية".
وتضيف أن "إدارة المقداد القصيرة، وتقديمه الخدمات المفتوحة لضباط الأمن وذوي النفوذ، من خلال تسليم الكثير من الأعمال الرسمية لأشخاص عديمي الخبرة، ساهمت بتعرض السفارات والبعثات السورية لإساءات لا حصر لها، ما عجل بقرار عزله".

إنهاء خدمات المقداد
ومنذ تولي الأسد الإبن حكم سوريا خلفاً لوالده، عام 2000، تحول منصب نائب الرئيس إلى تسمية شرفية هدفها تجميد صلاحيات رجال النظام، تمهيداً لإخراجهم من دائرة القرار، في سياسة بدأت مع عبد الحليم خدام، الذي شغل لسنوات طويلة حقيبة الخارجية، قبل تسميته نائباً للرئيس، وهو ما حدث مع خليفته فاروق الشرع، وصولاً إلى فيصل مقداد.
أمر يؤكده السياسي السوري المعارض نصر اليوسف في حديثه لـ"المدن"، مستبعداً أن يكون للتغير الوزاري أي أثر على نهج النظام داخلياً وخارجياً، خصوصاً وأن مسؤولي الحكومات المتعاقبة مسلوبي الرأي والقرار.
ويقول: "منذ عام 2012، خسرت الدولة العميقة قرار الحكم في سوريا، الذي أصبح يؤخذ من مندوبي حلفاء الأسد (روسيا وإيران)، بما يتوافق مع مصالحهم الخاصة، ومنها يصاغ القرار داخل القصر الجمهوري ويرسل لوزرائه من أجل التنفيذ".
ويؤكد معارضون سوريون، ومنهم اليوسف، أن المنصب الجديد للمقداد يُعتبر بمثابة انتهاء لصلاحياته، حتى مع الحديث عن إشراف نائب الرئيس على تنفيذ السياسة الخارجية، فهذه مسؤولية ليس لها مستند مؤسساتي بالنهاية، وتبقى مهامه استشارية بأحسن الأحوال.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها