الأربعاء 2024/05/08

آخر تحديث: 14:28 (بيروت)

لجنة "مخترعة" تدير التربية ومشاريعها: الوزارة السائبة

الأربعاء 2024/05/08
لجنة "مخترعة" تدير التربية ومشاريعها: الوزارة السائبة
مهام اللجنة تجعلها تبدو كأنها وحدة قائمة بذاتها وتتضارب مع مهام وحدات ومديرات الوزارة (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
أسوة باللجان الكثيرة التي تشكلت في وزارة التربية (لجان المناهج ولجنة الدعم لتعليم الطلاب السوريين وغيرها)، تشكل منذ نحو عام وحدة تحت مسمى "لجنة التخطيط والتطوير". المشترك بين هذه اللجان أنها تمول من مشاريع الدول المانحة، فيتم تسجيل أسماء موظفين صغار وكبار في هذه اللجان، مقابل تلقي أتعاب إضافية بالدولار النقدي. وغالباً ما يتم الأمر وفق منطق المحسوبيات. بيد أن "لجنة التخطيط" تشكلت من غير الموظفين، أي من متعاقدين مع الوزارة من مختلف الأقسام. جرى تجميعهم في لجنة لها مهام واسعة من شأنها التحكم في كل مفاصل الإدارة.

أبعد من متابعة الحوافز
وفيما تعرف هذه "اللجنة" في الوزارة وفي المناطق التربوية بأنها "لجنة الحوافز"، إلا أنه برز اسمها مؤخراً خلال استعدادات الوزارة لإجراء "الامتحان الوطني" لشهادة البروفيه. فمن هي "لجنة التخطيط والتطوير"؟ وما هي المخالفات المرتكبة بقرار إنشائها؟ وهل يقدم الوزير عباس الحلبي على حلها؟
كان يفترض أن تكون هذه اللجنة مجرد لجنة لمتابعة الحوافز الدولارية التي تدفع للأساتذة والموظفين، لحثهم على الإنتاجية والفعالية، حيال تراجع قيمة دخلهم من الدولة. فهي تتابع هذه الأمور مع مدراء المدارس والمناطق التربوية، ويعرفها الجميع بأنها "لجنة الحوافز"، هذا رغم أن "قسم الإدارة المالية" في الوزارة يفترض أن يقوم بهذه المهمة، ولا داعي للجنة. لكن "اللجنة" لا تكتفي بهذا الدور، بل تبين أن لها مهاماً أكبر، وصلت حد تكليف أحد المتعاقدين إنشاء "تطبيق الكتروني" لاستخدامه في "الامتحان الوطني للبروفيه"، لتوزيع المسابقات على المدارس إلكترونياً. لكن عاد الوزير الحلبي وألغى الامتحان.

مهام واسعة ومطلقة
في التفاصيل التي حصلت عليها "المدن"، تبين أن اللجنة تشكلت وفق قرار حمل الرقم 12 صدر عن مدير عام التربية بالإنابة عماد الأشقر بتاريخ 22 شباط 2023، تحت اسم "لجنة مواكبة أعمال التخطيط والتطوير والتنمية في الوحدات التابعة للمديرية العامة للتربية". وهي تتبع له، وضمت حينها المتعاقد ر.ر. رئيساً والمتعاقد ط. ت. عضواً مقرراً، إضافة إلى ستة أعضاء، جميعهم من المتعاقدين مع الوزارة أيضاً، على حساب مشاريع الدول المانحة. لكن أعضاء اللجنة تغيروا تباعاً، فيما بقي الرئيس والعضو المقرر ثابتين، ومن دون قرارات خطية.
وفيما عرفت "اللجنة" حينها أنها مجرد لجنة لمتابعة الحوافز، تبين أنها أعطيت مهام واسعة منها: وضع برامج ومشاريع ودورات تدريب وورش عمل، وتوفير الدعم التقني والفني للموظفين لتعزيز قدراتهم، والإشراف على آلية اعتماد الرقم الموحد للتلامذة والأساتذة، ومواكبة برامج SIMS في المدارس الرسمية وNSL في المدارس الخاصة (تحتوي كل بيانات الطلاب والأساتذة في لبنان). أي بالمختصر، الإشراف على كل شاردة وواردة في الوزارة وصولاً إلى بيانات الطلاب والأساتذة والمدارس.
وبعيداً من أن قرار إنشاء اللجنة، لم يتضمن تحديد مدة زمنية لها للقيام بعملها، لا يحمل قرار الإنشاء، الذي اطلعت عليه "المدن"، حتى توقيع الوزير عباس الحلبي، على سبيل إبداء الموافقة. هذا رغم أن المهام التي حددت لهذه اللجنة، في قرار الإنشاء، تفرض صدور القرار عن وزير التربية حصراً، وليس عن المدير العام بالإنابة، كما هو حاصل على أرض الواقع.

مخالفة أبسط الشروط القانونية
ووفق مصدر مخضرم بالقانون الإداري، القرار يحمل توقيع مدير عام التربية بالإنابة. وملاك الأخير في مصلحة التعليم الخاص. وهو كرئيس مصلحة، يعتبر في الفئة الوظيفية الثانية، ولا يحق له في الأصل إنشاء لجنة. ورغم ذلك استند في قرار الإنشاء على قانون الموظفين! وهذا القانون لا يعطي الموظف في هذه الفئة صلاحيات تخوله القيام بإنشاء هذه اللجنة.
ويضيف المصدر، كمدير عام بحالته يستطيع أن يقترح على وزير التربية إنشاء لجنة. والوزير هو من يقوم بإنشائها إذا دعت الحاجة، ويصدر القرار عنه. وبما أن أعضاء هذه اللجنة من خارج الإدارة، وهم من المتعاقدين على حساب الدول المانحة، فاستشارة مجلس الخدمة المدنية أساسي وضروري. وهذا مقرون مع ضرورة صدور القرار عن وزير التربية.
ويشرح المصدر، أنه في حال كان أعضاء اللجنة من ملاك وزارة التربية، فالوزير غير ملزم برأي مجلس الخدمة المدنية. لكن بما أن أعضاء اللجنة من المتعاقدين، فاستشارة مجلس الخدمة المدنية وجوبية، لا سيما أن مهام "اللجنة" تبيح لها الاطلاع على كل أسرار الإدارة.
مهام اللجنة تتضارب مع مهام وحدات ومديرات في الوزارة، وتبدو كأنها مصلحة أو وحدة قائمة بذاتها. ووفق المصدر، لا يجوز أن يعطى لهذه اللجنة المهام الواسعة التي تمكنها الاطلاع على كل أسرار الإدارة، في وقت حتى التفتيش المركزي لا يحق له القيام بهذه المهام. فقد سبق وتشكلت لجان مشابهة في بعض الوزارات، حتى أن إحداها باعت بيانات الشركات كما حصل في السابق بوزارة المالية. فكيف تستسهل الإدارة تسليم هذه اللجنة غير القانونية كل هذه المهام؟ يسأل المصدر ويؤكد أن "اللجنة" تفتقر إلى أبسط الشروط القانونية، بل هي مخالفة للقانون الإداري بشكل فاضح. ما يستدعي من الوزير الحلبي حلها وإنشاء أخرى بديلة، في حال دعت الحاجة، وفق الأصول القانونية، وبعد استشارة مجلس الخدمة المدنية. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها