الجمعة 2023/11/17

آخر تحديث: 11:50 (بيروت)

اليوم العالمي لضحايا حوادث السير: مبادرة لتعليم "القيادة الدفاعية"

الجمعة 2023/11/17
اليوم العالمي لضحايا حوادث السير: مبادرة لتعليم "القيادة الدفاعية"
طرقات رديئة وقيادة متهورة.. (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
مع انتهاء الأسبوع الثالث من شهر تشرين الثاني من كل سنة، يحتفل العالم باليوم العالمي لذكرى ضحايا حوداث السير. هي مناسبة بادرت لإحيائها منذ سنة 1993 جمعية السلام على الطرق، وتبنتها الأمم المتحدة منذ سنة 2005، حيث تحولت وسيلة مهمة في الجهود العالمية للحد من الإصابات على الطرق.

إحصاءات مقلقة
لبنان الذي يشهد سنوياً ارتفاعاً ملحوظاً في ضحايا حوادث السير، معني بهذا اليوم كغيره من دول العالم. خصوصاً أنه وفقاً لأرقام نشرها ميشال مطران، رئيس المرصد اللبناني للسلامة المرورية لدى مؤسسة جوستيسيا الحقوقية، بعد ستة أشهر من حصول الحوادث، هناك فقط 25 بالمئة من المصابين يتماثلون نهائياً للشفاء، و21 بالمئة يعانون جدياً من آثار قاسية للحادث، و54 بالمئة يعانون من تداعيات الإصابات.

هذا في وقت تشير آخر دراسة استند من خلالها الباحث في الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين، إلى الأرقام الصادرة عن المديرية العامة لقوى الأمن، إلى تزايد عدد ضحايا السير بلبنان بشكل مستمر. فقد ارتفع هذا العدد حتى شهر أيلول من سنة 2023 بنسبة 21 بالمئة. وبلغ عدد الحوادث حتى نهاية شهر آب 1507 حوادث، بالمقارنة مع 1482 حادثاً سنة 2022، فيما سجل 276 ضحية بمقابل 249، و1806 جرحى في سنة 2023 بمقابل 1642 في سنة 2022.

فإذا كان ارتفاع عدد الضحايا ناتج كما بات معلوماً عن حالة الطرقات الرديئة، التي تشهد تدهوراً متراكماً، مقروناً بسوء الأوضاع السياسية والاقتصادية، والسيارات المتهالكة، والسرعة الزائدة والقيادة المتهورة. فكيف يمكن تدارك هذا الواقع؟

مبادرة السلامة المرورية
المبادرة اتخذت على ما يبدو من النادي اللبناني للسيارات والسياحة ATCL، الذي من خلال شراكة عقدها النادي مؤخرا مع خبير السلامة مرورية الدولي ميشال مطران، سيطلق اليوم الجمعة أكاديمية تعليم القيادة الدفاعية والقيادة المحترفة في لبنان، والتي ستشمل برامجها في تعليم القيادة الممتهنين والسائقين الجدد.

في فيديو ترويجي لهذه المناسبة من ضمن مجموعة من الأفلام القصيرة، وضع مطران نص الحوار التالي مع مقدمة البرامج باميلا جرجي: "منذ سنة 1975 أي منذ خمسين سنة، ولا أي جيل في لبنان تعلم القيادة. والأهضم أن الكل لديه رخصة سوق. ولكن كيف يأتي الدفتر؟ عملياً لا منهاج قيادة معتمد ولا امتحان سوق جدي، ولا يوجد قانون سير يحميك. ومع ذلك يمكنك أن تدافع عن نفسك على الطريق، ولكن كيف؟" ليقول مطران "تسجل معنا في دورات القيادة الدفاعية، حتى تتعلم بالصف وداخل السيارة أصول القيادة".

ما هي القيادة الدفاعية؟
وفقاً للتعريف الذي يستخدمه إطلاق المشروع، هو أسلوب في القيادة على الطرق يستخدم مجموعة تقنيات وتكتيكات تقلل من مخاطر التعرض لحادث تصادم، وأيضاً من تأثيرات أخطاء الآخرين.

يشرح مطران لـ"المدن" أن هذه المبادرة هي ثمرة تعاون مع الـATCL الذي يعتبر البرنامج جزءاً من دوره ومن النشاطات التي تأسس من أجلها النادي اللبناني للسيارات والسياحة. ولأن النادي كان يبحث منذ سنوات عن كيفية إرساء هذه الاكاديمية وبرامجها المطلوبة من الاتحاد الدولي (FIA)، وجد الفرصة لدى مطران إثر الاستقالة التي تقدم بها من سلك قوى الأمن الداخلي، بعد أن ذاع صيته كأحد مؤسسي أمانة المجلس الوطني للسلامة المرورية، وغرفة التحكم المروري. علماً أنه تخصص في هذا المجال، ويحمل شهادة إيزو 39001 للسلامة المروية، وهو يدير مع شركاء مجموعة من المناهج المشابهة، وخصوصاً عبر الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية LIRSA.

قبل مطران المهمة، لأنه لمس فراغاً من ناحية إيلاء السلامة المرورية الاهتمام الكافي. وانطلاقاً من قناعة تكونت لديه بأنه في بلد كلبنان لا يمكن التفاؤل بشبكة طرقات آمنة، والتقصير فاضح في تطبيق قوانين السير والسلامة المرورية، يبقى أمامنا أمل وحيد هو في تحسين المهارات القيادية لدى السائق، الذي هو الركن الثالث من أركان السلامة المرورية. ولذلك يقول مطران "ينصب اهتمام المناهج التي أعدت وعددها عشرة، على السائقين. فهناك ناس لا يريدون أن يموتوا على الطريق، وهؤلاء سيقصدونا، ونحن سنعلمهم كيفية التعاطي مع محيط خطر. بمعنى أن السائق هنا يقود عن نفسه وعن غيره، ويتعلم تقنيات الدفاع عن نفسه ضد الأخطار الموجودة على الطريق. فيكون قادراً على تلمس خطر الحادث قبل حصوله، ويعرف بالتالي كيف يتداركه، وكيف يحمي نفسه، ويستخدم وسائل الحماية. كما أن هذه المناهج تعرف بالقيادة المتهورة، وتعلم السائق تجنب الغضب أثناء القيادة".

تأهيل السائقين
هو إذا إلتقاء "على الاستثمار بالأشخاص" يتأمل مطران من خلاله "التخفيف من الخطر على الطرقات، بما ينعكس مع الوقت على أرقام ضحايا حوادث السير".

ومن هنا، يمكن القول أن ليس هناك سن معين للخضوع لبرامج القيادة الدفاعية. والمناهج معدة حسب الطلب. وهناك مناهج للممتهنين من سائقي آليات المؤسسات والشركات، ومن بينها الشركات التي تتعاطى بنقل المواد المشتعلة الخطرة، والذين يتوجب خضوعهم لتدريبات سنوية للتأكد من مهاراتهم القيادية. بالإضافة إلى مناهج للسائقين الذين تقدموا بالعمر، ويحتاجون لإعادة تأهيل قدراتهم في القيادة، ومناهج خاصة بالسائقين الجدد والتي تشمل كل من بلغ سن الـ15، الذين يرى مطران ضرورة لتعديل القوانين بما يسمح بتأمين تدريب متدرج لهم بمرافقة أشخاص بالغين، حتى يتعلموا أصول القيادة بشكل محترف، ولا يتسببوا في أولى تجاربهم بعد الحصول على دفتر السوق، بحوادث ناتجة عن نقص الخبرة.

الأكاديمية وضعت دراسات لتكييف بعض التدريبات على قياس المسارات التي يسلكها المواطنون يومياً، حيث حددت النقاط السوداء عليها، والتي تتسبب بحوادث متكررة، لتدرب سالكيها وفقاً لحاجاتهم، على تقنيات تجنب مخاطرها. منطلقة في ذلك من أنه "إذا كنا غير قادرين على إحداث أي تحسين على الطرقات فلنعدل طريقة تفكيرنا في سلوك هذه الطرقات". ويشير مطران في هذا الإطار إلى أن الدولة عامل مساعد لنا في تأمين استدامة هذه التدريبات، كونه نادراً ما تحصل تغييرات في النقاط السوداء على طرقاتنا.

لا تطرح الأكاديمية نفسها كبديل عن مكاتب السوق. لأن جمهور هؤلاء هم ممن يريدون دفتر السوق، وجمهور الأكاديمية لا شك هو من المهتمين بمعرفة سلوكيات القيادة الدفاعية.

وإذ يشير مطران أنه لا مفر للسائقين الجدد من أن يقصدوا مكاتب السوق، يشدد في المقابل على أنه "ليس لدينا هدف بأن نعتمد على المستوى الرسمي في تعليم القيادة الآمنة". مشيرا إلى "أننا جهة مرتبطة بـFIA دولياً، ولدينا معايير لا يمكن أن نخفضها، ولذلك لا يمكنهم بلوغ هذه المعايير". وإذ يقول بأن فكرة الشراكة مع الدولة عبر هيئة إدارة السير غير واردة، يبدي ترحيباً في المقابل تجاه تدريب مدربي المكاتب والنقابة، أو اللجان الفاحصة، فإذا رغبوا بذلك كما يقول، أهلا وسهلا بهم، ومجاناً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها