الأحد 2023/11/12

آخر تحديث: 12:24 (بيروت)

المدرِّب الخاص في "الجيم": لدلال الصبايا.. وأكثر

الأحد 2023/11/12
المدرِّب الخاص في "الجيم": لدلال الصبايا.. وأكثر
الفتيات أكثر ترحيباً بالاستعانة بالمدرب الخاص (Getty)
increase حجم الخط decrease

طورت الأزمات الأخيرة والظروف التي خلّفتها، عادات جديدة لدى اللبنانيين، أرست تبدلاً واضحاً في إهتمامات فئة الشباب خصوصاً، ليتحول جزء كبير من هؤلاء من النرجيلة والتسكع في المقاهي والمطاعم، إلى الرياضة وممارستها.

تفشي ظاهرة الذهاب إلى النوادي الرياضية أو الـGYM في أوساط تلاميذ المدارس والجامعيين خصوصاً، جعل الرغبة بممارسة الرياضة تنتشر كعدوى، فازدهرت معها مهنة المدربين الخاصين أو الـPERSONAL TRAINER وما يعرف بالـPT.

معاملة خاصة
يقترن اللجوء إلى الـPT بحرص الأهل على أن يمارس أولادهم الرياضة من دون أن يتسببوا لأنفسهم بأذى جسدي. ومع ذلك، لا ينجح الكثيرون في حمل الشبان منهم على الإستعانة بمدربين خاصين. فهذا يتناقض مع الأداء الذكوري للشبان في النوادي، والذي يرفض الاعتراف بتفوق معرفة شاب آخر على معرفته بالأثقال ورفعها. ما يجعل الفتيات أكثر ترحيباً بهذه المرافقة.

فأن يكون لديك مدرب شخصي في الـGYM يعني أنك تحظى بمعاملة خاصة، تعطيك أولوية تلقائية على سائر المشتركين في النادي، تقترن بحرص المتخصص الذي يرافقك على توفر كل المعدات التي ستحتاجها في عملية التدريب. وهذا ما يشكل نوعاً من الدلال الذي تلجأ إليه الفتيات خصوصاً، لتتحول الظاهرة في أوساطهن إلى نوع من الـshow off، تتنافسن من خلاله على أسماء المدربين ومهارتهم. ومع أن هذه الدوافع ليست مسألة محبذة بالنسبة للمدربين الخاصين، يقر المدرب الخاص ساري ضاهر أنها تشكل عاملاً أساسياً في ازدهار مهنة المدربين. إلى جانب ما يلحظه من ارتفاع في نسبة الإصابات الجسدية ومشاكل المفاصل والعضل، حتى في صفوف الأعمار المتوسطة والصغيرة.

منافسة غير شرعية
لم يعد الذهاب إلى الـGYM محصوراً إذاً بالشباب المهتمين بتكبير عضلاتهم. ولا عادت أوائله الحديدية حكراً عليهم. بل توسع الاهتمام به إلى الفتيات الراغبات بإبراز تلك العضلات، وخصوصاً تلك التي تعكس أنوثتهن. وهذا ما وسع مروحة العمل لدى المدربين الخاصين، الذين يلاحظ تعدد وجودهم في النوادي، فيحضرون ويغادرون مع زبائنهم، إلى حد أن المهنة شكلت إغراءاً بالنسبة لكثير من الشبان، دفع بجزء منهم لتطوير مهاراتهم في التدريب من خلال دراسات تخصصية.

 إلا أن هذا الازدهار في المهنة جعلها أيضاً عرضة للاختراق من قبل دخلاء، طمعاً بمكاسبها المقبولة في ظل الأزمة التي نعيشها. وهذا ما فرض اكتساب المدرب مهارة إضافية في تسويق نفسه والخدمة التي يوفرها، من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، للإضاءة على النتائج التي يحققها مع زبائنه. فجعل من بلوغ الزبائن لأهدافهم الجسدية علامة دامغة على مهارته.

ولكن ضرر "المنافسة غير الشرعية" لا يقتصر في هذه الحالة على المتخصص بمهنة المدرب الشخصي. إنما يشير المدرب الخاص أنطوني عبود إلى مخاطرها على سلامة المتدربين أيضاً. فعندما يتخصص المدرب الشخصي في مجال عمله، يخضع لكل الدراسات والتدريبات التي تجعله على معرفة بجسم الإنسان وكيفية تصريفه للطاقة، وبعلم الحركة، وهذه أمور يطبقها بالتمارين التي يؤمنها للشخص الذي يرافقه، حتى يصل إلى هدفه بشكل أسرع، ومن دون أن يلحق أي أذى بجسده، مع ما تقدمه هذه المرافقة للزبون من دافع Motivation حتى يتابع برنامج رياضته للنهاية.

تبدل الذهنيات
انطلاقاً من هنا، يعتبر ساري ضاهر أن النوادي التي تشغل المدربين الخاصين تتحمل المسؤولية أيضاً في عدم تفشي فوضى المدربين بداخلها، لأن العملية هنا مترابطة، وأي خطأ قد يقع في النادي يلحق ضرراً بسمعة النادي، كما هو يضر بمهنة المدربين الخاصين.

لا تقلق المنافسة "غير الشرعية" أنطوني وساري على المستوى الشخصي، كونهما اكتسبا سمعة تجعلهما مرجعاً للراغبين في الاستعانة بمدربين خاصين. إلا أن ذلك لا يعني بأن تأثير الدخلاء على المهنة ليس مؤذياً. ومع أن أنطوني يتفهم لجوء بعض الشباب إلى تقديم هذه الخدمة التي ترتبط بهوايتهم أحياناً، يتمنى أن يكون هناك مزيد من التنظيم لها، من قبل وزارتي الشباب والرياضة، والصحة، مع فرض ضوابط قانونية، خصوصاً أننا نتحدث هنا عن سلامة الناس وأجسادها.

بالنسبة لأنطوني فإن تطور مهنة الـPT يعكس توجهاً متزايداً لدى الشباب إلى الرياضة التي باتت متنفساً أساسياً لهم، وربما تكون الأكثر شيوعاً في أوساطهم. ويلفت في المقابل إلى كون هذا التغير الإيجابي انعكس على تلاميذ الصفوف النهائية في المدارس، الذين باتوا عنصراً أساسياً في تشغيل النوادي. وهذه مسألة إيجابية برأيه، كونها تعكس تبدل في الذهنيات لدى الشباب، الذي نزعوا في فترة من الفترات إلى ما يؤذي صحتهم من دخان ونرجيلة وكحول. ويوافقه في ذلك ساري الذي يعتبر أنه إذا كان هناك فرد في العائلة مهتم بجسده وبحياة صحية سليمة، لا بد أن ينقل العدوى لأصدقائه ولأفراد آخرين في عائلته.

كبار السن
ولكن هذا الأمر لا يعني أننا بلغنا مستوى من الوعي، يقنع المتقدمين في السن بأن الرياضة جيدة لهم أيضاً، لا بل هي أساسية للحفاظ على توازن الأجساد، وتحاشي ترققات العظم وأمراض القلب وآلام المفاصل. ولذلك تجد أن معدل العمر في معظم النوادي يتوقف عند سن الأربعين، إلا في حالات استثنائية، يدفع فيها قاصد النادي لممارسة الرياضة كي يتخلص من بعض آلام المفاصل أو الترققات العظمية أو حتى التكلس، وخصوصاً لدى السيدات.

وهنا تبرز أهمية المعرفة التي يملكها المدرب. فالخبرة في هذه الحالة مهمة ولكنها غير كافية. إذ أن قاصد النادي حديثاً يكون لديه عادة هدفاً، ولكنه لا يعرف كيف يبلغه عبر ممارسة الرياضة، ولا يعرف الصح والخطأ في اختيار المعدات وكيفية استخدامها. وعليه، فإن أي ممارسة خاطئة للرياضة قد تؤذيه وتتسبب له بعطب دائم في جسده. ولذلك يؤكد ساري بأن المدرب المتخصص يحرص على معرفة كافة التفاصيل المتعلقة بصحة الزبون وحركة جسده قبل المباشرة بوضع البرنامج الخاص بالتدريب.

بالمقابل، فإن لشخصية المدرب وسمعته وحتى الخدمات التي يقدمها دوراً أساسياً في تحديد الفئة العمرية التي يستقطبها. بالنسبة لساري يقول أنه نجح بإستقطاب مهتمين بالرياضة من فئات عمرية تتراوح بين سن 18 إلى 50. ولكنه يشير إلى أن هدف الزبون هو الذي يحدد هوية المدرب الذي سيفيده بشكل أكبر، ولذلك يؤكد أن لا تنافس على مستوى المدربين المتخصصين في استقطاب الزبائن.

أخلاق المدرّب
للأزمة الاقتصادية في المقابل تأثير مزدوج على مهنة الـPT. فهي من ناحية زادت أعداد الاشخاص الذين قد يلجأون إلى خدماتهم، لأن الرياضة باتت التسلية الأقل كلفة بالنسبة لأعداد واسعة من الشباب، الذين ما عادوا قادرين على التسكع في المقاهي، أو ممارسة هواياتهم المكلفة، فأمنت تصريفاً يومياً لبعض ساعات النهار مع اكتساب عادة مفيدة، وجعلت البعض يكتشفون هواية جديدة. إلا أن المدربين الشخصيين في المقابل خفضوا من بدلهم المالي بما يتناسب مع تراجع سعر العملة، فلم يبلغ المدرب حتى الآن -حسب انطوني- نصف مستوى البدل الذي كان يتقاضاه قبل الأزمة.

من دون أن يدعي الطوباوية، يؤكد ساري أن بعض المدربين يبدون استعداداً لتقديم المساعدة حتى لأصحاب الدخل المحدود، فقط للتحفيز على ممارسة الرياضة والالتزام بها. مسألة تعكس أخلاق المدرب، التي تشكّل أيضاً عنصراً أساسياً في جعله شخصاً موثوقاً به.

فنسأل أنطوني عن العلاقة التي تربط المدرب بالمتدرب، خصوصاً أن المدرب في هذه الحالة يتعاطى مع جانب شخصي جداً يتعلق بجسم الإنسان.

برأي انطوني، أن اللقاء المتكرر بين المدرب والمتدرب لا بد أن يكسر الحواجز الاجتماعية والنفسية بين الشخصين، إلا أن المسألة يجب أن تبقى في إطار مهني احترافي، لمصلحة المدرب والمتدرب معاً. فتحول العلاقة إلى صداقة قد يجعل المدرب يتراخى في مهمته. وهذا ليس لمصلحة المتدرب الذي قد يجد بأنه لا يبلغ هدفه.

أما بلوغ الأهداف التي يطلبها المتدربون، فمسألة مقترنة كما يؤكد المدربان بالنظام الغذائي إلى جانب التدريبات. ومع أن الاختصاصيين الغذائيين لا يحبذون في بعض الحالات ممارسة زبائنهم للرياضة خلال فترة الحمية، يشير ساري إلى أن التعاون الإيجابي بينهما قد يؤدي إلى النتائج المرجوة. وهو تعاون يؤكد أنه يرسي بالنسبة للزبون المشترك أسلوب حياة مستدام، لا يحرم الشخص من الطعام، ويساهم في الوقت نفسه بالحفاظ على لياقته. وهذا هدف يسعى إليه كل المدربون الشخصيون المتخصصون، ويعتبرون بلوغه جزءاً من نجاحهم المهني، وفي تأمين استمرارية مهنة قد تكون مستجدة في لبنان، ولكنها تعيش فورة يؤمل أن لا تخترقها الفوضى.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها