الجمعة 2023/12/22

آخر تحديث: 18:26 (بيروت)

أحمد قعبور لـ"المدن": فلتتّحد الفصائل الفلسطينية

الجمعة 2023/12/22
أحمد قعبور لـ"المدن": فلتتّحد الفصائل الفلسطينية
عندما تشتدّ الحروب، على الجميع أن يثبت أنّه ليس دمية (المدن)
increase حجم الخط decrease
لا يكلّ الفنان أحمد قعبور عن إعادة توجيه البوصلة الى فلسطين. هناك البداية والمعاناة والوجع.. هناك المعاناة جرّاء الحرب الإسرائيلية الهمجية. أما في لبنان، فجبهة مساندة فنية لتسليط الضوء على معاناة الأطفال، إذ أهدى قعبور صوته لأطفال غزة الشهداء الذين فاقوا الثمانية آلاف، بحسب آخر حصيلة لوزارة الصحة في غزة.

في جامعة بيروت العربية - حرم بيروت، وتحت شعار "سلاماً أطفال غزة"، غنّى الفنان أحمد قعبور. استمرت الأمسية لنحو ساعة ونصف الساعة، ولم تغب عنها أغنيته "أناديكم"، وهي مناداة مستمرة للمناضلين الفلسطينيين غسان كنفاني ومحمود درويش وناجي العلي وكل طفل وشاب وشيخ وامرأة مناصرين للقضية. 


والحال أن لبنان ما زال مصرّاً على دعم السردية الفلسطينية، على الرغم من ظاهرة "الاعتياد" التي بدأ تصيب الجماهير المناصرة لفلسطين. فقد بات مرهقاً فعلاً، أن يقنع أصحاب القضية، العالم، بأنّ فلسطين، من النهر إلى البحر، هي ملك للفلسطينيين، وبأنّ إسرائيل هي دولة محتلة سلبت حقوق الفلسطينيين. 

منذ تصاعد وتيرة المجازر الإسرائيلية، سعى كثيرون، بكل إمكاناتهم، لإظهار حقيقة الصراع للعالم، لا سيّما الفنانون والمؤثرون. لبنان نفسه، يشهد عدواناً كبيراً على جنوبه، يحصد شهداء ودماراً وتهجيراً لسكّانه. انطلاقاً من المعاناة المشتركة، أعاد أحمد قعبور في حفلته، أغانيه التي يعلو صوتها في كل حربٍ يشنّها الاحتلال. 

قعبور: آن الأوان للفصائل الفلسطينية أن تتّحد
وفي الأمسية التي أقيمت في قاعة جمال عبد الناصر، عَلت أصوات الحاضرين، لعلّهم يحدثون فارقاً وارتياحاً نفسياً. خلال لقائه مع "المدن"، قال قعبور: "يستعيد الناس أغنياتي، ربما لأنّ لديها مساحة في الذاكرة، أو لأنها تعبّر بصدق عن موقفي وموقف من كتب لي، ووزّعها. شكّلت الأغاني سلاح الهوية والشخصية والذاكرة. تمر المأساة علينا تباعاً، وتنسينا معاناتنا السابقة، لكنها كلّها مرتبطة بخيط رفيع ومن يحرك الدمى، طرف واحد".

لم يخفت صوت قعبور طوال مسيرته الثوريّة الغنائية. فعندما تشتدّ الحروب، على الجميع أن يثبت أنّه ليس دمية. "نحن لدينا مواقف وآراء، وأغنية مختلفة، آن الأوان أن نغنيها، لا يمكن أن تتوقّف"، يضيف قعبور، مشدّداً على إيمانه بأنّ الاحتلال لا يلين يوماً. فالبربريّة الواضحة التي تعمل بها إسرائيل، تتزايد يوماً بعد يوم، وهو ما لا يمكن غضّ الطرف عنه لدى الرأي العام العالمي، وينتج أجيالاً عربية وغربية تؤمن بأنّ إسرائيل مدانة تاريخياً وصولاً إلى اليوم. 

يعتبر قعبور أنّ لدى كل العرب مسؤولية بإيجاد الحد الأدنى من الموقف الموحّد تجاه القضية. "آن الأوان أن ينتهي هذا الانقسام العمودي لدى الفصائل الفلسطينية للبحث عن الحد الأدنى من الوحدة الوطنية الفلسطينية. لا يجوز في ظل شلال الدماء هذا، أن يكون هناك اختلافات، لا أقصد فتح وحماس فقط، بل كل الفصائل"، يضيف قعبور لـ"المدن".

"بيروت العربية": إهداء للشعب الفلسطيني 
تمكنت "بيروت العربية" من تذكير الحاضرين بمأساة الأطفال الذين فقدوا ألعابهم وأحلامهم وأرواحهم. خلال الأمسية، عرضت الجامعة فيلماً قصيراً من إنتاج أحد الطلاب، يظهر جانباً من معاناة أطفال غزّة، لا سيّما أولئك الذين قضوا يتامى، جرّاء التطهير العرقي التي تحدثه إسرائيل في استهدافها المدنيّين. وتضمّنت الحفلة أيضاً أغنية "مين" التي أطلقها أحمد قعبور مع الفنانة الفلسطينية الراحلة ريم البنّا في العام 2014. 

تقول مديرة العلاقات العامة في الجامعة، زينة العريس، لـ"المدن": "ما يحصل في غزة موجع، وحفلة "سلاماً لأطفال غزّة"، ليست سوى لمسة صغيرة إهداءً للشعب الفلسطيني الموجوع ورسالة بسيطة لأطفال غزة الذين يعيشون مأساة يومية". وتشير إلى أنّ القضية الفلسطينية أخذت منحى آخر، لا سيّما التنبيه الى العدالة، والصرخات التي خرجت من طلّاب وفئات شابّة بشكل خاص. 

أميمة الخليل: أريد أن أصرخ 
وحضرت الأمسية الفنانة أميمة خليل، التي عملت إلى جانب الفنان مارسيل خليفة لسنوات طويلة، لا سيّما أغنية "عصفور طل من الشباك" المهداة "للسجناء العرب في السجون الإسرائيلية". لم تغب خليل عن دعم غزة في مأساتها الأخيرة. ففي بداية العدوان، سجّل الشاعر الفلسطيني مروان مخّول قصيدته "نيو غزّة"، وأضافت عليها صوتها لتصبح بمثابة موسيقى تصويريّة تعبّر فيها عن صرختها. تقول أميمة لـ"المدن": "أنا أريد أن أصرخ الآن، لا أريد أن أغنّي، وهذه رسالتي في نيو غزّة". 


وعن علاقتها بمارسيل خليفة الغائب، تشير الخليل إلى لقاء جمعها به بعد أحداث غزة. "عندما نلتقي، نشكو لبعضنا أنّ ما يحصل اليوم هو هول غير مسبوق. أقول دائماً إنّ الحروب تتغير جغرافيتها، لكن سيرة البشرية هي الحروب المتنقلة من جغرافيا إلى أخرى. نتحدّث عن الخراب المستمر الذي أصاب غزّة، جميعنا قلنا لا، ورفعنا الصوت، وكل الشعوب تطالب بوقف الحرب، ونحن كأنظمة ليس بإمكاننا أخذ قرار بوقف هذه الحرب!". 

وفي إشارة إلى أهمية الفن في تلك المرحلة، تعتبر الخليل أنّ الهدف لا يقتصر على مجرّد إنجاز عمل مرافق للحدث، إنّما في إنجاز عمل فني كامل ومتماسك. تقول: "أنا أحب الأعمال الفنية المشتركة وأتمنّاها، لكن من الصعب أن يتّفق الجميع على الفكرة والمضمون وطريقة التنفيذ نفسها". 

بعد كل المجازر المتراكمة والمستمرة منذ 75 عاماً بحق الفلسطينيين، تعجز الشعوب عن إيجاد طرق للتعبير عن تضامنها مع السردية الفلسطينية. وبعدما رسخت مشاهد الدمار والعائلات التي قضت آخر أنفاسها تحت الأنقاض، لا سيّما الحرب غير المسبوقة التي تشهدها غزة، يبقى على كلّ مناصر للقضية أن يدعمها بكامل طاقته وأدواته. "سلاماً لأطفال غزة" ليست سوى حفلة-لفتة، حاول القائمون عليها تذكير الحاضرين بأنّ المشاهد والأخبار التي نتابعها يومياً "ليست اعتيادية"، لا سيّما العدوان المتصاعد والمتواصل على جنوب لبنان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها