الإثنين 2023/11/20

آخر تحديث: 21:30 (بيروت)

فلسطين التاريخية... حكاية بكل اللغات الالكترونية

الإثنين 2023/11/20
فلسطين التاريخية... حكاية بكل اللغات الالكترونية
مدينة عكا في فلسطين (غيتي)
increase حجم الخط decrease
انتقل مؤيدو القضية الفلسطينية الى سردية أخرى، تواجه الحملة الغربية الداعمة لاسرائيل التي تساهم في تزييف الحقائق بأساليب غير عقلانية. وفي محاولة لردم الفجوة بين كفاءة المحتوى الفلسطيني، مقابل الدعاية المضادة، ذهب الفلسطينيون الى خطاب آخر، تولاه شبّان وشابّات عرب ناطقون بلغات أجنبية، وامتد ليشمل مؤيدي القضية الفلسطينية حول العالم.

وساهم ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي بإظهار حجم الإبادة الإسرائيلية بحجّة "الدفاع عن النفس" بصور وفيديوهات تظهر أشلاء مقطعة أو محروقة. لم تقتصر تغطية الألم الغزّاوي على صحافيين مثل معتز عزايزة وهند الخضري وزملائهم، بل امتدّ ليشمل فئات شبابية عربية ناطقة بالانكليزية حملت على عاتقها مسؤولية نشر ثقافة "التعرّف على فلسطين الحقيقية".

أنشروا الحقيقة
"يكفي أن نعرف أن "سي إن إن" نشرت هذا الفيديو، استمروا بالنشر"، بهذه العبارة ختم الصحافي اللبناني حسن عطيه فيديو له في "إنستغرام"، معلّقاً على الفيديو المضلّل لمستشفى الرنتيسي للأطفال في غزة. تورطت آلة الحرب الإسرائيلية في حماقة، عبر فيديو نشره المتحدّث العام باسم جيش الاحتلال، دانيال هاليفي، في "إكس"، مبرّراً المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين، والقاطنين في المستشفيات على وجه الخصوص. عطيّة، هو واحد من الشباب اللبنانيين الذين ساهموا في دحض الأخبار الكاذبة التي يروّج لها العدو، وقبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لم تكن صفحته في "انستغرام" تتضمّن هذا النوع من المحتوى، الذي يختمه دوماً بـ"أنشروا الحقيقة". 


بمشهد تهكّمي، يبدأ عطيه بمقطعه المصوّر، ويبني محتواه على أحد الفيديوهات أو الأضاليل الاسرائيلية، ليسرد من بعدها "مدى بؤس العدو" بإظهار الحقيقة المضلّلة. ظهر للعالم أنّ الفيديو الذي نشره المتحدث باسم جيش اسرائيل بمزاعم أنّ "حماس تستخدم مستشفى الرنتيسي" لا تمت للمنطق بصِلة. بدت مضحكة الرواية المختلقة ممثلةً بالأدلّة غير الثابتة، لا سيّما مشهد يظهر الحفّاضات وحليب الأطفال، اعتبرها هاليفي مؤشراً على استخدام حماس للمستشفى "لحجز الأسرى". 

وتعليقاً على مشهد آخر تظهر روزنامة وعليها أسماء عناصر حماس لتقسيم دوام عملهم، قال عطيه: "نحن لم نعرف أي شخص يدعى الاثنين أو الثلاثاء في العربية أو الانكليزية، هذه روزنامة تتضمن أيام الأسبوع"، أوضح عطيه في الفيديو. 

يسرد الشاب اللبناني بسلاسة للمشاهد العربي أو الغربي، ما يحدث. يبدأ بسخرية، وصولاً للمعلومة الدقيقة، في وقتٍ لا يتعدّى الدقيقة. وهو قابل لفهم الجميع، كون عطيه يتكلّم بالانكليزية مع ترجمة مرفقة، مستخدماً بعض العبارات باللغة العبريّة استفزازاً للعدوّ.

فلسطين التاريخية بـ11 لغة
يظهر المشهد اليوم أنّ معظم الشباب الدّاعم للقضية، ساهم بكل ما بوسعه لشرح ماهيّة فلسطين التاريخيّة، من نكبة العام 1948 وصولاً إلى ما يحصل اليوم. بينما يقف العالم متفرّجاً ومندّداً ومشجّباً بمأساة الفلسطينيين، سخّر صانعو المحتوى أدواتهم لإنتاج سلسلة من الفيديوهات أو الصور أو النصوص التي تؤكّد معاناة الفلسطينيين التي لم تبدأ منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. في مثال على ذلك، نشر الصحافي الفرنسي شاهين حزامي، في لغته الفرنسية، وبعض المنشورات التي ترجمها للانكليزية، سلسلة عن فلسطين. "فلسطين: بداية الصهيونية، الفرق بين اليهودية والصهيونية، استعمار فلسطين، الانتفاضة الأولى والكفاح المسلح المستمر حتى يومنا هذا"... من أبرز منشورات حزامي في "إنستغرام". 

هنا، عمد الصحافي الفرنسي المستقل إلى خاصيّة "السلايدس" في "انستغرام"، فيما اعتمد في منشورات أخرى لإيصال محتواه على المعلومات البيانية أو الـ"infographics" مثل بوست "مدن فلسطين قبل الاستعمار" الذي ترجمه إلى 11 لغة، وساهم بشكل آخر في إظهار دعم الشارع الفرنسي للفلسطينيين.
 

في الكواليس الغربية، تظهر بوضوح محاولة طمس السردية الفلسطينية وتصوير مظلومية إسرائيل، على الرغم من حربها الدائمة على الفلسطينيين قبل عملية "طوفان الأقصى". عدد الشهداء الفلسطينيين فاق الـ11600، وما زال صانع المحتوى، وكل من بوسعه أن يقدّم أي محتوى، يسعى جاهداً لإظهار الحقيقة كما هي. 

قصف المستشفيات، واستهداف منازل المدنيين والصحافيين، وقطع كل سبل الحياة من وقود وماء وغذاء، لم يكن كافياً ليبحث العالم عن الحقيقة. هنا، لا بد من تسليط الضوء على صعوبة تنفيذ هذا المحتوى في ظل الحجب المستمر على منصّات "ميتا" (انستغرام وفايسبوك خصوصاً). 

كلٌّ يقاوم على طريقته
في المقابل، وعلى مبداً: "كلٌّ يقاوم على طريقته"، ساهم فنّانون شباب بإنجاز أعمال مشتركة لإيصال الصوت. وأهم ما ظهر أخيراً هي أغنية "راجعين" التي اجتمع فيها 25 فناناً من الشرق الأوسط "كاستجابة مباشرة للأزمة المستمرة في غزة ونضال الشعب الفلسطيني المستمر"، حسبما أعلن القائمون عليها. جاء في كلمات الأغنية: "ما نستقبل ضيوف، نستقبل شهداء. ما نسينا الدرة وقصف المعمداني. إبادة جماعية أطفال ونساء. يموت عزيز ما نبكي دا شهيد". 


في السياق نفسه، استذكرت المغنية التونسية، آمال مثلوثي، مَشاهد من حفلاتها السابقة التي تضمنت أغاني من التراث الفلسطيني. أدّت مثلوثي أغنية "يا طالعين عالجبل" التراثية في أثينا، وأنجزت أغنية "أمل خارق… أمل جديد" مع مغني الراب المصري "مولوتوف" لـ"مشاركة رسالة أمل معكم أينما كنتم (أي الفلسطينيين)"، بحسب منشورها في "انستغرام".
 

يبدو أنّ هناك مساحة تم إفساحها اليوم، لمن يريد أن يعرف ما هو النضال الفلسطيني، وما هي الصهيونية. وتمت الاستفادة من تلك المساحة في تزويد جمهور مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم بالمعلومات التي تمكّنهم من أخذ موقفهم من الحرب الأخيرة على غزة. وأظهرت الحملة الداعمة للسردية الفلسطينية القناع الحقيقي لـ"دعاة السلام"، لا سيما أولئك الذين خذلوا الشعب الفلسطيني بصمتهم. وهنا، يظهر المحتوى في مواقع التواصل الاجتماعي كعنصر أساسي في تشكيل الرأي العام العالمي وتحديد مسار النضال والسردية الفلسطينية. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها