السبت 2023/10/14

آخر تحديث: 21:49 (بيروت)

لماذا اغتال الاحتلال عصام وزملاءه؟

السبت 2023/10/14
لماذا اغتال الاحتلال عصام وزملاءه؟
الزميل الشهيد عصام العبد الله
increase حجم الخط decrease
على بعد أمتار قليلة، وثّقت كاميرا "التلفزيون العربي" إستهداف الاحتلال الإسرائيلي بصاروخ موجّه، الطواقم الصحافية في بلدة علما الشعب جنوبي لبنان. إستشهد المُصوّر الزميل عصام العبد الله وأصيب عدد من الزملاء. كاميرا "العربي" وثّقت هذا الإستهداف الوحشي الذي يتنافى مع كل القواعد والمعايير الدولية، هي نفسها كاميرا "العربي" التي إحترقت بعدما إستهدفها جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنين قبل بضعة أشهر.

والاحتلال القائم على مبدأ الدعاية المُضلّلة والأخبار الكاذبة منذ نشأته، يهاب فكرة نقل الحقيقة وما يحدث بشكلٍ واقعي على الأرض، لذا يعتبر إستهداف العمل الصحافي من سياساته الرئيسية لإسكات صوت الحق وإخفاء الحقيقة وما يرافقها من إنتهاكات جسيمة يقوم بها خلال إعتداءاته على الشعب الفلسطيني وفي ساحاتٍ أخرى. 

ومع إستمرار إفلات الاحتلال من العقاب، توالت الانتهاكات الإسرائيلية على مدى السنوات الماضية بحق الصحافيين والمؤسسات الإعلامية في ظل صمت دولي مُخزٍ، علماً أن الحماية القانونية للصحافيين مكفولة ومن الواجب إحترامهم أثناء النزاعات المُسلّحة سواء أكان ذلك أثناء النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية، وذلك بالإستناد إلى مبدأ أساسي في القانون الدولي الإنساني بأن "لا يكون الصحافيون الذين لا يشاركون في الأعمال القتالية هدفاً لأي إعتداء أو هجوم بل يجب الحفاظ عليهم وحمايتهم وفقاً لآليات وأساليب تحددها اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو الدولة الحامية أو الطرفين المتناحرين، بموجب إتفاقية دولية توجب على أطراف النزاع المُسلح أن تضع في إعتبارها مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين". 

هذا الأمر يعد منطلقاً أساسياً لإضفاء الحماية اللازمة للصحافيين التي جاء تنظيمها بصورة واضحة وفقاً لإتفاقيات جنيف 1949 وخصوصاً الإتفاقية الرابعة الخاصة بحماية المدنيين في النزاعات الدولية المسلحة والبروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 والعديد من القرارات التي رفعت الصوت بإحترام حماية وحصانة الصحافيين.

إذاً الصحافي محميّ بموجب القانون الدولي، وأي إعتداء عليه لا يجب أن يمر بلا عقاب، بعيداً من حيثيات قرارات حماية الصحافي المنصوص عليها في القانون الدولي. وبالعودة إلى الواقعة الأخيرة لإستهداف الزملاء الصحافيين، فهم لم يتواجدوا أصلاً في منطقة نزاع أو إشتباك مُسلح، إذ كانت الفرق الصحافية تتمركز على إحدى التلال الآمنة في بلدة علما الشعب الجنوبية مع إشارات توضح وتظهر أنّهم فرق صحافية وبالتنسيق مع الجهات الرسمية اللبنانية، ومن المؤكّد أن هذا التنسيق موصول مع قوات حفظ السلام الدولي.

تخرج طائرة "أباتشي" إسرائيلية وتطلق صاروخاً موجّهاً باتجاههم. هذا الفعل وحده يُثبت أن الإستهداف هو عملية تصفية وإغتيال للأصوات المتواجدة منذ أيام، يصل فيها الصحافيون الليل بالنهار، لنقل الصورة كما هي من الميدان. 

هذه النقطة بحد ذاتها هي التي ترهب الإسرائيلي. "أن تنقل ما يجري من دون أي تزييف". وهنا يعود مشهد إغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة إلى الأذهان. الجيش الإسرائيلي كان يتوجّه للقيام بعملية ولم يناسبه نقل الصورة فقام بإغتيالها، لأن عمليات الإسرائيلي دائماً ما ترافقها إنتهاكات وأعمال قتل وحشية يحرص على عدم نقلها.

لم يعتد الاحتلال على أصوات حرة، وعدسات دقيقة. العمل الصحافي بالنسبة له، هو جزء من تكتياكته وعمله العسكري والأمني. ينظر إلى هذه المهنة من زاوية دعائية، تثبيتاً لكونه قام أساساً على الدعاية والتضليل، وخير دليل على ذلك ما حصل قبل بضعة أيام بعد عملية "طوفان الأقصى" إذ روّجت وسائل إعلامه أن حركة "حماس" قامت بقطع رؤوس الأطفال.

هذا تحديداً ما يريده الاحتلال الإسرائيلي من العمل الصحافي، لذا لن يتوانى يوماً عن إغتيال صوت الحقيقة وإستهداف الصحافيين في كل الساحات حيث يرتكب المجازر. وما نفذه أخيراً، هو جريمة حرب موصوفة أخرى وثقتها عدسات الكاميرات وسيتغاضى عنها المجتمع الدولي الداعم لإسرائيل... ارتقى خلالها المصور الصحافي عصام عبدالله شهيداً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها