أراد القيمون على الدراسة استبيان المواقف واستطلاع الرأي العام حول الجنسانية والنوع الاجتماعي، ومدى القبول الذي تتمتع به هذه الفئات في المجتمع، وهذا بطبيعة الحال جزء من عمل "المؤسسة العربية للحرية والمساواة". ووفق نصر، فإن هذه الدراسة هي "أكبر دراسة أجريت في الشرق الأوسط عن الجنسانية (Sexuality) والهويات الجنسية والجندرية المختلفة (Alternative sexual and gender identity)"، وقد إستمرت سنتين، وتألفت من 3 مراحل".
أما المرحلة الأولى فقد أعلن عن نتائجها الاثنين، في مؤتمر نظمه المركز في فندق الريفيرا في بيروت، وقد تضمنت أكبر عينة من المشاركين، وشملت 1,200 شخصاً ممثلين لمجمل اللبنانيين. كما أخذت الدراسة في اختيارها العينة التقسيم الطائفي والجندري والجنسي والمستوى التعليمي والأصل المناطقي (ريف\مدينة) والفئة العمرية. لذلك، تشير نصر الى أنه "يمكن اعتبار الدراسة تمثيلية على صعيد وطني لأخذها في الاعتبار كل ذلك، ولتضمّنها عدداً كبيراً من الأشخاص، وبالتالي يمكن تعميم النتائج على سكان لبنان".
اضافة الى ذلك، استخدم المركز شركة "ايبسوس" (Ipsos) للاستبيان والإحصاء، والتي قامت بعمليات المسح وتجميع المعطيات. كما تم تعديل الإستبيان - الذي استحضر من الخارج - ليناسب الثقافة السائدة في المجتمع اللبناني، وليضمن موضوعية الأسئلة المطروحة. كما تمّ التعاون مع مستشارين من الهيئة التدريسية في "الجامعة الأميركية" في بيروت.
وتضمن الاستبيان ثلاثة أجزاء: الجزء الأول يدور حول محور الجنسانية وتحديداً الجنسانية السائدة (Normative sexuality) لدى النساء والرجال المشاركين. بينما تناول الجزء الثاني المثلية الجنسية (Homosexuality) ونظرات وسلوكيات الناس تجاه المثليين. أما الجزء الثالث فتحدث عن تنوّع الهويات الجندرية (Gender identities)، وركّز على الأشخاص المتحولين جنسياً (binary transsexuals).
تستعرض نصر صعوبات طرح القضية، وتشير إلى أن "غياب مصطلحات معبّرة في اللغة العربية، أو غياب الترجمة هما العائقان اللذان واجهتهما الدراسة". لذلك استخدمت مفردات وتعابير بسيطة، ووضعت تعريفات لمصطلحات مثل "المثلية الجنسية"، ليعرف الشخص المشارك مثلاً أن المصطلح يعني "من يشعر بانجذاب نحو شخص من الجنس نفسه"، كل ذلك لإيصال معاني هذه المصطلحات لمن شملهم الاستبيان. أما التعابير الشائعة حول المثليين فقد تم التخلص منها، لأنها بحسب نصر "تعابير نابية". وقدّمت إرشادات للموظفين بعدم استعمالها أو تداولها مع المشاركين.
لم تخلص الدراسة إلى تعميمات حول تأثير الاختلاف المناطقي على مواقف الأفراد في مسائل اختلاف الهويات الجندرية والجنسانية. وتشير نصر إلى "عدم وجود فروقات مناطقية تذكر". أما المفاجئة فكانت، وفقها، أن "الإجابات في ما يخصّ المثليين كانت أقلّ محافظةً مما توقعنا. فوجدنا أن أكثر من 70% من المشاركين هم ضد التدابير العنفية، لفظية كانت أم جسدية، تجاه المثليين وغيرهم". وهي نتيجة مثيرة للإهتمام "لأنه يمكن الإستفادة من هذه الردود لاحقاً لمناصرة القضية في بلد يُجرِّم الاختلاف"، على ما تقول نصر. وتضيف: "يمكن عرض النتائج لأنها تدل على معارضة واسعة من الشعب اللبناني للاضطهاد الممنهج لهذه الفئات، واستخدامها للمحاسبة".
كما تتحدّث نصر عن نتيجة توصّلت إليها الدراسة وهي ردّ "ظاهرة المثلية" إلى مشكلات نفسية وبيولوجية. والحال أن هذا الحديث خرافة، على حدّ تعبير نصر، "لأنه أولاً ليست هناك حتى اليوم أي دراسة تثبت هذه الادعاءات. وثانياً، وبحسب خبرتي، نعلم أن المرض النفسي تصاحبه أعراض كضعف أو عجز، وهذا غير صحيح بالنسبة للمثليين، الذين يعانون من تضييق من المجتمع، وهذا ما قد يسبب مشكلات نفسية ورهاب مثلية ذاتياً، وليس العكس. علاوة على ذلك، ليس هناك دراسة حتى اليوم وجدت مسبّباً للمثلية الجنسية". كما وجدت الدراسة أنّ معظم المشاركين لا يمانعون المثلية، طالما هي بعيدة عنهم، فترددت على ألسنتهم عبارات "الله يبعدن عنا". وترى نصر أن "ليس عليهم أن يتقبلوا الأمر بترحاب، لكنهم يعارضون تجريمه".
أما المرحلتان المتبقيتان من الدراسة فتعتمدان أسئلة الاستبيان نفسها، لكنّها ستوجه حصراً إلى أصحاب الاختصاص من أطباء ومحامين وسياسيين ورجال أمن وشخصيات دينية، وغير ذلك ممّن يؤثرون على الرأي العام، كالإعلام الذي "يصور الاختلاف كمَرَض ويُثبِّت الخرافة التي تكلمنا عنها"، والذي "نتأثر فيه كثيراً في لبنان".
النتائج
79.7 من المستجوبين يعارضون بقوة أو يعارضون نوعاً ما، على ما قُسّمت خيارات الاستبيان، خضوع مثلي ومثليات الجنس لعقوبة جسدية. ويرفض 85.3 بالمئة تعرضهم لعقوبة الموت، و65.5 يرفضون سجنهم. فيما يرفض 57.3 بالمئة تغريمهم مادياً.
في المقابل، يرى 66.3 بالمئة أن مثلي ومثليات الجنس خطر على المجتمع، و81.3 بالمئة يعتبرون المثلية الجنسية سلوكاً غير أخلاقي، و83.5 يعتبرونها خطيئة أو حراماً. ويرى 72.2 بالمئة من المستجوبين أن المثلية الجنسية هي اضطراب نفسي، و79 بالمئة يرون أنها اضطراب في الهرمونات أيضاً، و79 بالمئة يعتقدون أن مثلي ومثليات الجنس يجب أن يخضعوا للمعالجة الهرمونية والبسيكولوجية.
ويوافق 55.7 بالمئة من المستجوبين على أن كل فعل جنسي يحصل بالتراضي بين شخصين راشدين لا يجب أن يكون ممنوعاً قانوناً. كما يوافق 56 بالمئة على أن السلوك الجنسي للشخص متعلق به وحده. بينما يعارض 90.4 بالمئة القول بإن من حق الزوج إجبار زوجته على ممارسة الجنس معه من دون موافقتها. ويوافق 73.8 على ضرورة وجود تربية جنسية في المدارس.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها