الخميس 2024/09/26

آخر تحديث: 14:36 (بيروت)

برجا قلب إقليم الخروب.. تحتضن القضية وآلاف النازحين

الخميس 2024/09/26
برجا قلب إقليم الخروب.. تحتضن القضية وآلاف النازحين
اعتادت برجا على احتضان الجنوب والقضية الفلسطينة وقدمت في سبيل ذلك تضحيات كبيرة (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
مقابل مبنى بلدية برجا، في قضاء الشوف، كانت سيدتان تتبادلان أطراف الحديث، أثناء توجههما إلى سيارتهما. تشي لهجتهما أنهما من غير أهالي برجا، التي تمتاز لهجتها عن سائر جاراتها خصوصاً ولبنان عموماً. هما وافدتان" نازحتان" إلى البلدة حديثاً بعد تهجيرهما من "باتوليه" إحدى قرى قضاء صور.
ورغم علقم النزوح، كانتا سعيدتان، بإيوائهما في أحدى المنازل كأفراد من عائلة برجاوية ساوتهما بنفسها، بعد معاناة رحلة الطريق، التي استمرت 13 ساعة. تزامن وجودهما على الطريق مع توافد أعداد كبيرة من النازحين، يدخلون إلى مبنى البلدية لتسجيل أسمائهم، لتحديد أماكن وجودهم، في مراكز النزوح التي فتحت في البلدة، وهي أكبر بلدات إقليم الخروب، في منطقة جبل لبنان.

تضاعف أعداد النازحين
النازحتان الجنوبيتان جزء من حوالى ثمانية آلاف شخص، مضى على وجودهم ثلاثة أيام في برجا. غالبيتهم يتوزعون على خمس مدارس رسمية، ومراكز جمعيات اجتماعية وصحية، وتبذل جهود لتأمين احتياجاتهم الكبيرة والمتنوعة، رغم ضعف إمكانات البلدية والجمعيات التكافلية.

بعد مشقة طويلة، تخللها رعب الغارات الإسرائيلية، على بلدات وقرى محيطة بالخط الساحلي بين صور وصيدا وصلت عائلة يوسف ب. المؤلفة من خمسة أفراد إلى برجا، التي سبق أن حلّ فيها نازحاً خلال حرب تموز 2006، حيث نسج فيها صداقات متينة من دون انقطاع.

المبادرات البلدية والأهلية التي امتازت فيها بلدة برجا، تجاه النازحين، كانت عينها في جاراتها جون وشحيم وجدرا والرميلة وسواها من قرى إقليم الخروب، الأقرب إلى جغرافية وأبناء الجنوب. ففي كل مركز إيواء وشقة ومنزل" ضيافة" في البلدة، حكايات قلق وخوف اصطحبها النازحون معهم. منهم من ترك خلفه جثامين أحبة وندوباً بالأجساد وجنى العمر، لكن من دون أن يلغي ذلك نفحة من إرادة العودة إلى بيوتهم وبلسمة قبور، من غابوا عنها قسراً.

شوارع برجا، لا سيما وسطها (ساحة العين) المكتظة أصلاً بالسكان والمحال التجارية، صارت أعداد الناس فيها مضاعفة ومتداخلة. واستنفرت البلدية إلى الحد الأقصى للقيام بما يترتب عليها من احتضان النازحين وتأمين سكنهم، رغم أنها لا تمتلك المقومات المالية والإغاثية الكافية، والمؤسسات الرعائية والإنسانية والفردية.

تحفيف معاناة النزوح
لم تخف مريم ف.، التي حلت في ضيافة إحدى العائلات البرجاوية، التي اعتادت نسج العلاقات الاجتماعية، كمهنة النسيج لدى المئات من أبنائها، الثناء على حفاوة الاستقبال. وقالت لـ"المدن": وصلنا إلى هنا، بعد معاناة على طريق صيدا- صور، دامت، أكثر من نصف نهار وقد تم استقبلنا أفضل ترحيب.

في مركز صغير للإيواء فتح أبوابه على عجل، أشار حسين ر. النازح مع عائلته من بلدة معركة، إلى أن معاناة النزوح، هي نوع من أنواع القهر. لكن أهلنا في هذه البلدة خففوا قليلاّ منها، نتيجة الاهتمام الزائد بنا. فبلدة برجا، التي تشكلت فيها خلية أزمة، برئاسة بلديتها، لم يقتصر دورها على استيعاب النازحين، بل كانت شريكة في الدم، حيث شيعت ثلاثة من  شهدائها، كانوا سقطوا في مجزرة الضاحية الجنوبية وهم تمام إبراهيم الدقدوقي وإبنته المهندسة رولا وزوجته فاطمة توبة.

امكانيات متواضعة
يرفض رئيس بلدية برجا العميد المتقاعد حسن سعد وصف أهالي الجنوب بالنازحين. ويقول لـ"المدن": هؤلاء وافدون إلى بلدتهم، التي اعتادت على احتضان ومؤازرة قضية الجنوب وفلسطين وقدمت في سبيل ذلك تضحيات كبيرة".
يضيف سعد أن ما نقوم به، رغم الإمكانات المادية المتواضعة جداً، هو أقل الواجب نحو أهلنا الوافدين، الذين قدموا ويقدمون التضحيات الجسام، من أرواحهم وأرزاقهم وجنى أعمارهم. ولفت إلى إن حوالي 8 آلاف وافد من بلدات وقرى الجنوب، موجودون حالياً على أرض برجا. وتم فتح أبواب خمس مدارس رسمية، التي تستوعب العدد الأكبر من أهلنا الوافدين إلينا، فيما الأعداد الاخرى منهم تتوزع على شقق ومنازل وفي بيوت عائلات برجاوية.

وأكد رئيس البلدية أن هناك حاجة ماسة وملحة للفرش والأغطية وأدوات التنظيف ووجبات الطعام، مضيفاً أن ما يتم تقديمه هو عبارة عن مبادرات أهلية وفردية، وهذا لا يكفي بالطبع. وناشد سعد الحكومة والهيئات الإغاثية بالمبادرة فوراً إلى دعم جهود البلدية وخلية الأزمة، لتخفيف المعاناة عن أهلنا الجنوبيين الوافدين إلى المنطقة ومنها برجا.

مبادرات أهلية
تحتضن جمعية النجدة الشعبية اللبنانية في مركز في البلدة، حوالي 35 عائلة من بلدات وقرى في منطقتي صور والنبطية. ويؤكد الدكتور مالك حدادة استيعاب اكثر من مئتي فرد في مبنى الجمعية، التي كانت استعدت لاستقبال النازحين من أهلنا في الجنوب. وتم تأمين امتعة ومستلزمات المنامة والحاجيات الضرورية الفردية، هذا فضلاً عن بعض وجبات الطعام من جمعيات وأفراد".

سارع تيار المستقبل في برجا، إلى فتح أبواب مستوصفه المغلق منذ فترة، وعمل القيمون عليه على تأهيل دورات المياه وغيرها من أعمال النظافة. ويشير محمد الحاج مسؤول التيار في برجا، إلى وجود حوالي 15 عائلة في المركز من بلدات عديدة، مضيفاً أن المبادرات تجاه النازحين، هي مبادرات أهلية وفردية حتى الساعة، والمطلوب تحرك أجهزة الدولة الرسمية، خصوصاً لناحية تأمين الفرش والمساعدات الغذائية وغيرهما.

على عجل، شكل عدد من الشبان في برجا إطاراً أطلقوا عليه "إيد بأيد" وبادروا إلى نشر إعلان على صفحات التواصل الاجتماعي، يدعو إلى المساعدة في دعم النازحين. وقال أحد المتطوعين إن العديد من السكان استجابوا سريعاً لندائنا بتقديم مواد عينية. ونحن نقوم بتوزيعها على أهلنا المتواجدين بين أهلهم في برجا. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها