الأربعاء 2024/06/26

آخر تحديث: 13:07 (بيروت)

تعذيب جندي بالجيش وفصله تعسّفياً: هل يتحرّك التفتيش القضائي؟

الأربعاء 2024/06/26
تعذيب جندي بالجيش وفصله تعسّفياً: هل يتحرّك التفتيش القضائي؟
تعذيب واحتجاز حرية وفصل تعسفي وانتهاك لحقوق الإنسان (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
ضرب وتعذيب واحتجاز حرية وفصل تعسفي وانتهاك لحقوق الإنسان، كل هذه الجرائم مورست من قبل الشرطة العسكرية في جبل لبنان بحق جندي بالجيش (ربيع زكريا) على خلفية حادثة تبادل مال مزور بقيمة 100 دولار متورّط بها زميل له.

قضية زكريا التي خرجت اليوم إلى العلن، وهو اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب الذي أقرته الأمم المتحدة في عام 1997، ليست الأولى من نوعها. فقضايا التعذيب تكاد لا تُعد لدى الأجهزة الأمنية، حتى أنها باتت جزءاً لا يتجزأ من إجراء التحقيقات. وحسب المحامي المتخصص في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان محمد صبلوح، فإن ثقافة العنف لدى الأجهزة العسكرية والقضائية باتت المسيطرة لانتزاع الاعترافات بالقوة.

قصة الجندي
بدأت القصة مع إبلاغ الجندي (المفصول حالياً) ربيع زكريا عن حادثة تبادل مال مزور بقيمة 100 دولار (المساعدة الشهرية) من قبل زميله، صودف أنه شقيق أحد المحققين في الشرطة العسكرية. ما انعكس على وضع الجندي، وسرعان ما تحوّل من مدّعي إلى مدّعى عليه. وليس هذا فحسب، بل إلى متهم محتجز من دون أي مسوّغ قانوني يتعرّض لشتى أنواع التعذيب دفعاً به للتراجع عن شكواه بحق زميله.

وحسب موكّل زكريا، المحامي صبلوح، فإن قائد الكتيبة المقدّم (الرائد سابقاً) أحمد عباس شهد على آثار التعذيب الجسدي بحق زكريا، وقد قام بتصويره لإثبات الواقعة، ثم استحصل على قرار بإحالته إلى المستشفى العسكري، حيث تمت معالجته وإصدار تقرير هو الأول من نوعه يوثق حالة التعذيب والتعرّض الجسدي.

ويقول زكريا إنه تعرّض للتعذيب لدى الشرطة العسكرية في جبل لبنان من قبل عريف بالجيش، وقد تم ضربه بالعصا الخاصة بالشرطة على كامل جسده، مع محاولة دفعه قسراً للتوقيع على تنازل عن قضية اتهام زميله.

ويؤكد محامي الجندي (المصروف تعسّفياً) أن زكريا واجه استجواباً عنيفاً وتعذيباً وإيذاءً جسدياً على يد عناصر الشرطة العسكرية. وشملت الانتهاكات تعصيب العينين وتكبيل الأيدي والحرمان من الطعام والماء والضرب المتكرر.

بعد تعرّضه للتعذيب، وعلى الرغم من الإبلاغ عن الانتهاكات، تم صرف الجندي من السلك العسكري تعسفياً. واستمرت عملية احتجازه.. فضاع حقه بالحصول على تعويض، بعد خدمة دامت على مدى 18 عاماً، وانتهى به الأمر في السجن.

انتهاكات صارخة
قضية الجندي التي وثقها مركز سيدار للدراسات القانونية، تسلط الضوء على الانتهاكات الصارخة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما أن الإجراءات المتخذة ضد زكريا تتعارض مع قانون معاقبة التعذيب اللبناني رقم 65/2017، وتظهر خرقاً واضحاً للمادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني.

وإذ يكشف صبلوح بأن زكريا يتعرّض يومياً لضغوط من الشرطة العسكرية لسحب شكوى التعذيب، مقابل أن يتم إطلاق سراحه، يؤكد توجّهه إلى التقدم بشكوى أمام التفتيش القضائي بحق مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الرئيس فادي عقيقي، الذي يعمد إلى "تنويم" العشرات من ملفات التعذيب.

وعلى الرغم من الإصلاحات القانونية، لا يزال التطبيق العملي لكل من المادة 47 المعدلة من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني، والقانون رقم 65/2017، يمثل تحدياً في لبنان. وعلى الرغم من مرور أكثر من خمس سنوات على صدور قانون مناهضة التعذيب، إلا أن السلطات لم تنفذه بالكامل بعد.

ويعدّد مركز سيدار الإنتهاكات بحق زكريا، وتتمثل بانتهاك القانون اللبناني رقم 65/2017، المادة 5 (انتهاك في حمايته كمشتكٍ)، وقانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني، المادتان 15 و47 (حين حُرم زكريا من التمثيل القانوني في 31 آب 2022) واتفاقية مناهضة التعذيب، المواد 2 و4 و13 و16 (الفشل في منع التعذيب وضمان المساءلة وحمايته كمشتكٍ) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المواد 7 و9 و14 (إذ تم انتهاك حظر التعذيب، والحق في الحرية والأمن، والحق في محاكمة عادلة). كما يأتي الاحتجاز التعسفي للجندي في إطار الحرمان من الحرية، الناتج عن ممارسة الحقوق أو الحريات الأساسية، وعدم مراعاة المعايير الدولية المتعلقة بالحق في محاكمة عادلة والحرمان من الحرية لأسباب تمييزية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها