الخميس 2024/05/30

آخر تحديث: 12:58 (بيروت)

مجدل زون جارة المنصوري: فاجعة الطفولة المقتولة

الخميس 2024/05/30
مجدل زون جارة المنصوري: فاجعة الطفولة المقتولة
عادت مجدل زون في "حرب الإشغال والإسناد" إلى قلب الحدث اليومي (Getty)
increase حجم الخط decrease
كانت بلدة مجدل زون، قبل العام ألفين، خط تماس مع المناطق المحتلة، أو ما كان يُعرف بـ"الشريط الحدودي". هذه البلدة، المتربعة على تل يشرف على ساحل صور من جهة، ووادي حسن الذي يفصلها عن الجبين وشيحين وطيرحرفا من جهة ثانية، عادت في "حرب الإشغال والإسناد" إلى قلب الحدث اليومي، المتصل بالاعتداءات الإسرائيلية والغارات الحربية التي تستهدف منازل البلدة، التي لا تبعد أكثر من سبعة كيلومترات عن الحدود اللبنانية الفلسطينية.

عائلة الدر
فبلدة مجدل زون، جارة المنصوري، التي تحتضن في بيوتها ومنازلها مئات العائلات النازحة، غالبيتهم من مجدل زون، ترك فيها العدوان الإسرائيلي المستمر بصمة حزينة وموجعة ومؤلمة، وهي استشهاد الطفلة أمل حسين الدر، والسيدة خديجة سلمان والشهيد مصطفى حسين سلمان، "مقتفي الأثر". كذلك نزوح أكثر من تسعين بالمئة من أبنائها إلى مناطق صور وبيروت.

يتنوع مصدر عيش أبناء مجدل زون، التابعة لقضاء صور، والتي يزيد عددهم على الأربعة آلاف نسمة. فالغالبية المقيمة في البلدة، يعتمد في معيشته على قطاع الزراعة والثروة الحيوانية والأعمال الفردية. في حين أن حوالى عشرين بالمئة من أهلها طرقوا في مراحل مختلفة أبواب الهجرة إلى بلاد العالم، وخصوصاً أوروبا. وهؤلاء يساهمون بطريقة مباشرة وغير مباشرة في دعم عائلاتهم وتحسين قريتهم، التي يوجد على أرضها آثار رومانية، عبارة عن أعمدة ومجسمات حجرية ومغاور طبيعية.

لم يبق في مجدل زون، التي دفعت خلال مسيرتها عشرات الشهداء، قبل التحرير وبعده، سوى عدد قليل من عائلاتها في بعض الأحياء، ومن ضمنهم عائلة المختار كمال سعيد، حيث فضلت هذه العائلات البقاء والصمود، رغم كل انواع الغارات والقصف، على النزوح وما يحمله من معاناة ووجع الابتعاد على ديارهم.

وإلى جانب شهدائها الثلاثة والعديد من الجرحى، خسرت هذه البلدة، الكثير من منازلها، فتحولت إلى ركام وأطلال، وإتلاف مواسمها الزراعية، لا سيما الزيتون، وعدم التمكن من زراعة موسم التبغ.

المختار الصامد
ووفق مقولة شعبية "الإنسان ما بيساعو إلا بيتو"، فضل المختار كمال سعيد، عدم ترك البلدة إلى جانب عائلات أخرى لا تتجاوز العشرين، يبتاعون حاجياتهم من المنصوري وصور. فيما يتردد إليها الكثير من العائلات، من دون الإستقرار فيها، خصوصاً بعد استشهاد الطفلة أمل الدر، التي كانت في زيارة إلى بلدتها، من مكان نزوحها.

يقول المختار سعيد، إن العائلات النازحة توزعت على المنصوري وطورا والخرايب وصولاً إلى بيروت، حيث استأجر غالبيتهم منازل، يدفع بدلاتها المالية حزب الله.

ويضيف المختار سعيد لـ"المدن"، أن مجدل زون بلدة زراعية، يعتمد مئات العائلات المقيمة فيها على زراعة التبغ والزيتون والقمح، وتربية المواشي والنحل، فيما يوجد أكثر من مئة عائلة في ألمانيا وحدها.

وحول الأضرار بالمنازل والبنية التحتية جراء العدوان الإسرائيلي، يشير سعيد إلى تدمير أكثر من 15 مبنى، وكثير منها يتألف من طبقتين أو ثلاث، وتضرر منازل أخرى بنسب مختلفة، متمنياً أن تضع الحرب أوزارها، وعودة كل الأهالي إلى بيوتهم وممتلكاتهم وزرعهم.

جد أمل
كل الخسارات تبقى قليلة وتعوض أمام خسارة جعفر العبد الدر حفيدته التلميذة المجتهدة أمل الدر وآخرين من قريتها.

يؤكد الجد، وهو مربي مواشي ويعمل في قطاع البناء، وقد نزح مع عائلته من مجدل زون إلى منطقة البرج الشمالي، أنه –عدا فاجعة الموت التي أصابت عائلته- اضطر بسبب الحرب والاعتداءات الإسرائيلية على البلدة وجوارها، إلى بيع قطيع الاغنام الذي يملكه، وهو مؤلف من 300 رأس، بسعر 130 دولاراً للرأس الواحد، بينما سعره الواقعي والحقيقي يفوق 250 دولاراً. والأمر نفسه بالنسبة للماعز والأبقار، التي كان يمتلكها.

وأشار الدر لـ"المدن"، أن خسائره امتدت إلى مزرعة دواجن، وتدمير منزله جزئياً وآليات خاصة بأعمال البناء.

الحاج علي
إلى جانب وظيفته، كان عدنان الحاج علي يؤمن معيشة عائلته من زراعة التبغ والزيتون .

ويلفت الحاج علي، الذي نزح إلى جارتهم بلدة المنصوري، أنه كان يزرع حوالى 25 دونماً بالتبغ. ومع بدايات الحرب، جهز الأرض والمشاتل لزراعة هذا الموسم. لكن حجم الاعتداءات الإسرائيلية على البلدة حال دون الاستمرار في متابعة زراعة الأرض. كما أن موسم الزيتون، "الذي كنت أعتمد عليه، لم نستطع قطفه نهائياً الموسم الماضي، فيما أصبح الموسم الحالي على الأبواب، ولا نعرف إلى الآن متى سيتوقف هذا العدوان والبعد القسري عن بلدتنا، التي لا بديل على دفئها".

المنصوري تحتضن
تتشارك بلدتا المنصوري ومجدل زون في كثير من نواحي الحياة، تفصلهما منطقة المشاع، التي تحولت إلى قرية صغيرة يقيم فيها أهالٍ من البلدتين. وتعرضت هذه المنطقة لغارات عديدة، أدت إلى تدمير وتضرر منازل. وشهد مدخلها الغربي الرئيسي، قبل أيام، غارتين بمسيّرات إسرائيلية استهدفتا دراجتين ناريتين، أدت إحداها إلى استشهاد إبن دير قانون- راس العين، قاسم عفيف سقلاوي، نعاه حزب الله "شهيداً على طريق القدس".

ويلفت مختار المنصوري حسين مديحلي لـ"المدن"، إلى أن منزلين في البلدة دمرا تدميراً كاملاً. مضيفاً أن أكثر من خمسين عائلة من جيراننا وأهلنا في مجدل زون نزحت إلى المنصوري، التي استقبلتهم في بيوتها كضيوف، بينما استأجر بعضهم منازل أخرى.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها