أسوة بما حصل في قطاع التعليم الخاص، ينطلق التعليم الرسمي يوم الإثنين المقبل وسط بلبلة لا يمكن تصنيفها بأنها تعبر عن فديرالية التعليم بقدر ما هي فوضى. حتى وزارة التربية نفسها اعتبرت في بيان إطلاق العام الدراسي أن خطتها "مرنة في التطبيق". أي أنها تريد إطلاق العام الدراسي وكل منطقة ترى ما يناسبها في كيفية التدريس من عدمه.
التأجيل بقوة الشارع؟
رفض وزير التربية عباس الحلبي مطلب روابط المعلمين بالتأجيل. ومساء أمس عممت وزارة التربية التدابير الواجب اعتمادها لتحديد مسارات التدريس وقررت إطلاق العام الدراسي يوم الإثنين. ووفق التعميم قسمت المدارس بين تلك الواقعة في المناطق الآمنة، حيث يعتمد التعليم الحضوري، والمناطق غير الآمنة حيث يعتمد التعليم من بعد. على أن التدريس سيكون لمدة ثلاثة أيام لكل مجموعة من الطلاب بمعدل 21 حصة في الأسبوع في المدارس الرسمية غير المعتمدة كمراكز إيواء. وفي المدارس الخاصة التي ستستخدمها الوزارة بعد الظهر لتعليم طلاب الرسمي يكون التعليم لخمسة أيام بمعدل أربع حصص يومياً.
روابط المعلمين رفضت قرار الوزارة، وذهبت نحو التأجيل بحكم الأمر الواقع وقوة الشارع. فبعد بيان رابطة أساتذة التعليم الثانوي مساء أمس الداعي للتأجيل، صدر اليوم بيان عن رابطة التعليم الأساسي يدعو أيضاً للتأجيل. رابطة الثانوي دعت إلى تأجيل إطلاق العام الدراسي لأسبوعين لبحث الخطة التي تفتقر إلى آلية واضحة للتنفيذ. ودعت مدراء المدارس إلى التروّي وعدم الضغط على الأساتذة في حال لم يستجب الوزير الى تأجيل بداية العام الدراسي. وكذلك فعلت رابطة التعليم الأساسي التي دعت للتأجيل التقني لحسن تنفيذ الخطة. فهذا التأجيل التقني ضروري لحل المشاكل الكثيرة التي لم تتداركها الوزارة عندما وضعت الخطة.
ووصفت الرابطة الخطة بأنها تحتوي على ثغرات وعقبات يجب تذليلها لضمان نجاح ما تيسر من العام الدراسي، مثنية على قرار الوزارة السماح للمدارس المقفلة بالتعليم من بعد. وطالبت بالسماح للمدارس التي تحولت إلى مراكز ايواء بالتدريس الحضوري أو من بعد، تماماً كما سمحت الوزارة للمدارس الخاصة سابقاً.
التعليم بعدد قليل من المدارس
سياسياً، الطائفة الشيعية موحدة خلف مطلب التأجيل، لكن هذا لا يعني أن باقي الطوائف تقف متراصة مع بدء التدريس. فليس كل المناطق السنية راضية على قرار الوزارة ولا كل المسيحيين يطالبون ببدء التدريس. بل تختلف الآراء بحسب كل منطقة وبحسب مرحلة التعليم أيضاً. وقد تواصلت "المدن" مع أساتذة من مختلف المناطق ليتبين أن الانقسام الأساسي هو مناطقي بين المناطق "الآمنة" والمناطق غير "الآمنة". فسنة البقاع الأوسط مثلهم مثل الشيعة يرغبون بالتأجيل، لا سيما أن غالبية المدارس تستخدم كمراكز إيواء، فيما في طرابلس ثمة تباين بين التعليم الأساسي المطالب بالتأجيل فيما التعليم الثانوي يعمل لبدء التدريس. وهذا يسري على مناطق أخرى أيضاً. ذاك أن واقع النزوح أدى إلى إقفال مدارس في مناطق معينة لاستخدامها للإيواء، فيما بقيت مدارس في مناطق مجاورة خالية من النازحين. وبات على الطلاب والأساتذة النزوح للمنطقة الأخرى طلباً للعلم والتعليم.
واقع الحال يوم الإثنين المقبل، في حال لم يؤجل الوزير عباس الحلبي إطلاق العام الدراسي، فإن جزءاً كبيراً من الطلاب لن يتمكن من التعليم لا من بعد ولا حضورياً، مقابل جزء قليل ستتوفر له مدارس تفتح أبوابها، كما قالت مصادر نقابية.
وتضيف المصادر، هناك مدارس معدودة على أصابع اليدين تستطيع فتح أبوابها لمجاراة وزارة التربية في بدء التدريس. غير ذلك ثمة فوضى عارمة تستدعي التأجيل، لا سيما أن الوزارة استفاقت على العديد من الثغرات من خلال الملاحظات التي وصلت من مدراء المدارس.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها