الأحد 2023/07/23

آخر تحديث: 14:28 (بيروت)

"النوادي العلمانية" ومهمة تحرير المجالس الطلابية بالجامعة اللبنانية

الأحد 2023/07/23
"النوادي العلمانية" ومهمة تحرير المجالس الطلابية بالجامعة اللبنانية
يقيم النادي العلماني ندوات وحلقات حواريّة مستمرة حول معضلات الجامعة اللبنانية وطلابها (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
الحال، أنها وعلى غرار سائر المرافق العامة المُتهالكة في لبنان، بات جليًّا تسلل الرثاثة على الجامعة اللبنانيّة-الوطنيّة. ولا نقصد بالرثاثة هنا تحولها فقط إلى عمران قديم، حيث يبدو كل حرمٍ ومبنى بالجامعة أشبه ببيتٍ قديم هجره أصحابه، ولا حتّى خشبيّة المناهج وتخلفها عن ركب الحداثة والتّطور الحاصلين في العالم المُعاصر. بل تحديدًا نقصد المصير الحتميّ المتربص بها، مصدره السّياسة الرثّة، التي جعلتها على ما هي عليه اليوم: كادرٌ أكاديميٌّ مُفقر بغالبيته، ومُشتت. قدرة تشغيليّة مُنعدمة. موظفون مفلسون. وطلاب فاقدون لآخر فرصهم بالتمتع بحقّهم اللصيق بالتّعليم شبه المجانيّ. ومن جملة الإشكاليات، تبرز معضلة مجالس الطلاب غير الشرعية والممدد لها منذ أكثر من إثني عشر عامًا من دون أي مسوّغ قانوني، بل بتجاوز واضح لنظام الجامعة اللبنانية الداخليّ.

المجالس الطلابيّة
فيما تُشكل الجامعة اللبنانيّة أحد أكبر الصروح التعليميّة والشبابيّة في لبنان، يبدو مستهجنًا ألا يحظى هذا الصرح بفرصة للتغيير. وبينما تُلام عادةً الميزانيّة الحكوميّة المُجحفة التّي تمول الجامعة، فإن جزءًا لا يُستهان به من اللوم يقع أيضًا على واقع غياب العين المراقبة والنّاهية لأي تجاوز. أهمها "المجالس الطلابيّة" المُنبثقة من انتخابات طلابيّة ديمقراطيّة من المفترض أن تعكس مزاج وطبيعة الدولة التّي تديرها. لكن الواقع يختلف كليًّا عن ذلك، فمجالس الطلاب الحاليّة في الجامعة اللبنانية، لم تُجدد أو يُعاد انتخابها كما ينصّ القانون، وتحت حجج غير منطقيّة.

حدث هذا منذ إصدار رئيس الجامعة اللبنانيّة الأسبق زهير شكر، في العام الدراسي 2008 – 2009، قراراً قضى بتأجيل الانتخابات لمجالس الطلاب "تجنّباً لجعل وحدات الجامعة اللبنانية وفروعها ساحات اختبار في ظل أجواء طلابية متشنّجة". بينما كان لبنان مقبلاً على الانتخابات البرلمانية الحاسمة والشرسة على كافة الصعد وقتها. وبانتهاء ولاية الرئيس شكر وصولاً إلى الرئيس الحالي بسام بدران، لم يتم تنظيم انتخابات طلابية على مدى 15 عامًا، وبالتّالي تمت مصادرة القرار الطلابي لصالح الصيغة الفضائحية المعتمدة وهي "درأ الفتنة".

اللحظة المفصليّة التّي طرأت على هذا الواقع كان دخول النوادي العلمانيّة، التّي شحنت العصب الطلابي لمدّة وجيزة، لكن سرعان ما عاد هذا الجمود إلى الواجهة مسقطًا أي نية للتجديد في هذه الجامعة المنهارة. وعليه، يبدو أن النادي العلماني في الجامعة (LU Secular club) يُحاول منذ مدّة تدارك هذا الوضع، بإقامة ندوات وحلقات حواريّة مستمرة للتباحث بهذا الشّأن تحديدًا. والتّي تناولت كل ما ذكر آنفًا وآخرها كان مساء الأمس 22 تموز الجاري، فيما حملت الجلسة الحواريّة المفتوحة عنوان "انتخابات المجالس الطلابية غائبة والانتهاكات مستمرة"، شارك فيها كل من الأساتذة في الجامعة اللبنانيّة: د. باسل صالح، د. يوسف زيتون، د. وفاء نون، د. إياد زعرور، وسط حضور أكاديميّ وطلابيّ وشبابيّ.

حلقة حواريّة
وهدفت الجلسة التّي عُقدت في منطقة السيوفي -الأشرفيّة للتباحث بموضوع المجالس الطلابيّة "وضرورة إقامة انتخابات ديمقراطيّة ونزيهة، للتخلص من هيمنة الأحزاب على العمل الطلابي في الجامعة، الأمر المفروض على طلابها منذ عام 2008. وتحدث كل من الأساتذة الحاضرين عن هذا الدور، فيما تمّ التّعريج على وضع الجامعة بكادرها التعليميّ والأكاديميّ وتشرذم هؤلاء بسبب السّياسات الرسميّة المُجحفة بحقّهم. كما تمّ التعريج على ملف أموال الـ"بي سي آر" التّي لا تزال مُحتجزة بغالبيتها لدى شركات الطيران (52 مليون دولار أميركي)، فيما الجزء الآخر الذي استحصلت عليه الجامعة، غير معروف مصيره. وأشار كل من الأساتذة الحاضرين للمشاكل التّي تعترض هذا الملف، فضلاً عن الحلول والتوصيات. هذا كما يُشير الناشط جمال الرمح، إحدى المنظمين للحلقة الحواريّة.

يُلخص أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية باسل صالح ما جاء بالحلقة لـ"المدن" قائلاً: "في الحالة الطبيعة يجب أن يكون هناك تمثيل طلابيّ بما يتبع ذلك من تحقيق نوع من العدالة والحماية للطلاب. فالمؤسسة ليس فيها أي تمثيل طلابي منذ سنوات، ومسألة مصادرة الانتخابات الطلابيّة هو مشروع استُكمل بمصادرة كل الأعمال النقابيّة في الجامعة اللبنانيّة، ليس آخرها رابطة الأساتذة المتفرغين التي تم تفريغها من مضمونها، وها هي اليوم بيد السلطة وأحزابها ورئاسة الجامعة بالكامل، بعد انتخابات شهدت نوعا من المقاطعة لناحية الترشح والترشيح والانتخاب، ونتج عنها عدد كبير من المندوبين فازوا بالتزكية. هذا كلّه يندرج ضمن سياق واحد، وهو ضرب الأطر النقابيّة كافة، وضرب الثقة بهذه الأطر وأعمالها، واستكمال الهجمة على المجتمع، وبالتّالي ضرب الدفاعات الأولى عن الطلاب والموظفين والعمال بوجه أي سياسات منفردة بالقرار (كما الحال اليوم في الجامعة). ومن هنا تنبثق الضرورة لمواجهة هذا الواقع. الأمر الذي قد يحمل جانبًا من الصعوبة المضاعفة، خصوصاً أن مختلف القطاعات الانتاجيّة، مأزومة. كما تتجلى هذه الصعوبة في غياب أي حركة تغييرية شاملة، تكون بمثابة مشروع بديل كامل تتفرع عنه كل آليات العمل النقابي".

مستحقات الكادر البشريّ
وعلى صعيد آخر، يستمر سجال الإنتاجيّة بين رئاسة الجامعة والكادر التعليمي، فيما بدأ يتأجج الشرخ بين الأخير والموظفين والمدربين الذين أعلنوا الإضراب منذ نحو الأربعة أيام (راجع "المدن"). كذلك تأججت حالة الغضب العامة في صفوف الأساتذة ذلك بعد عرض وزارة التربيّة والتعليم العالي على مجلس الوزراء مقترح الموافقة على استثناء الأساتذة في الملاك التعليمي للجامعة اللبنانيّة وللمتعاقدين المتفرغين للتدريس فيها، ولأفراد الهيئة التعليمية في الملاكات التعليمية الرسمية، من موجب الحضور لأربعة عشر يومًأ في الأشهر كافةً من أشهر السنة لاستحقاق التعويض المؤقت، وبالتالي استحقاقه لهم عن كامل فترة العطلة الصيفية المدرسيّة أو الجامعيّة، وعن كل أشهر التدريس في كل عام دراسي أو جامعي، ما لم يتخط غيابهم غير المبرر خلاله ثلث أيام الدوام الرسمي المطلوب إبانه. والموافقة عليه. ما يعني أن كل أستاذ شارك في الإضراب أو امتنع قسرًا عن العودة للتدريس بسبب أوضاعهم المعيشيّة سيحرم من مستحقاته.

واليوم وفيما تلفظ الجامعة اللبنانية تتمظهر الحاجة لحلول طارئة، وجذريّة وسط حفل الفوضى القائم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها