ليلة بألف ليلة بالدوحة: احتفالية اليوم الوطني وأبطال العالم

النصر ساعة والفرحة كل العمر. هذه العبارة تلخص الساعات التي تلت تتويج المنتخب الأرجنتيني بكأس العالم لكرة القدم 2022. هي الفرحة العامرة التي غمرت المشجعين الأرجنتينيين الحاضرين في استاد لوسيل، عند فوز فريقهم وتتويجه، وجعلتهم يتغاضون عن الدعوة التي أطلقها مقدم الحفل الختامي للتوجه إلى بولفارد لوسيل والمشاركة في الاحتفال باليوم الوطني لدولة قطر المقام هناك، رغبة منهم في اقتناص اللحظات مع منتخبهم الفائز. وسعى بعضهم للنزول إلى أرض الملعب ليكون أقرب ما يكون من أبطاله لكنه لم يفلح بمحاولاته، فما كان منهم في النهاية إلا أن توجهوا إلى البولفارد حيث كانت فرصتهم الأخيرة لتحية عن قرب لفريقهم البطل يرفع كأس العالم عاليًا.

"شارع الأحلام"
بين المباراة وحفل التتويج الذي اختتم قرابة الساعة 11 قبيل منتصف الليل في الاستاد، وبين انطلاق الموكب انتظر الناس على جانبي الطريق في "شارع الأحلام"، كما تسميه الجماهير، من دون كلل أو ملل، بدء الكرنفال الاحتفالي. تجمهروا في خطين متقابلين واعتلوا كل ما يمكن أن يرفعهم قليلًا ليتمكنوا من مشاهدة الموكب، وحمل الأهل صغارهم على الأكتاف، بينما اخترق من يستطيع منهم الصفوف الأمامية ليندس بين الكبار ممن يحجبون الرؤية عنهم. وطغى اللون الأزرق على المكان، واحتلت الأرجنتين الشاشات العملاقة الثلاثية الأبعاد المنتشرة على زوايا مباني الشارع.

عند الساعة الواحدة إلا ربع فجرًا بدأ المسير بموكب الجِمال، تلاه مرور الفرقة العسكرية والموسيقيين. وعلى وقع الألعاب النارية التي زينت سماء المنطقة راسمة البهجة في قلوب الحاضرين، انطلق موكب النصر واخترقت حافلة "الأبطال" بولفارد لوسيل الممتد بطول 1.3 كلم، يتقدمها موكب الخيالة في مشهد يوازي استقبال الملوك في الأساطير، وبدأت الجماهير بالهتاف للاعبين والتلويح لهم، في مشهد كان فريدًا من نوعه، حيث تعتبر هذه المرة الأولى التي يُنظم موكب تكريم للفائزين في البلد المضيف وسط مشجعيهم.

20 ألف متطوع
وفي مشهد احتفالي، اصطف اللاعبون على ظهر الحافلة المكشوفة وقد زينت الميداليات أعناقهم وحملوا أعلام بلدهم، وأخذوا يتناقلون الكأس "الحلم" بين أيديهم يلوحون بها لجماهيرهم. وقد حملت الحافلة من الجانبين عبارة "الأبطال"، واكتست بألوان المنتخب الأرجنتيني الزرقاء والبيضاء والأعلام الأرجنتينية بشمسها الساطعة. وما إن بدأت الحافلة تتحرك حتى بدأت الجماهير بالتحرك معها لالتقاط الصور لأجمل اللحظات وتحية أبطال التانغو.

العرض المميز الذي تتضمن فقرات موسيقية، تضمن أيضًا مرور مسيرة للقمصان التي شاركت في كأس العالم قطر 2022، وفرق موسيقية من دول مختلفة، بالإضافة إلى مشاركة فرق من المتطوعين الذين يمثلون عينة صغيرة من 20 ألف متطوع شاركوا في كأس العالم، وكذلك الطواقم الطبية. وكان ختامها مع مسيرة السيارات الكلاسيكية التي جابت شوارع لوسيل وحملت الأعلام القطرية والأرجنتينية.

إلى الثالثة فجراً
ومع اختتام الموكب لم ينته الاحتفال حيث واصلت الجماهير احتفالية الفرح حتى قرابة الثالثة فجرًا على وقع أغاني المونديال التي كانت تصدح في أنحاء البولفارد، ملوحين بالأعلام والرايات القطرية والأرجنتينية وتلك المزينة بصور مارادونا وميسي.

مرّت ليلة نهائي المونديال، وتُوّج الفائز بجدارة، ومرّ موكب النصر، وتَوَّجت قطر سنوات من الجهد والتحضيرات بفخر وعزّ ونصر من نوع آخر. فالنصر الذي حققه المنتخب الأرجنتيني لبلاده بالفوز بكأس العالم، فيفا قطر 2022، يكاد يوازيه الفوز الذي حققته قطر مثبتة للعالم أنها نجحت بتنظيم بطولة لم يسبق لها مثيل، وتوجتها باحتفال مميز بيومها الوطني الذي يصادف في 18 كانون الأول، وهذا العام كان يومًا وطنيًا بمشاركة عالمية وعلى أنغام النصر الأرجنتينية في ليلة بألف ليلة.