وطلب سحب الجنسية، على بديهيته عند جماعات هوياتية، كجماهير الأندية، يبدو في هذه الحالة مبالغة لا قيمة لها. فاللاعب، الذي "لم يفد لبنان بشيء"، وفق بعض من جمهور الحكمة لأنه "لم يلعب لمنتخب لبنان"، كما أنه "لا يلعب مجاناً"، الأرجح أنه لم يستفد من جنسيته الثانية شيئاً يستحق الذكر. وهو المتزوج من لبنانية، لا يحق لها بالقانون التمييزي الموجود أن تمنح جنسيتها لزوجها أو أولادها. وقد حصّل هذا الاستثناء، مع عشرات آخرين، في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان.
على أن هذه المبالغة، تكتسب معناها في المركب السائد لموضعة الغرباء والاستنفاع منهم. وهذا ما لا تبدو التركيبة الاجتماعية/ السياسية الغالبة في جمهور الحكمة بعيدة منه، بل تستكمل سياقاً تاريخياً. عليه، ليس مقبولاً في الفهم الهوياتي للرياضة أن يرفع لاعب مصري، "لحم كتافه من خير الحكمة"، وهو أول فريق استقدمه إلى لبنان، اصبعه الوسطى، على ما قيل من دون اثبات واضح إلى الآن، في وجه جماهير لبنانية تشجع فريقاً لبنانياً على أرض لبنانية.
ولا يعود العقاب الرياضي، أي تسجيل مخالفة ضد أحمد في أرض الملعب أو خارجه، نافعاً. هكذا، لو رفع أمير سعود، وهو لاعب لبناني في الرياضي، الاصبع نفسها لكانت المسألة أقل مرارة وقسوة، وإن كان سعود لا يلعب بالمجان أيضاً. وربط الهوية بالمال، في كل الأحوال، ليس مما لا قيمة له.
الحال أن هذا الموقف لا يعبر عن مأزق جماهير الحكمة، أو بعضها على الأقل، مع فريقها المتأزم منذ سنوات فحسب، بل عن مأزق هوية لا تقوم إلا على تراتب للمكانات وتأكيد امتيازات متخيلة. وهذه هي الرياضة في بعدها الأولي أو المحلي. وهذا، من بين أشياء، ما يمكن أن يفسر انشداد كتل بشرية إلى فريق دون غيره.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها