السبت 2015/01/03

آخر تحديث: 15:30 (بيروت)

طرابلس.. مكتبة السائح أفضل مما كانت

السبت 2015/01/03
طرابلس.. مكتبة السائح أفضل مما كانت
منذ اللحظة الأولى لإندلاع الحريق، رفض الأب سروج توجيه أصابع الإتهام لأحد في المدينة (getty)
increase حجم الخط decrease
لم يكن أحد يتوقع أن تفضي شرارة الإعتداء على مكتبة السائح التاريخية في طرابلس، إلى تأسيس أكبر تحرك تطوعي شبابي في المدينة. خابت آمال المعتدين، ولم يحتل اليأس موقعاً في قلوب الطرابلسيين. هدف الإعتداء على مكتبة الأب إبراهيم سروج في أسواق طرابلس الداخلية القديمة، إلى زعزعة التماسك بين مختلف مكونات المدينة، لكن الحال في طرابلس قبل وقوع الحادثة، ليس كما بعدها. 


بعيد إحراق المكتبة في 3 كانون الثاني 2014 تداعى عدد من النشطاء وأسسوا صفحة على "فايسبوك" حملت اسم "كفانا صمتاً". دعا هؤلاء أبناء المدينة إلى الوقوف معاً، يداً بيد، لإعادة المكتبة أفضل مما كانت. نفذوا مساء اليوم التالي إعتصاماً أمام المكتبة، جمعوا خلاله عدداً من التبرعات. وأعلنوا عن حاجتهم لنحو 31 ألف دولار أميركي لترميم المكتبة. فأسسوا موقعاً على الانترنت، يسمح للجميع بتقديم التبرعات والمساهمات المالية من مختلف دول العالم، حتى وصل الرقم الذي جمعه شبان الحملة إلى 33808 دولارا.

بعد جمع الأموال باشر الشبان العمل. فمن يدخل مكتبة السائح اليوم يسهل عليه ملاحظة التغيرات الكثيرة فيها. أزيلت آثار الحريق. أعيد ترميم سقفها، وقناطرها الحجرية دهنت بطلاء أبيض. أرضها رُصفت بالبلاط. استبدلت الرفوف القديمة المهترئة بأخرى بيضاء أيضاً. وأعاد شبان الحملة، بالتعاون مع الأب سروج، ترتيب الكتب فيها وفق تسلسلها الرقمي. وُضع فيها مكتب خشبي، وعليه حاسوب جديد أدخلت اليه كافة المعلومات الرقمية التي يحتاجها سروج خلال عمله. كما أُعيد وصل خطوط الكهرباء والهاتف، واستحدث حمام جديد فيها، فيما أبقى سروج على الباب الخشبي العتيق على حاله، نظراً لقيمته التاريخية.

منذ اللحظة الأولى لإندلاع الحريق، رفض الأب سروج توجيه أصابع الإتهام لأحد في المدينة. وهو بعد إعادة ترميمها بقي على مواقفه نفسها. يقول إن "اللبنانيين قوم لا يخافون الشر، فكل ما يحدث معنا نعمة من عند الرب. نشكره على كل حال، فحريق المكتبة وترميمها سيان بالنسبة لنا. حريقها قوانا، وترميمها أيضا". يضيف: "ربما نموت ويزول ذكرنا، ولن يزول ذكر حريق المكتبة. نرجو أن تستبدل ذكرى إحتراقها بذكرى إعادتها كما كانت. ونسأل الله أن يعف عن أهل المدينة وسكانها، حتى يدوم الأمن فيها ويستطيع شبابها الإلتفات إلى أمور أكثر أهمية، تسمح لهم بالوقوف بوجه السلطة السياسية الفاسدة التي تتحكم بمصيرهم ومستقبلهم". ومن جهته شدد أحد مؤسسي حملة "كفانا صمتاً" معتز سلوم على أن "تعب المتطوعين في سبيل المحافظة على مكتبة السائح، سيزول في اللحظة التي سنفتتح فيها المكتبة من جديد، وسنلمس لمس اليد إنجازنا الحقيقي".

عام مرّ على إحتراق مكتبة السائح. اليوم يحتفل الطرابلسيون عامة، والمتطوعون في حملة "كفانا صمتاً" خاصة، بما أنجزوه في وحدتهم. في السابعة من مساء اليوم، يفتتح الطرابلسيون المكتبة بحلة جديدة. وتعرض حملة "كفانا صمتاً" فيلماً قصيراً يعيد إلى ذاكرة المتطوعين أوقاتاً جميلة قضوها في العمل، وهو من أعداد وأخراج المتطوعتين ليدا كبارة وجيسيكا طاعوم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها